نائب "الموساد": لم أُصدر الأمر باغتيال مشعل
على الرغم من مرور 18 عامًا على المحاولة الفاشلة للموساد الإسرائيليّ (الاستخبارات الخارجيّة) باغتيال خالد مشعل، رئيس الدائرة السياسيّة في حركة المُقاومة الإسلاميّة (حماس)، في العاصمة الأردنيّة، عمّان، في العام 1997، عندما كان بنيامين نتنياهو رئيسًا للوزراء، على الرغم من مرور هذا الوقت الطويل، ما زال النقاش داخل أروقة الموساد وخارجها، دائرًا حول مَنْ أصدر الأمر؟.
قالت اليوم الاثنين، نائبة رئيس الموساد السابقة، في أوّل مقابلةٍ صحفيّةٍ مع وسيلة إعلام، عليزا ماجين، إنّ رئيس الموساد، داني ياتوم، هو الذي أصدر الأمر، وأنّ مزاعمه بأنّها هي التي أقرّت العملية وأرسلت عناصر الموساد لاغتيال مشعل عاريةً عن الصحّة، ولا تمُتّ للواقع بصلةٍ.
وقالت أيضًا، نعم شاركت في الجلسات التي نوقش فيها أمر اغتيال مشعل، ولكن عندما قاموا بتنفيذ العملية الفاشلة كنت في زيارةٍ رسميّةٍ خارج إسرائيل. ماجين، وهي من أصول ألمانيّة، هي المرأة الأولى في تاريخ إسرائيل، التي تصل إلى هذا المنصب الرفيع في الموساد، الذي يُعتبر بنظر الإسرائيليين أسطورة.
وفي اللقاء المُطوّل الذي نشرته صحيفة (يديعوت أحرونوت) معها اليوم، أكّدت ماجين على أنّها شاركت في مئات عمليات الاغتيال للأعداء، رافضةً أنْ تُفصح عن العمليات، ولكنّها اكتفت بالقول إنّها لاحقت أعداء إسرائيل، أينما كانوا، مشيرةً إلى أنّ عملية اغتيال القادة الفلسطينيين، الذي خططوا ونفذّوا عملية قتل الرياضيين الإسرائيليين في أولمبياد ميونيخ، كانت عملية انتقاميّة مائة بالمائة، لافتةً إلى أنّها شاركت فيها، دون أنْ تكشف عن دورها في عمليات الاغتيال التي طالت قيادات فلسطينيّة رفيعة في منظمة (أيلول الأسود).
وفي معرض ردّها على سؤال قالت إنّ رئيس الموساد، داني ياتوم، الذي اضطر للاستقالة بعد محاولة اغتيال مشعل الفاشلة، لم يكُن يجب أنْ يُعيّن في منصبه، لافتةً إلى أنّه كان إنسانًا صعب التعامل معه، لا يُفكّر خارج الصندوق، وكان قاسيًا وصلبًا ورفض الاستماع إلى آراء القادة، مُشيرةً في الوقت عينه إلى أنّه كان يُجيد التخطيط للعمليات، ولكنّه كان يفتقر إلى صفة الإبداع، على حدّ قولها، وتابعت قائلةً إنّ استقالته من الموساد كانت خطوة ممتازة بالنسبة للجهاز، ذلك أنّ شخصيته ليست مناسبة للموساد.
ماجين، في السبعينيات من عمرها، وُلدت في مدينة القدس وانضمّت إلى الموساد، حتى عُينّت في أواسط التسعينيات من القرن الماضي نائبةً لرئيس الموساد، وهي من أصول ألمانيّة، جُندّت آنذاك لجهاز الاستخبارات، على حدّ قولها، بسبب حاجته إلى رجال ونساء يُجيدون اللغة الألمانيّة في إطار ملاحقته للمجرمين النازيين. وقالت أيضًا للصحيفة إنّ عمليات الاغتيال التي يُنفذّها الموساد منذ تأسيسه لا تُعادل واحد بالمائة من العمليات السريّة التي يقوم بها، مُشيرةً إلى أنّ كلّ مَنْ يسمع عن الموساد، مباشرةً يعتقد أنّ الحديث يدور عن جهاز اغتيالات، ليس إلّا، وهو شيء خاطئ بالمرّة، حسبما ذكرت للصحيفة.
علاوة على ذلك، شدّدّت على أنّ أغلبية عمليات الاغتيال التي نفذّها ويُنفذّها الموساد لا تُجد نفعًا، إنمّا تُنفّذ من أجل إراحة الأنا في كلّ الجهاز.
ودافعت ماجين بشراسةٍ عن الرئيس السابق للموساد، مئير داجان، الذي أعلن الحرب الكلاميّة الهجوميّة على رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، في كلّ ما يتعلّق بمعالجته للملّف النوويّ الإيرانيّ، وقالت إنّه خلافًا للإدعاءات والمزاعم، التي نُشرت في الفترة الأخيرة، فإنّ داغان لم يقُم بإفشاء أسرار دولة، مُشدّدّةً على أنّ من حقّه التعبير عن رأيه ومُعارضة الخيار العسكريّ ضدّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ، وزادت قائلةً إنّ داغان لم يقُل أيّ شيء خارج عن القاعدة، كلّ ما قاله هو أنّ رئيس الوزراء نتنياهو لا يتحلّى بالمسؤولية في آلية وكيفية معالجته للبرنامج النوويّ الإيرانيّ، وفي دولةٍ ديمقراطيّة من حقّه، لا بل من واجه أنْ يُدلي بدلوه، على حدّ وصفها.
وفي هذا السياق قالت إنّه ممّا لا شكّ فيه أنّ البرنامج النوويّ الإيرانيّ يُشكّل تهديدًا وجوديًا على إسرائيل، وفي هذا الأمر نتنياهو صادق مائة بالمائة، ولكن، أقترح على الحكومة الإسرائيليّة، أنْ تلجأ إلى مسألة لم تلج إليها في السابق ولا في الحاضر، وهي أنْ تقوم بإجراء مفاوضات مباشرةٍ مع الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة لحلّ القضية العالقة بين الطرفين، على حدّ قولها.
وهل تنجح هذه الخطوة؟ سُئلت ماجين وردّت بالقول: لا أعرف، ولكن علينا أنْ نطرق جميع الأبواب، ويتحتّم علينا أنْ نتذكّر بأنّه كانت تربطنا بالإيرانيين علاقات ممتازة قبل نجاح الثورة الإسلاميّة في العام 1979، وعبّرت عن اعتقادها بأنّ الجمهور الإيرانيّ لا يكره إسرائيل، على الرغم من أنّ النظام الحاكم في طهران يقوم بتغذيه الكره للإسرائيليين واليهود على حدً سواء، قالت ماغين.
أمّا فيما يتعلّق بالعلاقات المتوترّة بين تل أبيب وواشنطن وهل تُلقي بظلالها على التعاون الأمنيّ والمخابراتيّ، قالت نائبة رئيس الموساد السابقة إنّ التردّي في العلاقات بين الحكومة الإسرائيليّة وبين الإدارة الأمريكيّة لا يصل إلى الأجهزة الأمنيّة، مُشدّدّةً على أنّ التنسيق والتعاون بين الأجهزة الأمنيّة الأمريكيّة والإسرائيليّة لا تتأثر من الخلافات السياسيّة بين واشنطن وتل أبيب، على حدّ قولها. مع ذلك، أضافت أنّه تردّي العلاقات السياسيّة بين الدولتين الحليفتين هو أمرٌ خطيرٌ للغاية، وإذا استمرّ هذا التردّي في العلاقات، فإنّه مع الزمن سيمس بالعلاقات الأمنيّة بين أجهزة المخابرات في كلٍّ من واشنطن وتل أبيب.
جدير بالذكر أنّ الصحيفة حصلت على تعقيب رئيس الموساد الأسبق، داني ياتوم، الذي عاد وأكّد أنّ ماغين هي التي أصدرت الأمر باغتيال خالد مشعل، ودن أنْ تُكلّف نفسها عناء إبلاغه بذلك، وأنا أتكلّم عن الحقيقة، وليس عن أنصافها، على حدّ وصفه.