اعرفي فئتك الهرمونيّة والنظام الغذائي المناسب لك
تتدخّل بعض الهرمونات في عملية تنظيم الوزن والتحكّم في الشهية، ك “الأنسولين” الذي يفرزه البنكرياس، و”اللبتين” الذي تنتجه الخلايا الدهنية في الجسم، والهرمونات العصبية التي يضطلع بها الدماغ، والهرمونات التي تولّدها كلّ من الغدة الدرقية والغدتين الكظريتين.
وتفيد دراسات صادرة حديثاً عن “مراكز التحكّم والوقاية من الأمراض”Centers for Disease Control and Prevention (CDC) في الولايات المتحدة الأميركية باختلاف ردّ فعل الجسم على الغذاء من شخص إلى آخر، فالبعض معتاد على الإفراط في الطعام بدون أن يزيد وزنه غراماً واحداً، فيما البعض الآخر يعاني من زيادة في الوزن إثر تناول حبّة إضافية من الشوكولاته! ويعزو الباحثون الأمر إلى سببين: السبب الأول يتعلّق بالعامل الوراثي، فيما السبب الثاني يشمل الفئات الهرمونية التي تتحكّم في العادات الغذائية وأسلوب الحياة.
رئيس قسم الكيمياء الحيوية في كلية العلوم بجامعة الملك عبد العزيز بجدة الدكتور جلال أعظم جلال يطلعنا على مواصفات الفئات الهرمونية وبرامج التغذية المناسبة لكل نوع منها.
1- فئة الأنسولين: تشعر هذه الفئة بالجوع ما بين الوجبات، خصوصاً في فترة ما بعد الظهر. وفي هذا السياق، تثبت دراسات “منظمة السكري الأميركية”American Diabetes Association :
– أن الأفراد الذين يتمتعون بشهيّة جيّدة ويفرطون في تناول صنوف المأكولات المختلفة، يفضّلون إنهاء وجباتهم الرئيسة بتناول الأطعمة المحلاة والمواد السكرية.
– أن الأفراد الذين يفضّلون تناول الوجبات الخفيفة يميلون إلى تناول الأطعمة المحلاة بإفراط بين الوجبات الرئيسة، رغم أنهم لا يأكلون كميّات كبيرة من الطعام على الوجبات الرئيسة.
وتخلص هذه الدراسات إلى أن المنتمين إلى هذه الفئة غالباً ما يعانون من ضغط الدم المرتفع، ومعرّضون للإصابة بالسكري، كما تتركّز الكيلوغرامات الزائدة في القسم الأعلى من أجسامهم.
وتعزى زيادة الوزن لدى هذه الفئة إلى ما يسمّى بـ “مقاومة الأنسولين”، وهي حالة يضطر فيها البنكرياس إلى زيادة إنتاجه من هذا الهرمون لمواجهة الارتفاع المفاجئ في سكر الدم والناتج عن الإفراط في تناول الطعام والحلويات. وبدورها، ستعزّز هذه الزيادة في كميّة “الأنسولين” تخزين الدهون في الجسم على شكل دهون ثلاثية (تريغليسرايد)، ما يؤدي إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، كما أنها ستعوق الاستهلاك الطبيعي للدهون المختزنة مسبقاً في الخلايا الدهنية، مؤدّيةً في النهاية إلى زيادة الدهون الضارة والوزن. وتجدر الإشارة إلى أن كميّة “الأنسولين” التي يفرزها البنكرياس تتعلّق بطبيعة السكريات المتناولة، فبعض هذه الأخيرة يثير إفراز “الأنسولين” بكميّات كبيرة، وبعضها الآخر بكميات أقل، وذلك لاختلاف طبيعة السكريات ما بين سريعة أو بطيئة الهضم والاحتراق.
– الأطعمة الصديقة: ثمّة أطعمة صديقة للمنتمين إلى هذه الفئة، أبرزها:
اللحوم: تشمل اللحوم منزوعة الدسم والدواجن (باستثناء الإوز والبط الدسم) والأسماك وثمار البحر.
الخضر: تشمل جميع أنواع الخضر الورقية الطازجة كالسبانخ والبقدونس والجرجير والفجل والملفوف والقرنبيط، والخضر ذات نسبة معتدلة من السكر لا تتجاوز 10% كالخرشوف والشمندر والجزر واللفت والبازيلاء والقرع والبصل والخيار.
الفاكهة: تمتاز الفاكهة بارتفاع محتواها من سكر “الفركتوز” وخلوّها التام من الدهون، كما أنها بطيئة الاحتراق ومنخفضة في مؤشّرها الغلوكوزي، ما يجعلها غذاءً مثالياً لأصحاب هذه الفئة، وخصوصاً الأنواع المحتوية على نسبة عالية من السكر كالتين والمانغا والتمر والعنب، وذلك لتعويض نقص السكر المفاجئ الناتج عن الإفراط في تناول المواد الكربوهيدراتية البسيطة (الكيك والكعك والبسكويت).
البقول والحبوب الكاملة: يُنصح بتناول جميع أنواع النشويات (المعكرونة والأرز والبطاطا والخبز ومنتجات القمح الكامل) والبقول (الفاصولياء اليابسة والعدس والفول والحمص).
الألبان: يُوصى لتلك الفئة بتناول ألبان وأجبان قليلة الدسم (دسمها أقلّ بمعدّل 45% عن المنتجات كاملة الدسم)، أمّا اللبن الرائب فيفضّل استهلاكه بدون نكهات سكرية معزّزة.
المشروبات: يحذّر باحثون من جامعة “دوك” الأميركية بولاية كارولينا الشمالية من الإفراط في تناول القهوة والشاي والمشروبات الغازية لاحتوائها على نسب عالية من الكافيين الذي تثبت الدراسات الحديثة تأثيره في إضعاف قدرة الجسم على التحكّم في مستويات الغلوكوز والأنسولين في الدم، إذ تفيد نتائج الدراسة التي أشرفوا عليها بتسبّبه في زيادة سكر الدم بنسبة 21% والأنسولين بنسبة 48% بعد تناول الوجبة الغذائية.
لذا، يُنصح بالإكثار من تناول المياه المعدنية والنعناع واليانسون والشاي الأخضر والكركديه، في حال عدم الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
– الأطعمة المعادية: يجدر بأصحاب فئة الأنسولين الهرمونية تجنّب الأطعمة التالية:
-الأطعمة الغنية بالسكر والمعجنات والمشروبات الغازية وشراب الفاكهة المركّز وعصائر الفاكهة الصناعية.
-الأطعمة الغنية بالدهون كالسمن النباتي (المارجرين) والزيوت بأنواعها، مع استبدالها بزيت الزيتون والسمسم، فضلاً عن الابتعاد عن الأطعمة المقلية وصلصات السلطة واللحوم المجفّفة (المورتديلا والببروني) ومعلّبات اللحم والسمك (باستثناء السمك المعلّب مع الماء) ومشتقات الحليب والأجبان الدسمة (القشدة الطازجة والزبدة والجبنة التي تحتوي على ما يزيد عن 45% من الدسم).
2- فئة اللبتين: يبذل أصحاب هذه الفئة جهداً حقيقياً عبثاً لإنقاص الكيلوغرامات الزائدة في أوزانهم، علماً أنهم لا ينتظمون في تناول وجباتهم الرئيسة في أوقات محدّدة، وغالباً ما يهملون تناول بعضها لأسباب مختلفة تتعلّق بضغط العمل أو ضيق الوقت أو النقص في الشهية. وهم لا يميلون إلى استهلاك اللحوم أو البروتينات النباتية، وقليلاً ما يرغبون في تناول السمك.
وممّا لاشك فيه أن نقص هرمون “اللبتين” في الجسم يدخل في صلب مشكلة السمنة لدى هذه الفئة، فعندما يتعرّض الجسم إلى ساعات طويلة من الحرمان من الطعام أو الصوم ينخفض إنتاجه لهذا الهرمون، ما يجعله غير قادر على إرسال إشارة إلى المخ تعرّفه بأن مخزونه من الطاقة كافٍ، فيظنّ، نتيجة لذلك، أنه في حالة عوز أو نقص في الطاقة، ليصدر أمراً بتخزين السعرات الحرارية عند الفرصة الأولى لتناول الطعام. لذا، يحذّر خبراء في “الجمعية الأميركية للتغذية” American Society of Nutrition (ASN) من إهمال الوجبات بهدف إنقاص الوزن، والذي من شأنه تحفيز الجسم على إعادة تكوين مخزونه من الطاقة بأسرع وقت ممكن، تحسّباً من التعرّض لأيّ حرمان جديد.
وثمّة حلول غذائية تساعد أصحاب هذه الفئة في إنقاص الكيلوغرامات الزائدة في أوزانهم، أبرزها:
– تنظيم تناول الوجبات والالتزام بمواعيدها، مع الحرص على عدم تفويت أي منها.
– المواظبة على تناول البروتينات النباتية والحيوانية لفوائدها في تجديد أنسجة وخلايا الجسم، فضلاً عن أهميتها في تعزيز الشبع وتسريع الأيض واستغراقه وقتاً أطول في الهضم والتمثيل الغذائي مقارنة بغيره.
– الحرص على تناول أطعمة تولّد الطاقة والحرارة بكميّات كافية. وفي هذا الإطار، ينصح الخبراء في “هيئة الغذاء والدواء الأميركية” بزيادة تناول الألياف المتوافرة في الخضر والفاكهة والحبوب الكاملة بشكل منتظم، إذ أنها تبطئ هضم وامتصاص الأطعمة الأخرى المولّدة للطاقة، ما يجنّب المخ الشعور بنقص الطاقة أو سوء التغذية.
– تجنّب تناول الأطعمة المنخفضة في قيمتها الغذائية والمرتفعة في سعراتها الحرارية كالحلويات والمواد الدهنية.
3- فئة الضغط النفسي الهرمونية: يفيد باحثون في “منظمة الصحة العالميّة” أن الضغط النفسي المتواصل قد يسبّب اضطراباً في أجهزة إفراز الهرمونات في الجسم، وخصوصاً الجهاز الذي ينظّم عمل الغدتين الكظريتين الواقعتين فوق الكليتين مباشرة، ما يؤدي إلى حدوث فائض في هرمون “الكورتيزول” الذي يقلّل من إفراز “اللبتين”، ليشعر الجسم بأنه يعاني نقصاً في الغذاء وعوزاً للطاقة، وينشط في الوقت عينه من إنتاج مادة بروتينية في المخ تثير الشهية تجاه تناول الطعام تعرف باسم Neuropeptide Y.
وهناك سمات معيّنة تصاحب السلوك الغذائي لهذه الفئة، أبرزها:
– تناول الطعام بصورة غير منتظمة في أي وقت من اليوم، وغالباً في الليل.
– عدم توازن وجباتها في عناصرها الغذائية لاحتوائها على نسبة مرتفعة من ملح الطعام والصوديوم.
– صعوبة في إنقاص الوزن رغم اتباع نظام غذائي صارم يعتمد بشكل أساسي على الخضر والسلطة.
– الشعور المستمر بعدم الراحة بعد تناول الطعام والمعاناة من انتفاخ البطن نتيجة لوجود اضطرابات في جهاز الهضم والقولون.
– احتباس الماء والأملاح في الجسم نتيجةً إلى ميل هذه الفئة إلى تناول الأطعمة المملّحة والمصنّعة، ما يؤدّي إلى الإحساس بالانتفاخ وزيادة غير مرغوبة في الوزن قد تصل إلى 4 كيلوغرامات، مع ظهور علامات “السلولايت” بصورة واضحة على الجلد.