طاشت الرصاصات عن سيارة الرئيس... فاصابت آلافا غيره !


هناك مقولة شهيرة ربما تقترب أن تكون مثلا وهى الرصاصة التى تطيش ولاتصيب رجلا فإنها تصيب 10 رجالا آخرين وربما مائة أو ألف وهذا ما انطبق على حوادث عديدة انطلقت فيها الرصاصات على سيارة رجل أيا كانت صفته فلم تقتله وتسببت فى قتل الكثيرين بما جرته من عمليات التصفية والانتقام التى نتجت عنها . ففى يونيو من عام 1995 جرت محاولة اغتيال راس النظام السابق حسنى مبارك أثناء زيارته لاثيوبيا لحضور مؤتمر القمة الافريقية فى أديس ابابا . ويروى أن مبارك كان قد أرسل سيارته المرسيدس المصفحة كى يركبها فى تنقلاته أثناء انعقاد المؤتمر ولكن لسبب غير مفهوم اعتذرت السلطات الاثيوبية عن السماح باستخدام سيارة مبارك متعللة بوجود سيارة أثيوبية خصصت لكل رئيس أو حاكم يحضر المؤتمر دون حاجة لشحن سيارات من كل بلد ممثل فى المؤتمر.. ولكن حدث ان المخابرات المصرية بذكائها وحيطتها أصرت على استخدام المرسيدس الخاصة بمبارك .. وبمجرد وصول الرئيس السابق إلى أثيوبيا وبعد انتهاء مراسم الاستقبال الرسمية الذى اعدت له وخروجه من مطار أديس أبابا انطلقت سيارته إلى مقر انعقاد المؤتمر وفى الطريق إلى هناك سمع مبارك والمرافقون له بعض أصوات ارتطام أشياء بشبكة السيارة الامامية مما لفت نظرهم لتدقيق السمع وتبين الامر وعندها رأى مبارك ومن معه بعض الافراد يقفون على الطريق على بعد عشرات الأمتار من السيارة يحملون رشاشات ويطلقون منها النيران و لم يسبب ذلك القلق لمبارك فقد سمع قبل قدومه إلى أثيوبيا عن صراعات سياسية مسلحة تنشب بين الحين والآخر هناك وظن أن هذه واحدة منها وأن أصوات الارتطام بالشبكة الامامية ربما جاءت عن طريق التصويب الخاطئ من القناصة .

ولكن فجأة وجد مبارك نفسه فى سيارته بمواجهة مجموعة من الافراد يقفون متأهبين ومستمرين فى إطلاق الرصاص وحينها أدرك أنه المقصود واسقط فى يده وسادت مقصورة السيارة ومن يجلسون فيها حالة من الصمت المطبق ! . وقامت فرقة الاغتيال بمحاولة لمحاصرة السيارة من الأمام وجانبيها وقد تأكد للمتآمرين بأن عمليتهم أصبحت سهلة وأن الهدف مبارك أصبح فى متناولهم كفريسة وقعت فى حبائل صيادها ..وفجأة انشقت الارض عن الحرس الشخصى للرئيس السابق وكانوا متوارين فى سيارة أخرى تسير خلف المرسيدس المصفحة التى تقله وبدأ إطلاق النار من الحرس المدربين تدريبا على مستوى عال وبدأ سقوط المتآمرين واحدا تلو الآخر ولينجو مبارك بأعجوبة وليتضح بعد ذلك أنهم ينتمون إلى تنظيم دينى متطرف .. ولكن ماذا حدث بعد ذلك ؟ بدأت فى مصر مواجهات مفتوحة مع الجماعات المتطرفة راح ضحيتها الآلاف خاصة فى صعيد مصر وبدأت المحاكم العسكرية تصدر بالجملة أحكاما بالإعدام على المتورطين فيها بما سمى وقتها بنشاطات الجماعات الإرهابية المسلحة .

حادث آخر جرى فى الاردن الشقيق وكان الاعتداء كذلك على سيارة ملكه الراحل الحسين بن طلال ولكن هذا الحادث كان له نتائج خطيرة ربما كان سينشب من ورائها حرب عالمية ..نعم حرب عالمية وليس اقل .

ففى يوم 17 سبتمبر عام 1970 بدأت الدبابات والمدرعات التابعة للجيش الاردنى بقصف المقار الرئيسية للمنظمات الفلسطينية التى اتخذت من عمان العاصمة الأردنية مقرا لها فيما عرف باحداث أيلول الاسود بعد أن سبق وأعلن الملك حسين عزمه على القضاء على كل المحاولات التى تستهدف إسقاط نظامه وعلى الطرف المقابل أعلن ياسر عرفات قائد منظمة التحرير الفلسطينية فى ذلك الحين أنه سيعمل على إسقاط النظام الفاشى والخائن والعميل فى الاردن وبدأت مواجهات مسلحة واسعة النطاق فى عمان وفى أنحاء اخرى متفرقة من الاردن . وبدأت الدول المجاورة تتورط فى الاحداث الدامية الجارية على أرض الاردن عن طريق مساعدة طرف فى مواجهة الطرف الآخر مثل سوريا والعراق وإسرائيل بينما تحرك الأسطول السادس التابع للبحرية الامريكية فى البحر الابيض المتوسط واخذ وضع الاستعداد للقيام بمهام قتالية لإنقاذ النظام الاردنى ومن ناحية أخرى بدأ الاتحاد السوفيتى السابق فى شحذ همم حلفائه فى سوريا كى يكونوا على اهبة الاستعداد للاشتراك فى القتال . ولكن جرى الاتفاق على وقف لإطلاق النار فى 25 سبتمبر يقضى بانسحاب مقاتلى المنظمات الفلسطينية من المدن والبلدات الاردنية وكان هذا بداية نهاية الوجود الفلسطينى المسلح بالاردن لينتقل بعد ذلك وبزخم أكبر إلى لبنان ويتسبب بعد 5 أعوام فى نشوب حرب اهلية استمرت 16 عاما وحصدت آلاف ارواح الابرياء .

تلك كانت تداعيات محاولة الاغتيال التى وقعت أيضا فى يونيو 1970 مثل حادثة مبارك وتتلخص فى أن موكب ملك الاردن الملك حسين كان يسير فى مدينة الصويلحة على بعد 12 ميلا من العاصمة عمان فى الطريق إلى القصرالصيفى عندما ظهر رجل مسلح يحمل مسدسا فى يده بالقرب من السيارة التى يركبها الملك وعندما نظر الملك له باندهاش متسائلا عما يريده هذا الرجل الذى يحمل مسدسا ؟! وقد دار بخلده أنه ربما يريد تحيته بإطلاق رصاصات فى الهواء (ذكر الملك الاردنى ذلك فى حديث موثق لسلسلة افلام تسجيلية عن الصراع العربى الاسرائيلى ) ولكن كانت صدمة الملك كبيرة عندما اكتشف أن هذا الشخص يحاول تصويب المسدس إليه شخصيا ثم انطلقت من فوهة مسدسه عدة طلقات أصابت احداها سائق السيارة الملكية وعندها قال الملك ها انهم يقصدوننى تماما مثل التى قالها مبارك فى اثيوبيا وبسرعة قفز من سيارته وأخرج مسدسه وبدأ فى إطلاق الرصاص من مسدسه الشخصى على الرجل الذى استهدفه هو ومن تبعه من افراد مسلحين آخرين .. كانت المجموعة بلاشك تنتمى لاحدى المنظمات الفلسطينية وكانت هذه الحادثة نقطة فاصلة فى تأجج الصراع وصحيح أن قتالا كان قد اندلع قبل وقوع محاولة اغتيال الملك بيومين 7يونيو 1970 إلا أن هذه الحادثة كانت نقطة تحول كى يؤكد الملك عزمه على تصفية المنظمات الفلسطينية فى الاردن باسرها ! .