حسين معوض يكتب : مصر السيادية

مقالات الرأي



السيد فى اللغة هو الحاكم.. والسيادة هى الحكم أو فرض الإرادة.. وكلمة سيادية تشير إلى أدوات الدولة للوصول لمرحلة «السيادة».

وتستخدم الكلمة فى البورصة وسوق المال والبنوك بمصطلح «صناديق سيادية».. وفى المالية «ديون سيادية»، وفى الحكومة «وزارات سيادية».. وكلها تشير إلى الذمة المالية للدولة ديونها واستثماراتها وأجهزة الحكم فيها.

لكن أهم أدوات فرض سيادة وإرادة الدولة هى «الأجهزة السيادية»، وهى أجهزة المعلومات الأمنية، وهى على سبيل الحصر حسب تاريخ نشأتها تاريخيا «الأمن الوطنى والمخابرات الحربية والمخابرات العامة».. وهى أجهزة يجوز أن نطلق عليها «قلب الحكم».. أجهزت المعلومات ساهمت فى بناء دول عظمى، وحافظت على استقرارها، وساهمت فى تقدمها وعمل قفزات تكنولوجية وعلمية وحافظت على ثرواتها البشرية والمادية، وخاضت حروب باردة نيابة عن تلك الدول.. ورغم الاتهامات التى لاحقت جهاز أمن الدولة والتى اعتبرها البعض السبب الأول فى ثورة 25 يناير، إلا أن الدولة لم تتحمل إلغاء الجهاز، وإعادته باسم جديد، لتأثيره وقدرته على قراءة الشارع وملاحقة عناصر الجماعات التكفيرية.

لفترة طويلة شعر المصريون أن الأجهزة السيادية خرجت من عالم الأساطير.. فيها ما لا عين ألفت ولا أذن سمعت، ولم يستوعب الخيال الشعبى أن أبطال تلك الأجهزة من لحم ودم وليسوا كائنات خرافية تعزلها أسوار وبحور.

ننشغل بمتابعة بطولاتهم من حكايات النميمة، ونبحث دائما عن خيط مفقود فى تلك الحكايات.. لم نستوعب أن كل خيوط الأجهزة السيادية مكشوفة على الملأ.. كيف يتم اختيار ضباطها ومواصفات الضباط وتدريبهم وحدود سلطاتهم وإجراءات مراقبتهم ومحاسبتهم.. كلها مسطورة فى القوانين المنشورة فى الوقائع المصرية.

الهيكل الإدارى والوظيفى لتلك الأجهزة معلن، وعدد الموظفين فيها معروف، وترتيب إجراءاتهم الأمنية محدد.

نتحدث عن أجهزة المعلومات.. وأقدمها هو جهاز الأمن الوطنى، وهو أقدم جهاز من نوعه فى الشرق الأوسط، ونشأ عام 1913 تحت اسم «قسم المخصوص» وتحول اسمه عام 36 إلى «القلم السياسى»، وحمل اسم «أمن الدولة» خلال حكم السادات، ليحمل الاسم الحالى بعد ثورة 25 يناير 2011.

ثانى أجهزة المعلومات السيادية من حيث تاريخ النشأة هو إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، ونشأ الجهاز عام 1922، وهو إدارة تابعة لوزارة الدفاع، لهذا الجهاز مكانة خاصة فى قلوب المصريين، فسيرته مرتبطة دائما بالحرب، وأنيابه مغروسة دائما فى جسد الأعداء، ومكانته اكتسبها من قدرة الجيش المصرى على حماية الحدود والمصالح العليا، وأبطاله أصحاب سير نادرة نبنى بها شخصيات أطفالنا.

المخابرات العامة هى ثالث الأجهزة السيادية من حيث النشأة.. وصدر قرار تأسيسها من الرئيس جمال عبد الناصر عقب ثورة يوليو 1952 برئاسة زكريا محيى الدين، ليرأس هذا الجهاز شخصيات صاحبة تأثير كبير فى حياة المصريين.