د. نصار عبد الله يكتب : مبارك 2
مبارك (2) هو اسم لواحد من الأحياء السكنية التى مازالت تحمل اسم الرئيس السابق والتى تتوزع على امتداد الغردقة بكاملها من شمالها إلى جنوبها، والتى بدأت منذ ما يقرب من عشرين عاما بمبارك (1) ثم وصلت فى أواخر سنواته إلى (مبارك 11).. بعد ثورة 2011ومع موجة التفاؤل التى صاحبت الثورة تغير اسم: (مبارك 2) إلى (التحرير)، وبدأ الناس يستخدمون الاسم الجديد فعلا، ومع انحسار موجة التفاؤل التى صاحبت إفلات أغلب رجال مبارك وعلى رأسهم مبارك نفسه من قبضة العدالة، عاد الناس يستخدمون اسم مبارك 2 من جديد ونسوا أو تناسوا «التحرير».. إذا ركبت سيارة تاكسى وقلت له: «التحرير»، فإنه غالبا لن يعرف الوجهة المقصودة!، وعندما تقول له مبارك 2، يجيبك: «مش كنت تقول كده م الأول!!».. لا أدرى من هو بالضبط صاحب اقتراح هذه التسمية لكنه يقينا واحد من الذين تعودوا على منافقة الحكام والتزلف إليهم.. أيا ما كان فإن الذى أنشأ كل أحياء مبارك: واحدا بعد الآخر هو مقاول شهيرعرف بأنه كانت تربطه صلة صداقة وطيدة بذلك المحافظ الذى ظل فى موقعه مدة تربو على خمسة أضعاف المدة التى قضاها أى محافظ آخر، ربما (لأدائه المتميز)، وربما لأى سبب آخر!، على أية حال فكثيرا ما شوهد ذلك المحافظ وهو يتناول طعام العشاء فى أحد المطاعم الفاخرة مع صديقه المقاول!!.. وإن كان أحد لا يستطيع أن يحدد على سبيل القطع من هو الداعى ومن هو المدعو فى كل مرة!، وهل كان حرص السيد المحافظ على تناول العشاء مع صديقه نابعا من صداقة سابقة لم يتنكر لها بعد أن شغل موقعه، أم أنه رسالة ضمنية إلى رجال الأعمال يعلن فيها عن انحيازه لهم باعتبارهم وحدهم معقد الأمل فى تطوير المحافظة.. على أية حال فعندما بدأ العمل فى إنشاء طريق سوهاج الغردقة سارعت إلى التخلص من شقتى فى الإسكندرية لكى أشترى شقة فى الغردقة التى كانت ستختزل المسافة بينها وبين سوهاج إلى 160 كيلومترا فقط، (لو تم إنجاز الطريق فعلا )، وهكذا أصبح لى شقة فى الغردقة فى مدينة مبارك 2 القريبة جدا من المطار ومع هذا فإن ظروفى: سواء الظروف الصحية أو ظروف العمل لا تسمح لى بالسفر كثيرا إليها.. فى الأسبوع الماضى حملنى أبنائى عنوة إلى السيارة وأرغمونى على السفر معهم لكى نقضى يومين فى نهاية الأسبوع، كنت متذمرا فى البداية لكننى استمتعت فيما بعد كثيرا، خاصة أن مبارك 2 تتخللها وتحوطها الخضرة والحدائق، ومن أكثر المناظر التى استوقفتنى كثيرا ودفعتنى دفعا إلى المقارنة بين مبارك 2 ومدينة العرايس بسوهاج التى أقيم فيها.. منظر جارتنا الأجنبية التى كانت تحمل كيس زبالة شقتها لكى تلقى به إلى الصندوق (الذى لم تتخلف سيارة الحى يوما عن تفريغه)، فى طريقها كانت تلتقط الأوراق والعلب الفارغة التى ألقاها بعض المارة أو المقيمين فوق النجيل النامى بين الأشجار أمام العمارة، تلتقطها لكى تضمها إلى كيس زبالتها قبل أن تلقى به إلى الصندوق!!.. قارنت بين هذا المسلك وبين ما يفعله جيراننا فى سوهاج الذين لا يتورعون عن إلقاء زبالتهم فى أى مكان، وأحيانا فى نهر النيل ذاته حين كانت سيارة الحى تتأخر أياما عن تفريغ الصندوق حتى يمتلأ بالزبالة وتفيض على جانبيه ثم قام رئيس الحى (بالمناسبة تبين لى بعد أن نشرت مقال الأسبوع قبل الماضى أن مدينة العرايس تتبع حى غرب سوهاج) قام رئيس الحى سامحه الله برفع الصندوق نهائيا، وبذلك أصبح إلقاء الزبالة فى الطرقات وضعا شرعيا!! ولله الأمر من قبل ومن بعد.