مى سمير تكتب : هل تنتهى الملكية فى بريطانيا على يد تشارلز؟
■ بعد انتظار طويل للعرض ولى العهد سيندفع إلى تغييرات دستورية ويتدخل فى الحكومة
■ الكتاب يرسم صورة قائمة للأمير فهو رجل تأكله الغيرة من أمه وزوجته الراحلة
1
الغيرة من الملكة
بحسب الكتاب لعبت علاقة تشارلز بوالدته دوراً كبيراً فى تكوين شخصيته، يتضح هذا التأثير من خلال الحوار الذى دار بينه وبين أحد مساعديه أمام قصر باكنجهام. بدأ تشارلز فى تذكر طفولته وكيف كان يراقب جموع الشعب البريطانى تجتمع أمام القصر من أجل تحية الملكة بعد عودتها من رحلاتها الخارجية، ثم أضاف بنبرة لا تخلو من الكآبة أنهم لم يجتمعوا أبدا من أجله. وقد حاول المساعد أن يخفف على الأمير بالتأكيد له أن الزمن تغير، واليوم يتابع الجميع يوميات العائلة المالكة عبر التليفزيون والإنترنت، ولكن كلماته لم تنجح فى التأثير على الأمير الذى يبدو أنه منشغل بصورة والدته الملكة وبظلها الذى لايزال يفرض وجوده.
فى 21 إبريل تحتفل الملكة بعيد ميلادها التسعين، وفى 9 سبتمبر سوف تتفوق على الملكة فيكتوريا لتصبح أطول الملوك حكما لبريطانيا، فى ذلك التاريخ، ستكون الملكة إليزابيث قد احتلت العرش لمدة 63 عاما و217 يوما. يعد هذا انجازاً على المستوى الشخصى وسوف تشعر الأمة البريطانية بالامتنان إلى حكمها الذى نادرا ما شهد أخطاء. لكن ماذا يعنى ذلك بالنسبة للأمير تشارلز؟ فى السادسة والستين من عمره، تساهم هذه الحقيقة فى زيادة حالة عدم اليقين لدى الأمير حول مدى تقبل الشعب له ولأسلوب حكمه. ربما يدفعه ذلك الشعور إلى التهور والقيام بخطوات حادة وحرجة تطيح بأعرق عرش فى العالم.
2
العنكبوت الأسود
كيف سيكون أسلوب حكم الأمير؟ وهل سوف يستمر فى التدخل فى عمل الحكومة أو سيكون ملكاً حشرياً كما يصفه البعض؟ وغيرها من الأسئلة التى تثير الكثير من القلق حول مستقبل المملكة. لقد أثار الأمير بالفعل حالة كبيرة من الجدل بسبب الخطابات التى قام بإرسالها على مدار ثمانية أشهر إلى عدد من الوزراء بالحكومة البريطانية وهى الخطابات التى تعرف باسم العنكبوت الأسود وتتضمن اقتراحات مختلفة بشأن إدارة البلاد. والجدير بالذكر أن هناك معركة قضائية بالمحكمة العليا البريطانية بشأن المطالبة بالإفراج عن هذه الخطابات والكشف عنها للعامة. وكان النائب العام السابق دومينيك جريف قد أصدر حكماً بالحفاظ على سرية هذه الخطابات لأن الكشف عنها قد يدفع الشعب إلى الاعتقاد أن الأمير تشارلز يختلف مع سياسة الحكومة، كما أنه يعتقد أن هذه الخطابات سوف تؤثر سلبا بشكل كبير على دور الأمير تشارلز باعتباره يمثل مستقبل الملكية، فهذه الخطابات قد تعكس عدم حياديته كولى للعهد وهو الأمر الذى لا يمكن تداركه عندما يصبح ملكا.
البعض يعتقد أن هذه المشكلة دفعت الأمير تشارلز إلى التراجع عن تبنى آرائه وأفكاره المختلفة ولكن العكس هو صحيح، فالأمير أكثر إصراراً على كسر الأسلوب التقليدى للحكم الملكى حيث يستمر فيما يصفه فريق عمله بالتدخلات النابعة من قلبه. وعلى الرغم من التحذيرات الودية من قبل أصدقائه إلا أن الأمير صرح قائلا لعدد من المقربين بأنه ينوى القيام بعمل تعديلات جذرية خلال الستة شهور الأولى من حكمه بعد توليه العرش. هناك مقولة شهيرة تقول إن الملك يترك بصمته الأولى خلال السنوات الخمس الأولى من حكمه ولكن تشارلز لن يطبق هذا المبدأ بل على العكس سيكون حريصاً على أن يضع بصمته بمجرد اعتلاء العرش فهو يعلم أنه ليس صغيراً فى السن وعليه أن يسرع فى تنفيذ أفكاره.
وتشير الكاتبة إلى أنها فهمت أن تشارلز الأمير العاشق للتفكير والذى يتم العثور عليه أحيانا نائما فى مكتبه بعد أن يقضى ليلته يفكر ويحلل، يسعى من أجل تغيير نظام التكريم الملكى. بحسب أحد أصدقائه فإن تخطيط الأمير لتغيير نظام التكريم الملكى يلقى ترحيباً كبيراً من قبل الكثيرين. ويرى تشارلز أن المشاركين فى الأعمال الخيرية لا يتلقون التكريم المناسب لهم ويصفهم بالأبطال المجهولين. من أفكاره الأخرى إعادة تسمية الوسام الفيكتورى الملكى إلى وسام إليزابيث الملكى، كشكل من أشكال تكريم والدته وكذلك جدته. وبشكل عام، يعد التفكير فى تجديد نظام التكريمات الملكية من القضايا التى تلقى الكثير من الترحيب خاصة أن هناك الكثيرين الذين يعتقدون أن فى كثير من الأحيان يذهب هذا التكريم إلى أشخاص لا يستحقونه.
فى نفس الإطار، يسعى تشارلز لعمل تغييرات جوهرية فى نمط تتويجه مقارنة بحفل تتويج والدته فى عام يونيو 1953. وبشكل مثير للجدل على نحو كبير، أعلن تشارلز منذ سنوات أنه يريد أن يعرف باللقب (المدافع عن الأديان) بدلا من لقب (المدافع عن الدين) وهذا يعنى أنه فى حالة توليه العرش سيكون هناك حاجة إلى تغيير قسم التتويج، فالقسم الحالى ينص على أن الحاكم الجديد كرئيس للكنيسة سوف يحافظ على الدين البروتستانتى للبلاد.
3
رجل تقليدى
يعشق الأمير القراءة ويقضى لياليه فى الاطلاع على الكتب المختلفة، ولكنه فى المقابل لا يفضل قراءة الروايات، وبحسب الكتاب فإن آخر رواية قرأها الأمير كانت رواية (آنا كارينيا) وذلك عندما كان طالباً فى جامعة كامبريدج.
يقدر تشارلز التراث والتاريخ، وكان خطابه الشخصى لأمير قطر سببا فى استبدال خطط بناء مجمع سكنى على الطراز الحديث فى مدينة تشيلسى بتكلفة 3 مليارات دولار، بطراز مبان أكثر تقليدية. كما أنه مشجع ومنتج للأعذية العضوية، كما يشجع الأطباء على استبدال الأدوية التقليدية بالطب البديل الذى يعتمد على منتجات الطبيعة.
يقول أحد مساعديه إنه يحب أن يقول إن والدته تهتم فقط بالكلاب والخيول فى حين يرى نفسه بأنه أمير ذو قلب. كما أنه يحب القاء الدعابات ولكن ليس دائما. ويرى تشارلز أن والدته لا تبدى آراءها فى عمل الحكومة لأن هذه هى طبيعتها المحادية ولكنه على العكس منها يحتاج إلى إثبات نفسه والتعبير عن وجهة نظره. ويرى عدد من المقربين منه أن هذا الأمر يرجع إلى عدم ثقته فى نفسه، حيث يشعر الأمير بالقلق من أن الناس لن تأخذه على محمل الجد بما فيه الكفاية وهو الأمر الذى يدفعه فى كثير من الأحيان إلى التورط فى قضايا صعبة.
بحسب جوناثان ديمبلى كاتب السيرة الذاتية الرسمية لولى العهد، فإن الأمير تشارلز فى طفولته كان حريصاً على الحصول على رضا والديه. الوضع اليوم تغير وأصبح تشارلز مشهوراً بجملة (ليس معنى أن والدتى تقوم بعمل أمر بطريقة معينة أننى سأعمله بنفس الطريقة).
كل هذه الحقائق حول الأمير تشارلز تشير إلى أنه قد يكون ملكاً مختلفاً أو ملكاً يتدخل كثيرا فى أمور لا تعنيه خاصة تلك المتعلقة بعمل الحكومة البريطانية. وبحسب ديمبلى ففى حالة تولى تشارلز العرش على بريطانيا أن تنتظر ثورة دستورية على نحو لم يشهده من قبل تاريخ بريطانيا.
على الناحية الأخرى، يرى الكثير من أصدقائه أن انشغاله بالكثير من القضايا فى الوقت الحالى يرجع فى المقام الأول لإدراكه أنه بعد توليه العرش سيكون من الصعب عليه تبنى الكثير من الأفكار أو المواقف. ولكن على الناحية الأخرى يرى البعض الآخر من المقربين منه أن الأمير يريد حكم البلاد بشكل مختلف عن والدته حيث يرى أنها حكمت بشكل تقليدى مما أضاع فرصاً كثيرة لتحسين حياة البريطانيين، ولهذا سوف يستغل توليه العرش لإحداث الفارق الذى يراه مناسباً. يريد تشارلز أن يكون ملكاً إيجابياً وليس مجرد رمزاً أو صورة، ولهذا تشعر حاشيته بالخطر، فالقرارات التى يحركها القلب قد تأتى بنتائج غير متوقعة. مواقف الأمير المعارضة للعمارة الحديثة أو دفاعه عن الأغذية العضوية قد لا تشكل مشكلة، ولكن فى السنوات الأخيرة بدأ الأمير فى التطرق للكثير من القضايا السياسية التى قد تسبب موجة من المشاكل اللانهائية. منذ عام 2012، عقد الأمير تشارلز العديد من الاجتماعات مع وزراء بالحكومة البريطانية، وعلى الرغم من سرية هذه الاجتماعات إلا أنه ليس من الصعب التنبؤ بمحتواه، ففى السنوات الأخيرة قام الأمير بالتدخل فى الكثير من القضايا مثل قوانين حقوق الانسان أو السياسات الزراعية. يضيف الكتاب أن الأمير عبر كثيرا عن رغبته فى التوقف عن استخدام العائلة الملكة من أجل الترويج لبيع الأسلحة البريطانية خاصة فى منطقة الشرق الأوسط، وأضاف الكتاب: إن الأمير الذى تجمعه علاقة صداقة بالكثير من العائلات الملكية فى الشرق الأوسط وبشكل خاص مع المملكة العربية السعودية، أبلغ الوزراء أنه لا يحب استخدامه من أجل الترويج للأسلحة.
4
خطايا شخصية
يشير أحد كبار مساعدى الأمير تشارلز إلى أنه يدرك الأخطاء التى ارتكبها فى حياته الشخصية، ولكنه فى المقابل يريد من الشعب أن يحكم عليه من خلال أعماله للدولة وليس من خلال حياته الشخصية. والأمير يدرك أن أخطاءه الشخصية لعبت دوراً كبيراً فى رسم صورته فى عيون العالم، وفى هذا الإطار يستعرض الكتاب ما تقوله الممثلة البريطانية إيما طومسون التى تجمعها صداقة شخصية بالأميرة، تقول إيما إنها كثيرا ما تحدثت مع الأمير عن فكرة الإحساس بالذنب وتضيف أنها فى كثير من الأحيان تشعر أن هذا الإحساس بالذنب هو الدافع الرئيسى الذى يحركه.
ويلقى الكتاب الضوء على حياة الأمير تشارلز الشخصية. بحسب أحد أعضاء الدائرة المقربة من ولى العهد، شعر الأمير تشارلز بالإحباط الشديد فى يوم زفافه من زوجته الأولى الراحلة الأمير ديانا فى عام 1981، وذلك لأنه اكتشف أن ديانا ليست هى الفتاة البسيطة والمرحة التى أعتقد أنه سيرتبط بها ولكنها كانت بالفعل فتاة معقدة تعانى من العديد من الاضطرابات ومنها مرض البوليميا أو اضطراب الطعام. وبحسب أحد أصدقائه لم يكن الأمير يريد اتمام الزواج ولكن التقاليد الملكية منعت من التراجع. كما يكشف الكتاب أن الأميرة الراحلة ديانا كانت على علم مسبق بالعلاقة الخاصة التى تجمع بين الأمير تشارلز وكاميلا زوجته الحالية والتى كانت متزوجة من رجل آخر فى ذلك الوقت. قبل زفافها على الأمير تشارلز، عثرت ديانا على سوار يحمل حروف (جى اف)، واعتقدت ديانا أن هذه الحروف ترمز إلى (جلايدز وفريد) أسماء الحيوانات الأليفة التى تبادلها الأمير مع كاميلا، كما أعتقدت ديانا أن هذه الحروف من الممكن أن تشير إلى لقب (فتاة الجمعة) وهو اللقب الذى كان تشارلز يطلقه على كاميلا.
بحسب الكتاب فإن تشارلز يعشق كاميلا ويصفها دائما بحب حياته، وعلى العكس من الاعتقاد السائد بأنه التقى بها فى مباراة بولو، كشف الكتاب أن أول لقاء جمعهما كان بترتيب من صديقتهما المشتركة لويس دى سانتا كروز حيث التقيا لأول مرة فى منزلها عام 1971. كما تؤكد كاترين ماير أن الأمير تشارلز كان يعتمد على صديقه جيمى سايل مقدم البرامج التليفزيونية الذى رحل عام 2011 من أجل الحصول على نصائح بشأن حياته الشخصية وبالتحديد علاقته مع ديانا. كما يضيف الكتاب أن سايل كان من أقرب المقربين من تشارلز والذى كان يستشيره أيضا فى الكثير من القضايا العامة وكان يطلب رأيه فى بعض الأحيان فى الخطب التى يلقيها. والجدير بالذكر أن جيمى سايل كان شخصية مثيرة للجدل وأثيرت حوله الكثير من الاتهامات الأخلاقية واتهامات الفساد.