بعد سقوط جارتها.. زلزال "أريحا" يضرب "الأسد" في مسقط رأسه
مع الساعات الأولى التي توالت على سقوط مدينة أريحا الشمالية، بعد سقوط جارتها جسر الشغور بيد المعارضة السورية، ابتدأ سيل التعليقات والتحليلات لفهم ما جرى وسرعة سقوط المدن واحدة تلو الأخرى، وسط تقهقر قوات النظام في عدد من المحافظات السورية.
المواقع الموالية للنظام السوري، وتحديدا منها المعبّرة عن المنطقة الساحلية، شهدت تعليقات وتحليلات سياسية تسعى لفهم تقهقر نظامهم يوما بعد يوم. وكانت صيغة الخبر التي أعلنها النظام عن هزيمته في أريحا، هي شرارة البدء على وسائل التواصل الاجتماعي.
فقد قال الخبر الرسمي: "وحدة من قواتنا المسلحة أخلت مواقعها من أريحا في ريف ادلب". ثم تم تعديل الصيغة، بعد ساعتين ليصبح: "انسحبت قواتنا من مدينة أريحا حفاظاً على أرواح المدنيين".
وما إن تأكدت البيئة الموالية للنظام في المنطقة الساحلية من سقوط أريحا حتى بدأ سيل التحقيقات والتحليلات والشتائم غير المسبوقة.
أكثر التعليقات طرافة هو الذي قال: "الآن، عرفنا لماذا يقوم النظام بمصادرة الدراجات البخارية، كي يوزعوها على الجيش في أريحا"، قاصدا استخدام الدراجات النارية لتأمين هروب عناصر جيش النظام.
ويرد آخر: "بشار بدّو واحد"، أي دراجة بخارية خاصة بالأسد لتأمين هروبه هو الآخر.
وكانت السلطات الأمنية التابعة للنظام السوري قد قامت بمحاولة في الأيام الأخيرة لمصادرة الدراجات البخارية غير المرخصة من شوارع اللاذقية وريفها، إلا أنها جوبهت برد فعل غاضب من قبل الناس الذين تعودوا على استخدام الآليات غير المرخصة أو المسروقة، حتى إن بعضهم هدد قوات الأمن لو اقتربت منه بأن رده سيكون قوياً.
وظهر للعيان كيف أن لا سلطة للدولة في سوريا على المناطق الموالية إلى الدرجة التي تباهى مسلحو تلك المناطق بأن الدولة لا تتجرأ على مصادرة آلياتهم غير المرخصة، ولو تجرأت فسترى الرد.
إقالة وزير الدفاع وإعدام المنسحبين
في اللحظة التي أُعلن فيها رسميا سقوط أريحا، بدأت التحليلات التي تحاول فهم ما جرى، فقد أحدث الأمر "صدمة" في الشارع الموالي للنظام.
وأول تعليق مسجّل جاء من باسم إبراهيم الحمود الذي قال: "والله شي بيقهر.
كل يوم انسحاب تكتيكي وعملية تجميع. وبالأخير كل شاب متل الورد بيروح قتيل"، هازئا بها من إعلانات النظام المتوالية عن إعادة التجميع والانسحاب التكتيكي التي يروجها عادة لتغطية هزائمه في المواقع التي كانت بحوزته. إلا أن الرد أتاه على الفور عبر التجريح والشتم، حيث رد أحدهم: "اللي بدو يتمسخر على جيشو يحط بتمو بوط عسكري ويخرس.."، فيما بادر آخر بالتعليق على فكرة الانسحاب: "لوين بدنا ننسحب كمان؟".
أما محمد خير الحمصي، فعبّر باقتضاب شديد قائلا: "كل شيء انتهى"، فأتى حسن محمود للدعوة إلى "النفير العام". وآخر توعّد بـ"طرد الضباط الخونة من الجيش". وطرح آخر فكرة دعوة "أبناء المسؤولين لحمل السلاح!".
رد فعل آخر بدا أن صاحبته أصيبت بإحباط وذعر شديدين نتيجة سقوط أريحا بيد المعارضة، حيث قالت دارين عبدالرحمن: "انتظروا الهجوم على الساحل قريبا، وحضّروا عصايات السيلفي". أما علي العلي، فلم يقدر على تقبل حقيقة هزيمة النظام، فطالب بإقالة وزير الدفاع.
ومن شدة تأثر أبي هادي عدوان بسقوط أريحا، طالب رئيس الدولة بإعدام "عناصر الجيش الذين انسحبوا من أريحا".
انهيار معنوي وأمني في معقل النظام
تعد محافظة اللاذقية وريفها هي البيئة "الحاضنة للنظام" في شكل رئيسي. ويعتمد جيش النظام على تلك المناطق لتغذيته بالمقاتلين بمختلف الرتب العسكرية.
إلا أن سقوط أريحا، بعد جسر الشغور، أثار قلقا كبيرا في تلك المناطق الموالية، خصوصا أن رئيس الدولة لا يغامر بالظهور ويعيش متخفيا ويتنقل بمواكب وهمية، ولم يعد لديه شيء ليقوله للناس.
وبات الكل يحس أن كل شيء يسقط بتسارع حثيث، ولعلها المرة الأولى في تاريخ الحروب العسكرية التي يقال فيها مثل هذا الخبر: "نجحت قواتنا الباسلة بالانسحاب من جسر الشغور، حيث قام جنودنا الأبطال بحمل نعوش الشهداء على أكتافهم وحمل أجساد زملائهم الجرحى وإخراجهم من المستشفى"، فقد التقط الناس الموالون قبل المعارضين، من نصّ كهذا، أن النظام انتهى، هو وجيشه، بدليل الاحتفاء بحمل القتلى، والاحتفاء بحمل الجرحى، وقبلهما الاحتفاء بالانسحاب.
كل تقديرات المراقبين تشير إلى أن صراعات عنيفة ستشهدها مناطق ريف اللاذقية ما بين المسلحين الذين يعملون تحت غطاء "الدفاع الوطني"، هذا فضلا عن صراع ما بين زعامات آل الأسد على الأرض وزعامات المسلحين الذين سقطت هيبة آل الأسد أمامهم وباتوا يحسون أنهم أكثر فاعلية على الأرض، كونهم الحكّام الفعليين في الساحل لا الدولة.
وكذلك امتلأت اللاذقية وريفها بالسلاح "المُوالي" والصواريخ "المُوالية" والمطارات "الموالية"، حتى إن وزارة الخارجية السورية أخيرا، افتتحت رسميا فرعا لها في اللاذقية. ويؤكد عارفون بالمنطقة أن برميل بارود اللاذقية لا يحتاج إلا لعود ثقاب.