مطالب متباينة لأطراف الأزمة اليمنية من مؤتمر جنيف تؤخر الحل السياسي

عربي ودولي

بوابة الفجر

يكتسب مؤتمر جنيف والذي يُعقد في الرابع عشر من يونيو الجاري بين أطراف الأزمة اليمنية أهمية كبيرة في ضوء عدة اعتبارات، أولها: قبول جميع أطراف الأزمة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة لمؤتمر يعقد في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة بصفتها المنظمة التي تمثل شعوب العالم. 

ثانيها: يأتي هذا المؤتمر بعد جهود سياسية ودبلوماسية بذلتها سلطنة عمان مع وفد من الحوثيين الذين زاروا السلطنة في إطار التواصل مع كافة الأطراف السياسية وتباحثوا مع "أطراف دولية وإقليمية" سبل الحل السياسي للأزمة في اليمن، وقد أشارت تقارير دولية إلى قدرة سلطنة عمان ونجاحها في إقناعهم بضرورة الحوار السياسي والجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل الحل.

وثالث الاعتبارات: التأكيد من قبل الحكومة اليمنية برئاسة خالد بحاح نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء أن مؤتمر جنيف هو للتشاور وليس للتفاوض، التشاور في آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216 وبالتالي استعادة السلطة الشرعية في اليمن.

أما آخر الاعتبارات: أن المؤتمر يجسد حالة من التوافق الإقليمي الذي يؤكد رغبته على التوصل لحل سياسي للأزمة في اليمن والحفاظ على وحدته، خاصة من جانب دول مجلس التعاون الخليجي في ظل التطورات المتسارعة للأزمة اليمنية وتداعياتها على الأمن والاستقرار في الخليج العربي.


من الواضح أن كل طرف من أطراف الأزمة اليمنية - وهم وفد الحكومة، وفد الحوثيين ومناصريه من أتباع علي عبد الله صالح، وبعض القوى الأخرى- يضع نصب عينيه تحقيق مصالحة ومكتسباته إلى أقصى قدر ممكن، وبالتالي فإن ما يحققه طرف يمثل خسارة للطرف الآخر ومن هنا لابد أن تكون استراتيجية التنازلات واضحة لوضع آفاق ممكنه لحل الأزمة في الأمد القصير المنظور وحتي لا تسير الأزمة اليمنية في نفس مسارات الأزمة السورية.

فالحكومة اليمنية الحالية التي تلقى الشرعية الدولية ترى أن المؤتمر هو للتشاور وأنه لا تفاوض إلا بعد انسحاب الحوثيين من صنعاء وتسليم السلاح, وان مقررات مؤتمر الرياض وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 هي أساس مفاوضات جنيف, كما أنها لا توافق على دعوة طهران لحضور المؤتمر باعتبار ذلك شأناً يمنياً بحتاً وعربياً فقط, في الوقت الذي تطالب بعض الدول الكبرى أن يُعقَد المؤتمر من دون شروط مسبقة.

أما وفد الحوثيين فيرى أن المؤتمر يمثل محطة دولية ضمن عدد من المحطات الأخرى اللاحقة التي تعمل على تحقيق مصالحه ويمثل إعترافاً دولياً بأهمية وجوده ضمن خريطة القوى السياسية في اليمن مستقبلاً ولا يقل أهمية عن شرعية وجود الحراك الجنوبي في اليمن.

بعبارة أخرى، يشكل غياب مرجعية واضحة لمؤتمر جنيف, وعدم وجود حد أدنى من الأسس المُتَفق عليها، حجر عثرة أمام تحقيق كل الطموح والآمال المعقودة على هذا المؤتمر من ناحية إحراز تقدم ملموس في سبيل الحل.

ونظرًا لارتباط ما يجري في اليمن من تطورات بمصالح إقليمية ودولية، فإنه يمكن القول أن مؤتمر جنيف قد يمثل البداية التي قد تطول نهايتها بشأن إمكانية الحل السياسي في اليمن في المرحلة الحالية, وذلك بسبب عدم وجود ضمانات لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 من قِبل الأمم المتحدة, أو من قِبل الدول الكبرى، والذي يقضي بالانسحاب الفوري لقوات الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي صالح من المناطق التي استولوا عليها وبتسليم أسلحتهم، والتوقف عن استخدام السلطات التي تندرج تحت سلطة الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، والدخول في مفاوضات بهدف التوصل إلى حل سلمي.

الأزمة في اليمن معقدة ومتشابكة بحكم تعدد قواها السياسية علي الأرض وهي : حزب المؤتمر الشعبي العام، وحركة انصار الله (الحوثيين)، والحراك الجنوبي، وحزب التجمع اليمني للاصلاح، والقوي السياسية الأخري والقاعدة.

ويمكن القول أن مؤتمر جنيف يُعد فرصة تاريخية لأن يعود اليمنيون، وخاصة الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي إلي طاولة الحوار و أن يجدوا لغة تنهي خلافاتهم واختلافاتهم وتضع حداً للحرب الطاحنة في اليمن، وأن يصلوا من خلال الحوار والتفاوض إلي تفاهمات وطنية في أسرع وقت ممكن للحفاظ علي ما تبقي من كيان ومؤسسات لليمن الوطن.