كنوز خلف الأبصار

إسلاميات

بوابة الفجر

نعيش ونتصنع بأننا صم، بكم، عمي. أي حياة تلك التي يحاول فيها كل ذي علم ومعرفة أن يطلب  من الأبناء البر بوالديهما. وحثهم علي إرضائهم وعدم عقوقهم!. أي حياة تلك التي يمارس فيها بعض الأباء والأمهات إبتزاز أبنائهم موجهين إليهم سلاح عدم الرضا، والدعاء عليهم! العجب كل العجب من هؤلاء الأبناء، وهؤلاء الآباء والأمهات!!

بر وطاعة الأبوين حق علي المسلمين وغير المسلمين. وعُبرعن هذا الحق في جميع الأديان السماوية. فجاء في القرأن الكريم "وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا" وذُكر في الإنجيل "أكرِمْ أباكَ وأُمَّكَ ، التي هي أوَّلُ وصيَّةٍ بوَعدٍ، لكَيْ يكونَ لَكُمْ خَيرٌ" . وعلي الرغم من  وجود العديد من الأيات الربانية، التي تحث علي البر والطاعة. 

إن ما يحدث من إستخفاف الأبناء بأبائهم وأمهاتهم، واستخدام أساليب السلخ، والجَلد، والحرق بـ ألفاظ، وأفعال كاوية. يدعونا إلي طرح بعض التساؤلات خاصة في ساحتنا الإسلامية. والتي نحاول منها الوصول الي ما خلف الأبصار.

 السؤال الأول: ماذا لو لم يحثنا ويوصينا  رب العالمين ورسولنا الكريم (ص) علي بر الوالدين؟ 
 
هناك قيود بين الأبناء وبين من جعلهم الله سبب في وجودهم.  يدفع كل إبن وإبنة الي البر دون تفكير، والطاعة بكل تمعن. ألا وهو الرباط العاطفي بين الأبناء والأبوين، والذي ينمو مع نمو إدراكهم الحسي. (المشاعر، والأفكار) تتكون منذ لحظة الإدرك. فالإنسان الطبيعي لا يحتاج إلي فقيه أو عالم ليُعرفه قدر أمه وأبيه. فمنذ اللحظات الأولي للنمو ينشأ ما يُسمي بالتعلق بين الأطفال وأبويهم. وهو ما يؤدي إلي تفاعل نسيج القرابة. 

ومن خلال تلك الروابط الطبيعية منذ لحظة الإدراك فإن الإجابة الحقيقية الواقعية. "هي أن برالأبوين دون أي أوامر أو وصايا  أمراً حتمياً، روحياً، طبيعياً، تلقائياً منا جميعاً".

التساؤل الثاني: هل عدم حدوث هذا التفاعل الطبيعي، وعقوق الوالدين السبب فيه الأبناء؟ هل هذه حقيقة أم عذر وهمي يتهرب به الوالدين من المسئولية؟

علاقة الأبناء بالوالدين أشبه بسَفرة طويلة.  يتخطي فيها الأبناء محطات عديدة وفي كل محطة يأخذ الإبن تذكرة في الذاكرة، مكوناً بها وثاق جديد بينه وبين والديه.  

محطات تبادليه ينقل فيها الأب، والأم حصيلة من التعاليم الدينية، والأخلاقية، والبيئية. فهل يُعقل أن يزرع كل أب وأم في أولادهم براً، وطاعة، وخلقاً. أن يحصدو عقوقاً!.  "بزر الحب، والخلق في الأرض يُنبت سنابل من وصال المودة، والرحمة".

الإستفهام الثالث: هل يواجه كل أب وأم كل مساويء مراحل النمو لأبنائهم بالطريقة الصحيحة وخاصة  في مرحلة المراهقة؟. والتي تُعد مرحلة التفاعلات الخارجية ومن ثم  يستجيب فيها الأبناء لكل ما هو غير مألوف حتي في التعامل مع الأبوين. فتلك حالة عارضة، وتحتاج إلي معاملة مختلفة. ولا داعي أبدا بأن نصف أبنائنا في ظل هذه المرحلة بالعاقين.  رفقا، وليناً في حبل المعاملة معهم.

الطرح الرابع: ألا يستغل بعض الأباء والأمهات خوف أبنائهم من سخطهم؟

الفارق بين البر، والطاعة كبير. برالوالدين شعور وسلوك أخلاقي في كل ما يوجه للأبوين . طاعة الوالدين هي تلبية مطالبهم، والإنقياد لإرادتهم بكل حكمة.

وهذا ما يعاني منه العديد من شباب هذا الجيل من تهديد معلن للأبناء بالغضب والسخط في حالة عدم تنفيذ أوامر يصعب علي كل عاقل أدائها.

يا من برضاكم الجنة كفاكم إبتزاز لعواطف وحب أبنائكم، فتلك الأساليب تُميت قلوبهم. دون إدراك منكم بذلك.
   
ولحين وصول كل شاب وفتاة إلي درجة اليقين بأن جنة الدنيا والأخرة برضا الوالدين. وبأن "الوالدين كنزتصل به الي العلو والرفعة".

وإدراك كل أب وأم أنهم نور الشمس وطريق البر في قلوب أبنائهم والتي إن غابت فقدت القلوب حياتها. "أولادنا كنوز بين أيدينا".
 
لا يسعني إلا أن أوجه بعض الكلمات لكل الأبناء:"بكبر سن والديك تختلف الكثير من الأمور. دع عنك رداء الكِبر والجهل بأمور معاملة أبويك.  فدمار العالم مقابل خدش في إصبع أمك وأبيك. فما بالك إن كان خدشك لهم ذبح أكيد. وإن كان في بعض أوامرهم بعض الرفض فهذا يكون بالبر أي "حسن الرفض".  وتذكر أن بموتهم يغُلق عنك  باب من أبواب الجنة. وسيأتي يوما تكون فيه أبا وإما. ولا تنسي أن الجزاء من جنس العمل".