"تركيا الأتاتوركية" تجهض حلم "أردوغان" في أنقرة
استيقظت تركيا على معضلة تشكيل الحكومة بعدما وجد حزب العدالة والتنمية نفسه في مأزق أجهض حلم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتعديل الدستور ومنحه صلاحيات مطلقة.
وفي تقرير لجريدة "العرب" اللندنية، تفيد النتائج الأولية في الانتخابات التشريعية التي أجريت أمس إلى احتمال تشكيل الحزب الإسلامي الحاكم حكومة أقلية ومن ثم الاتجاه نحو إجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وبعد فرز 94 بالمئة من الأصوات حاز حزب العدالة والتنمية على نسبة 41.6 بالمئة وحزب الشعب الجمهوري على 25.22 بالمئة وحزب الحركة القومية على 17 بالمئة، بينما حصل حزب الشعوب الديمقراطي الكردي على 12 بالمئة من أصوات الناخبين ليدخل للمرة الأولى كحزب كردي في البرلمان.
وقال الحزب الكردي أمس إن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية تشير إلى أنه قد يحصل على 80 مقعدا من 550. وأكد النائب سيري ثريا أوندر من الحزب خلال مؤتمر صحفي في أنقرة “بناء على نتائج الانتخابات الأولية فنحن على أعتاب دخول البرلمان وسنفوز بثمانين مقعدا".
وإذا لم تتحد أحزاب المعارضة التي تمكنت من الدخول إلى البرلمان لتشكيل حكومة واجبار العدالة والتنمية على الانتقال الى مقاعد المعارضة، فسيحاول حزب اردوغان التحالف مع أحد الاحزب الثلاثة من اجل تشكيل حكومة ائتلافية.
لكن مراقبين رجحوا سيناريو تشكيل العدالة والتنمية حكومة أقلية واجراء انتخابات بعدها مباشرة. وقال مسؤول كبير في الحزب إن النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية أفادت بأن الحزب ربما يضطر لتشكيل حكومة أقلية وإن من المرجح إجراء انتخابات مبكرة.
وأضاف، بعدما اشترط عدم الإفصاح عن اسمه “نتوقع حكومة أقلية وانتخابات مبكرة". وكان ينظر إلى الاقتراع الذي أعلنت نتائجه في تركيا باعتباره استفتاء على شعبية أردوغان.
ويطيح هذا المسار برغبة اردوغان الملحة في نقل صلاحيات رئيس الوزراء الواسعة معه إلى قصر الرئاسة الضخم الذي بناه مؤخرا.
وأغلقت مكاتب الاقتراع في الساعة 14.00 بتوقيت غرينيتش أمس بعدما أدلى الناخبون بأصواتهم لاختيار 550 نائبا في انتخابات مصيرية بالنسبة إلى طموحات أردوغان. وانتهى التصويت فيما ينظر إليه محللون على أنه أهم اقتراع تشريعي في تاريخ تركيا المعاصر. ويتجاوز عدد من يحق لهم الاقتراع 50 مليون مواطن تركي، وجرى التصويت في 81 محافظة في مختلف أنحاء البلاد.
ويقول محللون إن الرئيس التركي لا يثق كثيرا في رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو الذي يفتقر إلى الكاريزما والقبول الشعبي اللذين يتمتع بهما أردوغان.
ولم يكن أردوغان راضيا بشكل كبير عن أداء أوغلو الذي يشغل منصب رئيس الحزب أيضا خلال الحملة الانتخابية التي وجد أردوغان نفسه مضطرا لمخالفة الدستور والنزول بثقله فيها لدعم الحزب.
وفي مقابل ضعف أوغلو، يجد أردوغان نفسه في مواجهة ائتلاف معارض قوي يتكون من الأكراد الساخطين والشباب العاطلين والليبراليين واليساريين.
وللمرة الأولى، وجد كل هؤلاء في تسلط أردوغان سببا للتوحد ضده، ويقول محللون إنه إذا استطاعت مكونات هذا التحالف المعقد الصمود في وجه الإسلاميين، فسيخسر حزب العدالة والتنمية الذي يواجه أكبر تحد منذ صعوده إلى السلطة هيمنته الطويلة عليها.
ولم تقبع مشاعر الاستياء بين صفوف المعارضين الذين يتمركز أغلبهم في المدن الكبرى فقط، بل امتدت أيضا إلى القرى والأقاليم التي طالما كانت قاعدة أساسية لدعم العدالة والتنمية في تسع انتخابات خاضها من قبل.
وقالت صحفية تركية، رفضت الكشف عن هويتها حينما سئلت عن توقعاتها لمرحلة ما بعد الانتخابات “أتوقع أن يتم اعتقالي في أي دقيقة”.
وقالت إلميرا بايراسلي المحللة الأميركية من أصول تركية “لطالما كان الحكم في تركيا في صعود وهبوط مستمرين، وباستثناء الجيش، كانت المؤسسات دائما ضعيفة”.
وأضافت "لقد أتى أردوغان برسالة عدم إقصاء واحتواء الأقليات وإعادة بناء المؤسسات. لكن بينما كان يفعل الكثير للاقتصاد والحياة السياسية في تركيا، فإنه في الواقع لم يغير النظام، لكنه أصبح جزءا منه".