مصر والسعودية تفاوضان روسيا لإقناع الأسد بالتنحي

أخبار مصر

بوابة الفجر

أكدت التحولات التي تظهر في تصريحات مسؤولين روس تجاه الحرب الدائرة منذ أربعة أعوام في سوريا بداية تشكل موقف روسي مواز لذلك الذي دأبت على التمسك به تجاه الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال تقرير لجريدة "العرب" اللندنية" إنه لم يعد خفيا الاتصالات المكثفة التي بدا أن الولايات المتحدة تحرص عليها مع موسكو في المرحلة التي تلت التوصل إلى اتفاق مبدئي مع إيران حول الملف النووي في جنيف في أبريل الماضي.

وتحاول واشنطن إقناع موسكو بالتخلي عن الرئيس الأسد في مقابل الإبقاء على النظام ومؤسسات الدولة إلى جانب ضمان قدر من تأثير ومصالح روسيا في البلد الحليف لها منذ الحقبة السوفيتية.

وعلى الجانب الآخر، تسير الدول الإقليمية نحو نفس التفاهمات التي تحاول القوى الكبرى بلورتها من خلال إقناع أطراف الصراع بأن الأسد لم يعد له مكان في السلطة خاصة بعد الخسائر الفادحة التي تكبدها على مدار الشهرين الماضيين.

وانعكست هذه التفاهمات في تصريحات وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في القاهرة التي قال فيها إن السعودية ومصر تجريان اتصالات مكثفة مع روسيا من أجل إقناعها بالتخلي عن الأسد.

وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي عقده الجبير مع نظيره المصري سامح شكري في أول زيارة يقوم بها إلى مصر منذ توليه وزارة الخارجية السعودية.

وقال الجبير أمس "كلنا نسعى إلى إبعاد بشار الأسد عن الحكم بعد أن فقد شرعيته، ونسعى إلى تحقيق الأمن والاستقرار، كما نسعى إلى الحفاظ على المؤسسات في سوريا حتى يمكن التعامل مع التحديات في ما بعد نظام الأسد".

وأضاف "اتصالاتنا مع روسيا تتطابق مع الاتصالات المصرية مع روسيا، وهي لإقناع موسكو بأن تتخلى عن بشار الأسد وتجعله يترك السلطة في أقرب وقت ممكن".

ويتفق التشابه في الموقفين المصري والسعودي من الرئيس السوري بشار الأسد مع التغيرات التي بدت في الموقف الروسي خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لموسكو الشهر الماضي ولقائه مع نظيره سيرغي لافروف والرئيس فلاديمير بوتين.
ويقول مراقبون إن الولايات المتحدة بدأت تجهز بفاعلية لمرحلة ما بعد الأسد في سوريا، لكنها تنتظر نتائج الاتفاق النووي الذي من المتوقع التوصل إليه نهاية الشهر الحالي.

وإذا ما حدث التقارب مع إيران على أرضية هذا الاتفاق، فستعمل واشنطن على الدفع بطهران في موجة التفاهمات الدائرة الآن، وربما تحاول التحضير لاتفاق بين إيران والسعودية أيضا.

لكن لا يبدو أن الرياض على استعداد للدخول في محادثات مع إيران التي بدأت تخسر مواقع استراتيجية في سوريا لصالح المعارضة المدعومة من قبل السعودية وتركيا.

وقال الجبير في المؤتمر الصحفي أنه بحث مع المسؤولين المصريين “عدم تدخل أي قوى إقليمية من خارج المنطقة في شؤون الأمة العربية، خاصة في لبنان وسوريا”.

وقبل عام لم يكن متصورا أن تحقق المعارضة المسلحة ما حققته خلال الشهر الماضي فقط، وكانت اليد العليا مازالت للنظام الذي انحصر نفوذه اليوم في دمشق ومنطقة الساحل التي يسكنها أغلبية من الطائفة العلوية.

وتدرك موسكو ذلك، وترى أن مقتضيات الحفاظ على مصالحها في سوريا وأوكرانيا وملفات أخرى تتصل بعلاقاتها مع أوروبا قد تتطلب إبعاد الأسد عن السلطة في مرحلة متقدمة.

لكن نورهان الشيخ الخبيرة في الشؤون الروسية استبعدت قيام موسكو بالضغط المباشر على الأسد للتخلي عن السلطة “خاصة إذا أخذنا في الاعتبار موقف إيران التي ترفض التخلي عنه أو حدوث أي تغيير جذري في السلطة”.

وقالت إن "السعودية تريد على الأقل تحييد الموقف الروسي، وهو ما انعكس في قرار مجلس الأمن الأخير 2116 تجاه اليمن، حيث امتنعت موسكو عن التصويت أو استخدام حق الفيتو، كما تسعى الرياض إلى استغلال النفوذ الروسي لدى إيران لتغيير موقفها في اليمن، ووقف دعم الحوثيين، حتى يتسنى التوصل إلى حل سياسي مناسب في اليمن أيضا".

وفي كل الأحوال لن يتخلى الروس والإيرانيون عن الأسد إلا إذا شعروا أنهم باتوا لا يمتلكون خيارات أخرى.

وقال محمد الزيات الخبير في الشؤون الامنية لـ”العرب” إن "هناك ملامح تغير في الموقف الروسي من الأزمة، وتبدو موسكو الآن أكثر اقتناعا وترحيبا ودعما لمعالجة مصير بشار الأسد، وعدم التشبث به في أي تسوية سياسية مستقبلية، وكل هذه المتغيرات تمثل ضغوطا على الرئيس السوري والقبول بحل سياسي يميل لموقف المعارضة".

ولكي يتحقق الضغط على الرئيس السوري، تعتقد الدول العربية أنه لابد لواشنطن أن تغير موقفها الباهت إزاء الملف السوري برمته.