الدكتور جمال الوكيل يكتب: الرئيس عبد الفتاح السيسى هل هو "محمد علي" القرن الحادي والعشرين
على الرغم من الفارق الزمني الكبير بين عهد كل من محمد علي باشا حاكم مصر العظيم 1805-1847، وعهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أننى أردت الإجابة على سؤال وُجه آليًا من قبل البعض، هل هناك ثمة تشابه بين محمد على وعبد الفتاح السيسى؟، وكانت هذه وجهة نظري الخاصة.
أولًا: في 13-مايو-1805م ثار الشعب المصري العظيم على خورشيد باشا، الوالي المستبد، وقررت الزعامة الشعبية متمثلة في السيد عمر مكرم، اختيار محمد على واليًا على مصر، بناء على رغبة شعبية، بعد أن لمس مدى قدرة محمد على على حمايته من طغيان المماليك والعثمانيين، الذين اعتقدوا أن مصر ملكًا خاصًا لهم يفعلون فيها مايريدونه، وبعد مرور حوالي قرنين من الزمان وبضع سنين، تجسدت إرادة الشعب المصري مرة أخرى في 30-يونيو -2013م، عندما قام الشعب المصري بثورته الكبرى ضد النظام القائم فى ذلك الوقت (جماعة الإخوان المسلمون)، مستنجدًا بدرع الأمة الواقي المتمثل في جيشنا العظيم، بقيادة أحد فرسانه وهو المشير عبد الفتاح السيسى، الذي كان بمثابة طوق النجاة للشعب، وحمل روحه على كفه، وأقسم على حماية كل مصري، حتى حققت الثورة أهدافها، وهو اقتلاع حكم جماعة الإخوان المسلمين، الذين اعتبروا مصر وشعبها ضيعة خاصة، بهم يتصرفون فيها كما يشاوؤن، وأعقب تلك الثورة استدعاء الشعب لمنقذه عبد الفتاح السيسى، ليترشح لمنصب رئيس الجمهورية، معتبرًا ذلك بمثابة التكليف من الشعب، ونجح في الانتخابات الرئاسية بنسبة كبيرة، ليتولى قيادة دفة البلاد في 30-6-2014م، ليبدأ مشروعه الأكبر وهو بناء مصر الحديثة في ظل ظروف صعبة تواجهه من كل جانب، وبالتالي كلا القائدين توليا حكم البلاد بعد ثورة شعبية طالبت باستدعاء كل منهما ليتوليا مقاليد الأمور في البلاد.
ثانيًا: إيمانًا بان تقدم الشعوب لا يأتي إلا بالعلم في المقام الأول، وجه محمد على اهتمامه بالعلم والتعليم في مصر فتوسع في إنشاء المدارس العليا المتنوعة، وعمد إلى نقل معارف الغرب الأوروبي إلى مصر، وذلك بإيفاد الطلاب المصريين إلى أوروبا، الأمر الذي أدى إلى ظهور طبقة من المثقفين المصريين الذين أفادوا البلاد بعد عودتهم من الخارج، وزاد على ذلك مجلس شورى المدارس، الذي عرف باسم ديوان المدارس، للإشراف على الأمور التعليمية في البلاد، وعلى هذا النهج أيضًا سار الرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث عمل على الاهتمام بالتعليم والبحث العلمي، فأصدر قرارًا بتشكيل مجلس أعلى للتعليم والبحث العلمي، لوضع إستراتيجية التعليم في مصر 2014-2030، كما وجه اهتمامه إلى عناصر العملية التعليمية الطلبة والمعلمين، وأيضًا أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، والعمل على زيادة بعثاتهم العلمية، وتشجيع النشاط العلمي لكل جامعة، وهو ما يحدث حاليًا في جامعتنا قناة السويس في ظل النشاط الواضح للأستاذ الدكتور ممدوح غراب رئيس الجامعة.
ثالثًا: على الجانب الاقتصادي نجد أن محمد على بعد أن تمكن من القضاء على المشاكل الداخلية التي واجهته، تفرغ لبناء مصر اقتصاديًا رغبة منه في أن تصبح مصر قوة لا تقل عن الغرب الأوروبي، فبدأ بالزراعة بإلغاء نظام الالتزام الذي أضر بالفلاح ولم يعطه الأمان، وأتبع ذلك بمشاريع الري التي حولت البلاد من صحراء جرداء إلى أراضى خضراء، وأدت إصلاحاته إلى تغير أوضاع ملكية الأراضي الزراعية، ووزع أراضى على الفلاحين من 3-5 أفدنة لينتفعوا بها، واهتم بالزراعات المصرية، مثل القطن المصري الذي عمل على تصديره عام 1827م، وفى المجال الصناعي عمل على إنشاء الفابريقات(المصانع)، مثل الغزل والنسيج والزجاج والجلود والسكر والصابون، وغيرها من المصانع، وتجاريًا عمل على احتكار تجارة الواردات ليمنع الاستيراد من الخارج إلا في أضيق الحدود، وعمل على إصلاح الطرق البرية، والاهتمام بالمواني وبناء أسطول تجارى لمصر.
وعلى هذا النهج أيضا يسير الرئيس عبد الفتاح السيسى، الذي يهدف في المقام الأول إلى ازدهار الاقتصاد المصرى، فوجه بإاستصلاح الأراضي، وأمر بإنشاء قرية الأمل بالإسماعيلية، التي تمثل المرحلة الأولى لمبادرته باستصلاح 4 ملايين فدان، وأمر بحل مشاكل الفلاحين وإسقاط ديونهم، كما أصدر قرارًا بتشكيل المجلس الأعلى للتنمية الاقتصادية، ليضع السياسة الاقتصادية للدولة، كما وجه بتشغيل ألف مصنع بالقاهرة الجديدة، وتمويل صندوق المشروعات الصغيرة لدعم الشباب، وتوج هذا الجهد بمشروع محور تنمية قناة السويس، الذي سيجذب ملايين الدولارات نتيجة للاستثمارات التي سوف تجنى من وراءه، علاوة على المؤتمر الاقتصادي الذي عُقد بالقاهرة ووقعت فيه الاتفاقيات العديدة، صناعيًا وزراعيًا وتجاريًا وكهربائيًا، التي سيكون لها أثرًا إيجابيًا للبلاد، عندما تنتهي ويتم تنفيذها على المدى القريب.
رابعًا: البحث عن البدائل الإستراتيجية، فإذا كانت بريطانيا في عهد محمد على القوة الأولى في العالم فى ذلك الوقت، نرفض دائمًا التقارب محمد على لشعورها بأنه يشكل خطرًا على مصالحها بظهوره، ولا يرضخ لها نجده لم ييأس بل لجً إلى حليف آخر قوى منافس لبريطانيا، وهى دولة فرنسا ليوجد نوعًا من التوازن، وعلى شاكلته أيضا نرى الرئيس عبد الفتاح السيسى لم يرضخ إلى الولايات المتحدة، التي اتخذت موقفًا معاديًا للثورة، نتيجة لانهيار أحلامها في تأسيس الشرق الأوسط الجديد، بعد انتهاء حكم حلفائها الذين كانوا بمثابة الذراع المنفذ لسياسات الولايات المتحدة الجديدة، فلم ينحني أيضا الرئيس عبد الفتاح السيسى، بل لجآ إلى حليف آخر وهى دولة روسيا المنافس اللدود للولايات المتحدة.
ونهاية نجد أن كلا القائدين كان لهما طموحاته الخاصة من أجل بناء مصر وتشابهت الظروف بينهم في كثير من الموضوعات، ولكن الشى المميز للرئيس عبد الفتاح السيسى هو مصريته وقوميته العربية، وإيمانه القوى بقدرته على حماية مصرنا العزيزة وأشقائنا العرب ودرء الخطر عنهم.
وتبقى كلمة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى، "كلنا سيادة الرئيس نأمل الخير فيك وندرك مدى جسامة المسئولية الملقاة على عاتقك فكلنا وراءك حتى بناء مصر الجديدة وحماك الله من الفتن والمؤامرات".
الكاتب: الدكتور جمال الوكيل- مدرس تاريخ العصور الوسطى جامعة قناة السويس.