تقارير: سقوط الرمادى أسوأ كارثة عسكرية للحكومة العراقية

عربي ودولي

بوابة الفجر

يتصدر مشهد سقوط "الرمادي" عاصمة محافظة "الأنبار" العراقية صدر الصحف العالمية ، مما يعكس حجم الكارثة التى حلت على العراق والمنطقة العربية فمحافظة الأنبار تعتبر الميزان الحرارى للوضع فى العراق ، حيث كانت أكثر المحافظات العراقية مقاومة للاحتلال الأمريكى منذ بدايته قبل 12 عاما ، و لها أهمية استراتيجية إذ تشكل نحو ثلث مساحة العراق، وموقعها الجغرافى يحتضنه 3 دول عربية "سوريا والأردن والسعودية"٠

وتكمن الأسباب الرئيسية وراء سقوط الرمادى فى عدم جدية ضربات قوات التحالف الجوية ضد "داعش" منذ بدء التحالف الأجنبى ، مقارنة بالضربات التى وجهها التحالف الدولى ضد صدام حسين فى عام 2003، والذى كان ينفذ فى اليوم الواحد حوالى الف طلعة جوية ، فيما لم تتخطى ضرباته الحالية ١٥ ضربة يوميا ضد "داعش" ، والسبب الثانى يرجع إلى انسحاب قائد عمليات الانبار من مركز القيادة فى الرمادي وسقوطها دون حدوث قتال فعلى ، فى سيناريو يشبه ما حدث عند سقوط بغداد تحت الاحتلال الأمريكي دون أي مقاومة تذكر عندما انسحب الجيش العراقى فجأة أثناء المعارك ، وكذلك سيناريو انسحابه بشكل مفاجئ من الموصل أمام تنظيم داعش .

الامر الذى رسخ قناعة أن سقوط مدينة "الرمادي"، جاء نتيجة مؤامرة داخلية ودولية سمحت لـتنظيم "داعش" بالتمدد فى المحافظة طوال الفترة الماضية، فى ظل وجود عسكرى أمريكى كثيف بالقرب من الرمادي حيث توجد قاعدة "عين الاسد " أكبر قاعدة أمريكية ، ودفع خبر سقوط الرمادى فى يد الدواعش قيادات المملكتين السعودية والهاشمية إلى رفع حالة الطوارئ على حدودهما.
مد شيعى منتظر جراء هذا السقوط "الرمادى " فى أيدى إرهابيى تنظيم "داعش" ، استدعى اطلاق دعوة من قبل وزير الدفاع الإيرانى حسين دهقان، إلى ضرورة إيجاد تحالفات إقليمية لمواجهة الإرهاب والتحديات الأمنية والسياسية والاقتصادية وحتى الثقافية،وإشارته إلى أهمية دور إيران والعراق فى تشكيل هذه التحالفات،وتشديده على ضرورة تطوير وتقوية العلاقات بين البلدين. 

فالعراق باتت الآن بين رحى نزعتين إقصائيتين «داعش» من جهة والميليشيات الشيعية من الجهة الأخرى، وبات التهديد الداعشي يبرر لهذه الميليشيات نفوذها المتعاظم، باعتبارها الجهة الوحيدة القادرة على مواجهته، وتعاظم النفوذ الإيرانى في العراق والشعور المتمادى بين السنة العراقيين بتهميشهم في مواقع صنع القرار يجعلهم الضحية الأولى لمشروع «داعش»٠

وضع كارثى بكل المقاييس يعيشه الجيش العراقى الذي أضعفته الانقسامات السياسية والطائفية في بغداد، بالاضافة إلى صعود المليشيات الشيعية ، فعدد من يقدم من جنوده على التضحية بأرواحهم من أجل أرض ضئيل للغاية خاصة إذا كان الدفاع عن منطقة لا تقع في مناطقهم مثل الأنبار، ومشاهد فرار جنود الجيش العراقي من الرمادي، ومعهم عناصر من "الفرقة الذهبية" للقوات الخاصة، تثير القلق الشديد، فمن بين 26 عشيرة فى الأنبار، لم ينضم سوى 5 منها فقط إلى القتال ضد داعش .

سقوط الانبار حظى بتحليلات ورؤى مختلفة تناولتها الصحف العالمية، حيث انتقدت صحيفة واشنطن بوست الامريكية،استراتيجية الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى التعامل مع هذا التنظيم الإرهابى مما أدى إلى سقوط مدينة الرمادى بين يديه ، مشيرة إلى أن الهجمات الجوية الأمريكية فى الأسبوع الماضى لم تكن قادرة على منع تقدم داعش وهجومه المتطور للاستيلاء على الرمادى.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن سقوط مدينة الرمادى فى يد داعش بالرغم من الضربات الجوية الأمريكية المكثفة فى الأسابيع الأخيرة فى محاولة لإنقاذ المدينة، يمثل أكبر انتصار يحققه التنظيم المتطرف هذا العام، وجاء سقوط الرمادى بعد يوم من تصريح للبنتاجون بأن قوات العمليات الخاصة تحلق بطائرات الهليكوبتر بعدما أقلعت من العراق، منفذه غارة فى شرقى سوريا أسفرت عن مقتل أحد قيادى داعش وأسر زوجته ٠

ولفتت إلى أن محافظة الأنبار لها أهمية تاريخية مؤلمة للولايات المتحدة، باعتبارها المكان الذى قضى فيه حوالى 1300 من الجنود وقوات المارينز حتفهم بعد الغزو الأمريكى للعراق عام 2003 .

ومن جانبها ، وصفت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية سقوط الرمادى بأنه أسوأ كارثة عسكرية تمنى بها الحكومة العراقية منذ أكثر من عام، وأنه بعد سقوطها أضحى القتال مركزا على الدفاع عن العاصمة العراقية بغداد، معتبرة ان هذه التطور يطرح تحديا جديدا أمام الغرب، لاسيما أنه وقع بعدما ظنت معظم الحكومات الغربية أن قوة تنظيم "داعش" فى تراجع .

ورأت صحيفة الديلى تليجراف البريطانية أن هذا التطور يطرح "تحديا جديدا أمام الغرب في ظل التقارير الواردة بشأن احتمال سقوط الحكومة السورية. 

و كتبت صحيفة الفايننشال تايمز أن استيلاء تنظيم الدولة العنيف على الرمادي الممتدة من قرب بغداد إلى الحدود العراقية مع الأردن يشكل لطمة قوية للحكومة العراقية، ويدعو مرة أخرى إلى التشكيك فى مستقبل البلد كدولة موحدة.