"العنف الأسري" ينتشر بدون توقف نتيجة تدهور الحالة الإقتصادية

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

المجتمع عبارة عن مجموعة من الأسر التى تربط بين أفرادهم  صلة رحم وعلاقات وطيدة فيما بينهم، فماذا يدور فى ذهنك عندما تسمع فى وسائل الإعلام المختلفة كل يوم عن حوادث العنف الأسرى التى تدخل فى اطار الإجرام؟، تأتى هذه الظاهرة  نتيجة للانحدار الأخلاقى والإنحراف للسلوك في المجتمع.
 
 
وأسر تتفكك تحت عجلات القضبان بسبب إنعدام الأخلاق والقيم، سرطان العنف والجريمة بين الأسرة ينتشر بدون توقف بينما تنشر وسائل الاعلام10% فقط من حوادث العنف الأسرى بسبب اعتمادها على البلاغات التى تسجل بدفاتر أحوال قسم الشرطة، وفى بعض الحالات يتم التنازل عن البلاغ حفاظا على السمعة، وتعد مصر من بين الدول الأكثر فى العالم لحوادث القتل والعنف بين أفراد الأسرة.
 
 
فيما تشير بعض التقارير والإحصائيات عن جرائم العنف الأسرى فى مصر، منها على سبيل المثال المركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية أن 60 % من هذه الجرائم بسبب المشاكل الاقتصادية.
 
 
فى حين أن الأزواج يمثلون 87% من مرتكبى الجريمة و13% من غير المتزوجين ؛ وتلفت الإحصائية إلى أن  المذنبين فى أحداث العنف الأسرى يساهم فيها الذكور بنسبة 78% ، ويشكل الإناث بـ22 %، وتمثل فكرة الحفاظ على الشرف والسمعة للأسرة في هذه الجرائم 75% منها  ترتكب من الزوج ضد الزوجة، فى حين 13% من قبل الزوجة، وتسجل دفاتر أقسام الشرطة حالات العنف بين الأسر بنسبة مليون و362 ألف حالة منها 38% تندرج تحت اطار الجريمة.
 
 
يفسر بعض الخبراء ظاهرة العنف الأسري التى تنهش مثل السرطان فى جسد الأسرة المصرية، بسبب ازدياد معدلات البطالة والفقر وانحطاط القيم وتراجع وسائل التربية والتنشئة الإجتماعية منها المدارس والإعلام.
 
 
 
ونستعرض هنا بعض الحوادث التى تتمثل في وجود "العنف الأسري" :-
 
 
قتل رجل زوجته بسبب تأخرها فى إعداد الغداء، كان ذلك عندما عادت الزوجة من عملها وهى منهكة وقررت أن تستريح بعض الوقت من عناء العمل، وجاء الزوج ليصرخ في وجهها لتأخيرها على تجهيز الطعام، فقامت مفزوعة إلى المطبخ محاولة إعداد الغداء، وجلس الزوج على المائدة ليفاجأ بعدم إعداد الطعام فضرب زوجته وتطورت المشكلة فطعنها بالسكين لتفارق الحياة.
 
 
وفى حادثة أخرى قام الأب بتوجيه عدة طعنات وذبحه من الرقبة؛ لمحاولة الأبن استدراج اخته لممارسة الرذيلة، حيث مزق موظف جسد الأبن العاطل 25عام ، متهما إياه بمحاولة التغرير باخته واستدراجها للرذيلة.
 
حيث طعنه عدة طعنات انتقاما منه بعدما تحرش بابنته 23عام، وأثناء قيام الأب بطرد ابنه من البيت بسبب فعلته حدثت بينهما مشادة كلامية تطورت بعدها لمشاجرة تعدى عليه بالضرب بالسكين.
 
 
وفي سوهاج شهدت قرية كوم العرب جريمة بشعة لسائق قيد ابنته البالغة من العمر 12 عاما بالحبال وعذبها بالكي بالنار في قدميها أمام شقيقتها الصغرى 9سنوات واعتدى عليها بالضرب حتى فارقت الحياة لشكه في قيامها بسرقة 4 الأف جنيه من المنزل.
 
 
وابن يقتل والده بسبب مطالبته له بالبحث عن فرصة عمل بعد توفيره له عدة فرص تقاعس الإبن عن التقدم لشغلها، فانهال على والده بعصا الهوكي حتى لفظ انفاسه.
 
 
وألقت أم ابنها في البحر بمدينة العريش حتى تتمكن من ممارسة الرذيلة مع عشيقها "بائع متجول" ووضعت الأم خطة للتخلص من ابنها البالغ 8 سنوات.
 
حيث قامت الأم اثناء وجود زوجها في السجن بوضع جرعة مخدرة داخل زجاجة مياه غازية لأبنها قامت بعدها الأم بإلقاء ابنها في البحر بمساعدة عشيقها.
 
 
وفى مدينة الفيوم قامت الزوجة بقتل طفلها الرضيع 15 شهر أثناء وجود زوجها في المسجد لتأدية الصلاة؛ بسبب نشوب عدة خلافات مع زوجها، حيث أرادت الزوجة حرق قلب زوجها.
 
 
وفى ضوء هذه الحوادث قال الدكتور شحاته زيان أستاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية أن أهم العوامل المسببة لوجود هذه الحوادث هى الأوضاع الإقتصادية الردئية لكثير من الأسر المصرية، وغياب الدور الرئيسى للأباء والأمهات.
 
 
وتابع شحاتة أن ثقاقة الشرف تعمل على حساسية القائم على الأسرة في المجتمعات الشرقية، وتجعله يقوم بدورالحاكم على الأخرين ويتصرف بشكل عدوانى تجاه الأسرة، كما أن ضيق الحال لبعض الأسر عندما يعيش الأب والأم والأبناء في غرفة واحدة، وعدم تلبية الأب لاحتياجات المنزل من مأكل وملبس تحفز في كثير من الأوقات على وجود سلوك عدوانى واضطراب نفسى يعمل على إحداث شكل من أشكال العنف بين الأسرة على حدٍ سواء.
 
 
ولفت شحاتة إلى دور وسائل التواصل الإجتماعى، وهى مجرد عامل مساعد بسبب سهولة رؤية ومطالعة محتويات غريبة الأفكار وشاذة عن المألوف، مشيرا إلى أن أكثر مايميزهذه الظاهرة هى وجودها فى الطبقات الأكثر فقرا، ويجب الحفاظ على وجود الطبقة المتوسطة للمجتمع؛ لأنها تحافظ على ثبات قيم ومبادئ التربية السليمة.
 
 
وعن دور الجوانب المسببة فى انتشار ظاهرة العنف الأسري، قال دكتورعلى شعبان أخصائى علم النفس، أن هناك ثلاث جوانب مسببة لإنتشارهذه الظاهرة، والجانب الاقتصادى أهمها على الإطلاق، وبعض الأباء لديهم سلوكيات سيئة مثل "البخل أو عدم قدرتهم على إعالة الأسرة"، وفى معظم الحالات نتيجة لهذا السلوك يقتل الأباء أبنائهم لشعورهم بالخجل تجاهم، أو ينقلب الأبناء على الأب أوالأم، ويتجلى ذلك واضحا بتبادل اظهار العنف بين أفرد الأسرة.
 
 
وأضاف شعبان أن هناك أيضا الجانب الإيمانى فهو يتمثل فى عدم الرضاء بشعور بعض الأباء أو الأبناء بأنهم أقل من غيرهم، وأيضا الجانب المرضي هناك الكثير يعانون من التأثيرات النفسية المزمنة يتجسد فيما بعد مع الوقت من المعاناة من أمراض نفسية كما تلعب المخدرات دور كبير بالضغط على الأعصاب وتغييب العقل.
 
 
وأكدت دكتورة حنان نشأت اخصائية العلاج النفسى، على أن اضطراب العلاقة السيئة بين الزوجين تنعكس على الأبناء فتتجسد فى شكل من أشكال العنف والعدوان.
 
 
وأوضحت نشأت أن الرجال فى مجتمعنا يمارسون العنف على الزوجات والأبناء بسبب تنشئتهم فى مجتمع ذكوري، وهناك أيضا عنف متبادل بين الزوجين، وفى بعض الأوقات نظرة الأب إلى أطفاله بوجود مميزات لم يتمتع هو بها عندما كان طفلا.
 
 
ولفتت نشأت إلى أن الطفل "مرآاه لـ"الأم"؛ لذلك نفسية وشخصية الأم هى التى تشكل شخصية أبناءها، فاذا كانت جيدة فستصبح الأسرة فى حال أفضل، وبدون وجود سلوك عنف وعدوان، كما أن بعض أهالى الأزواج يمارسون ضغطا عليهم بسبب تتدخلهم الدائم فى الأمور الشخصية بينهم، وهنا تظهر من كلا الطرفين سلوكيات العنف والعدوان.
 
 
وقالت الكتورة نادية حليم أستاذة علم الإجتماع في المركز القومى للبحوث الإجتماعية والجنائية، أن التنشئة غير السليمة للأبناء هى واحد من الأسباب الرئيسية لإنتشار هذه الظاهرة فى المجتمع، كما أن تشكيل الشخصية للفرد منذ الصغر على العنف وانتشار بعض السلوكيات السيئة مثل :"التعصب والغضب" تعتبر عامل مساعد فى هذه القضية.
 
 
 
وعن ايجاد الحلول لظاهرة "العنف الأسري" أوضحت حليم  أنه يجب أن يكون هناك دور للتنشئة السليمة للطفل، قائمة على التفاهم والترابط بين الزوجين، وتعظيم دور القيم والمبادئ من خلال التعليم وبرامج التوعية، والعمل على ايقاظ الناحية الإيمانية لأفراد الأسرة وخلق بيئة نظيفة لمجتمع لا يعانى من أمراض نفسية.