تزايد حدة التوتر بين لندن وموسكو يعيد للأذهان أجواء الحرب الباردة
تزايدت حدة التوتر في العلاقات البريطانية الروسية خلال الأشهر الأخيرة، وخاصة بعد اندلاع الأزمة في أوكرانيا، وتبني موسكو موقفا مناوئا للغرب وداعما لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، لتعود أجواء الحرب الباردة تنتشر في أوروبا من جديد.
وشهدت الأسابيع الماضية، تزايدا في تصريحات المسؤولين البريطانيين ضد روسيا، خاصة بعد اقرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "العقيدة العسكرية الجديدة" للجيش الروسي، والتي تعتبر توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) خطرا خارجيا رئيسيا.
وأعلن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس أن بلاده مستعدة لاستضافة صواريخ نووية أمريكية مجددا.
وقال وزير الخارجية لشبكة "بي بي سي" إن هناك "اشارات مثيرة للقلق" عن زيادة نشاط القوات الروسية، وأن المملكة المتحدة قد تفكر في ايجابيات وسلبيات وضع صواريخ أمريكية متوسطة المدى على أرضها. وأوضح الوزير الذي كان يشغل سابقا منصب وزير الدفاع، أن على لندن أن ترسل إلى بوتين "إشارات واضحة" ردا على "مظاهر مقلقة" متعلقة بتكثيف النشاط العسكري الروسي، بما في ذلك نشر صواريخ جديدة في مقاطعة كالينيجراد المطلة على بحر البلطيق.
وأضاف هاموند انه "لا توجد اشارة واضحة" عن هجوم وشيك على أوكرانيا، مستدركا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "يحتفظ بخياراته مفتوحة"، محذرا في الوقت نفسه من اتخاذ "استفزازات غير ضرورية" ضد روسيا، التي لديها "شعور بأنها محاصرة وتحت الهجوم"، طبقا له.
ويؤمن القيادي في حزب المحافظين بأن روسيا قد تكون أكبر تهديد لأمن بلاده في الوقت الراهن، وأن أجهزة الاستخبارات البريطانية تصعد جهودها لمواجهة ذلك.
وقال هاموند في تصريح له في شهر مارس الماضي إن "سلوك روسيا العدواني يذكرنا بأن لديها القدرة على تشكيل أكبر خطر منفرد على أمننا".
وتعيد تصريحات الوزير البريطاني أجواء الحرب الباردة بين روسيا والغرب بشكل عام، وخاصة مع تكرار رصد القوات البريطانية لقاذفات طراز "الدب" الروسية بالقرب من الحدود الشمالية عند اسكتلندا، اضافة الى رصد مدمرات وغواصات قادرة على حمل صواريخ نووية تمر قبالة السواحل البريطانية.
وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إنه يبدو أن روسيا تحاول ارسال رسالة ما، مضيفا "أعتقد أن الحوادث أثبتت أننا نمتلك مقاتلات سريعة وطيارين وأنظمة موضوعة لحماية المملكة المتحدة".
ولا يقتصر توتر العلاقات بين لندن وموسكو على تبادل التصريحات القوية، بل ان الأمر امتد الى منع روسيا لمسؤولين بريطانيين رفيعي المستوى من دخول البلاد، ومن بينهم نائب رئيس الوزراء البريطاني السابق، نك كليج.
وجاء اسم نائب رئيس الوزراء السابق ضمن 89 سياسيا أوروبيا وشخصيات بارزة في "قائمة إيقاف" روسية، تم تسليمها إلى سفير الاتحاد الأوروبي في موسكو.
وتضم القائمة أسماء وزير الخارجية البريطاني الأسبق السير مالكوم ريفكايند، ورئيس أركان الجيش البريطاني الجنرال السير نيكولاس هوتون، والوزير بوزارة الدفاع فيليب دان، والوزير السابق بوزارة الدفاع أندرو روباثان، بجانب نائب رئيس الوزراء السابق نيك كليج.
واستمرت التصريحات القوية ضد روسيا أمس، مع مطالبة رئيس الوزراء البريطاني دول الاتحاد الأوروبي بالحفاظ على العقوبات المفروضة على روسيا، رغم أي أضرار قد تنتج عن ذلك، معترفا بأن العقوبات لها تأثير على جميع الدول الأعضاء في الاتحاد.
وقال كاميرون في تصريحاته لدى وصوله إلى ألمانيا للمشاركة في قمة الدول السبع في بافاريا جنوب ألمانيا "نحن بحاجة إلى البقاء متحدين"، مشيرا إلى أن بريطانيا "لم تسمح بتفوقها في مجال الخدمات المالية بالوقوف عقبة أمام اتخاذ موقف قوي ضد العدوان الذي تدعمه روسيا في أوكرانيا، وأنا لا أعتقد أن على الدول الأخرى أن تسمح بذلك أيضا".
وينتهي العمل بالعقوبات التي يفرضها الاتحاد الاوروبي على موسكو وتستهدف مجالات عدة في الاقتصاد الروسي، منها المصارف والدفاع والنفط، في نهاية يوليو القادم، مما دفع رئيس الوزراء البريطاني للمطالبة بتجديدها، وسط تأييد كل دول الاتحاد، باستثناء ايطاليا، التي تتحفظ على هذا القرار.