استطلاع يؤكد تراجع حزب "أردوغان" عن انتخابات 2012
تشير استطلاعات الرأي عشية الانتخابات البرلمانية التركية إلى احتمال حصول حزب العدالة والتنمية على ما بين 42% و45% من أصوات المقترعين، في تراجع واضح عن نسبة الـ 49.8% التي حصدها في انتخابات 2012.
هنالك إذاً 5 – 8 نقاط مئوية ستذهب إلى 19 حزباً آخر تشارك في الانتخابات، ومن مصلحة حزب أردوغان أن تتوزع هذه الأصوات وتتشتت، بحيث أن ما يخسره الحزب لا يشكل مكسباً لأي حزب آخر سيسبب له صداعاً في البرلمان، خاصة عند طرح أي تعديل دستوري يكرس للحزب حكم تركيا لفترة مديدة، إن لم نقل إلى الأبد، وأهم هذه التعديلات الدستورية هي تحويل تركيا من الحكم البرلماني إلى النظام الرئاسي الذي يضع في يد رئيس الدولة كافة السلطات في دولة أتاتورك العلمانية.
لكن تشتت الأصوات نفسه قد يخدم حزب أردوغان بطريقة أخرى، فوفق نظام الاقتراع النسبي المتبع في الانتخابات قد تعود نسبة مهمة من تلك الأصوات مرة أخرى إلى الحزب إذا كان الفارق في نسبة الأصوات بينه وبين الفائز الثاني والثالث كبيراً، فأي حزب حسب النظام المتبع لا تتجاوز نسبة الأصوات التي يحصل عليها 10% تعود في النهاية للحزب، أو الأحزاب، التي تفوز على مستوى البلاد.
هدف حزب العدالة والتنمية الآن الحصول على 330 مقعداً (60% من مقاعد البرلمان) فما فوق، تتيح له تمرير أي تعديل دستوري دون النظر إلى رأي الأحزاب الأخرى، أو بتحالف مع أحزاب صغيرة يدفع لها نوعاً من "الرشى" كي تقف إلى جانبه في وجه معارضة الأحزاب القومية الكبيرة التي تشكل له إزعاجاً كبيراً.
بالطبع، لن يتحالف الحزبان القوميان (الشعب الجمهوري – والحركة القومية)، في أي ظرف، مع حزب العدالة والتنمية. كما أن حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي)، المرشح لدخول البرلمان للمرة الأولى بترجيح حصوله على نسبة تفوق 10% من أصوات الناخبين، لا يرجح أن يتحالف مع الحزب الحاكم إلا إذا اتبع الحزبان مبدأ البراغماتية، في ما بينهما، وضد الأحزاب القومية التركية الكارهة للمكون الكردي في الشعب التركي.
وبالعودة إلى أول انتخابات شارك فيها حزب العدالة والتنمية عام 2002، نجد أن الحزب حصد 34.3% من أصوات الناخبين، ما أتاح له احتلال 363 مقعداً. وجاء حزب الشعب الجمهوري ثانياً أيضاً بنسبة 19.4% من الأصوات، واحتلاله 178 مقعداً. أي أن حزبين فقط دخلا الندوة البرلمانية.
وفي انتخابات عام 2007، دخلت ثلاثة أحزاب البرلمان، فحصل حزب العدالة والتنمية على 46.6% من الأصوات (341 مقعداً). وجاء حزب الشعب الجمهوري ثانياً بنسبة 20.9% من الأصوات مكنته من احتلال 112 مقعداً برلمانياً، وجاء حزب الحركة القومية ثالثاً بنسبة 14.3% من الأصوات مكنته من شغل 71 مقعداً.
وفي انتخابات عام 2012، تشاركت ثلاثة أحزاب ممن حصلت على نسبة تفوق 10% من أصوات المقترعين مقاعد البرلمان، وحصل حزب أردوغان على 49.8% من الأصوات (327 مقعداً). وجاء ثانياً حزب الشعب الجمهوري بنسبة 26% من الأصوات واحتل 135 مقعداً، وحزب الحركة القومية ثالثاً بعد حصده 13% من الأصوات، فاستحق 53 مقعداً.
بالطبع، تؤول المقاعد المكملة للبرلمان للأحزاب الفائزة، ففي عام 2002 تقاسم الحزبان 9 مقاعد، بنسبة حصولهما على أصوات الناخبين، أكملت العدد إلى 550 هي المجموع الكلي لمقاعد البرلمان (مجموع ما حصلت عليه في النتائج الأولية 541 مقعداً).
والأمر نفسه ينطبق على الأحزاب الثلاثة الفائزة في برلماني 2007، و2012، والمقاعد المكملة هي 26 مقعداً، و35 مقعداً، على التوالي.
السلسلة الزمنية تُظهر ارتفاعاً مطرداً في النسبة المئوية من الأصوات التي حصدها حزب العدالة والتنمية في ثلاثة انتخابات متتالية، على خلاف عدد المقاعد الذي انخفض بشكل مطرد أيضاً، نتيجة زيادة التنافس وفق نظام الاقتراع النسبي.
تفجير الجمعة
للمرة الثالثة، تستهدف تفجيرات مهرجانات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي؛ المرة الأولى كانت في مدينة أضنة، والثانية في مدينة مرسين، في مايو الماضي، مما خلف إصابات وأضراراً مادية، والثالثة كانت في ديار بكر شرق تركيا، مساء أمس الجمعة، قبل أقل من يومين من الانتخابات.
ففي ديار بكر، وهي أكبر المدن ذات الأغلبية الكردية في تركيا، أدى انفجار في محول كهرباء داخل ساحة المهرجان الانتخابي إلى مقتل أربعة، وإصابة 184 شخصاً، وحصيلة القتلى لا تزال مرشحة للزيادة.
وبينما وصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التفجير بأنه استفزاز يهدف إلى زعزعة استقرار البلاد، قبيل انتخابات الأحد، وقدم التعازي لعائلات الضحايا، قال إن السلطات تجري تحقيقاً في الحادث.
الاحتمالات تشير إلى أربعة سيناريوهات: الأول أن حزب أردوغان ضالع في الانفجار الذي لم يُعلن حتى اللحظة عن ملابساته. والحزب هنا متهم على الأقل بالتقصير حتى لو كان الحادث عرضياً، كونه الحزب الحاكم للبلاد، والمسؤول عن حماية التجمعات الانتخابية؛ السيناريو الثاني يشير إلى الأحزاب القومية المعادية للأكراد بصراحة، والهدف ضرب حزبي أردوغان والحزب الكردي ببعضهما، إذ أن حزب العدالة والتنمية يخطب ود الأتراك في كل تجمعاته الانتخابية؛ السيناريو الثالث يؤشر إلى طرف غير تركي، وقد يكون طرفاً موالياً للنظام السوري المعادي بشدة لأردوغان وحزبه؛ السيناريو الرابع والأضعف أن يكون طرف من حزب الشعوب الديمقراطي هو من تسبب في الانفجار لزيادة التعاطف مع الحزب بين الأكراد عشية الانتخابات التاريخية التي ترشحه بنسبة كبيرة للدخول في البرلمان بكتلة وازنة قد تصل إلى 60 مقعداً، ومثل هذا التفجير قد يدفع الأكراد المترددين بين الحزب الكردي وحزب العدالة والتنمية إلى اختيار التصويت للحزب الكردي.