تعرف على مشروع "أمريكا" لتقسيم الشرق الأوسط
نافعة: القمة العربية "لحظة إفاقة" وصعود جديد للعرب
حسين: ثورة 30 يونيو أوقفت المخطط الأمريكي .. ودول بالمنطقة ساعدتها
سويلم: مخطط التقسيم فشل في مصر بعد قطع يد الإخوان
تطورات وأحداث كثيرة وقعت في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يشير إلى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يتبناه كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بات تنفيذه أمراً واقعاً، فبعد أن كان الصراع في المنطقة عربياً إسرائيلياً أصبح الصراع عربياً – عربياً، على الرغم من العدوان الإسرائلي المستمر منذ سنوات على كلٍ من لبنان وقطاع غزة وسوريا، لكن عادة ما يتصدى لهذا العدوان منظمات المقاومة كحزب الله وحماس، ولم ترقى إلى مستوى الحرب.
"ويكيليكس" تكشف المخطط الأمريكي
ما جعل مشروع الشرق الأوسط الجديد وشيكاً، هوالوثائق التي تمّ كشفها موقع "ويكيليكس" حول الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان، وكذلك الوثائق التي كانت تخرج بين الحين والآخر حول الدول العربية التي شهدت ثورات، فعلى سبيل المثال لا الحصر ظهرت وثائق حول عائلة الرئيس التونسي السابق بن علي والفساد الذي إنتشر في البلاد في الوقت الذي كان فيه جل الشعب التونسي يخرج بمظاهرات صاخبة ضد النظام، وفي الثورة المصرية ظهرت وثائق أخرى تتحدّث عن أن الولايات المتحدة قامت بإعداد "قيادي شاب" للقيام بثورة تطيح بنظام حسني مبارك، حيث حدّدت الوثائق موعد بدء الثورة في عام 2011 تحديداً، ذلك عدا عن الوثائق التي أثبتت دعم الولايات المتحدة للرئيس المصري السابق حسني مبارك في العلن، بينما كانت تقدّم دعمها للمعارضة في الخفاء.
كيف بدأ الصراع العربي – العربي ؟
في البداية أحدث سقوط بغداد المروع في 9 إبريل 2003، على الرغم من أنه كان متوقعاً، صدمة عنيفة هزت العالم العربي، فانكفأت النظم العربية على نفسها، تبحث عن السبل الكفيلة ببقائها في السلطة، سواء عبر تحالفاتها الخارجية، أو بتطوير سياساتها الداخلية بمزيد من إحكام القبضة الأمنية، مع التلويح بالإصلاح السياسي والاقتصادي.
وبعدها تطلعت جماهير عديدة في العالم العربي، خصوصاً الشباب، إلى تغيير حقيقي، وتتابعت التفاعلات في المنطقة العربية، حتى بلغت مداها في يناير 2011، فبدأت ثورات الربيع العربي بمحمد البوعزيزي والثورة التونسية، وثورة 25 يناير، وما أعقبه من أحداث الربيع العربي، والتي تركزت في قلب المنطقة العربية، خصوصاً المشرق العربي، وإذا بالصراع "العربي- العربي" ينفجر ، مع التصدعات التي أصابت المجتمعات العربية، أخذت في البداية، شكل صراعات داخلية، ذات طابع طائفي.
وأوضح مثال على ذلك ما جرى ويجري في العراق واليمن، ثم تطورت تلك الصراعات الداخلية بدخول عوامل وأطراف خارجية متعددة، وظهور التنظيمات والحركات الإسلامية المتطرفة التي تتبنى ثقافة العنف والإرهاب، والتي بلغت حد الاستيلاء على مناطق واسعة في العراق وسورية، وإعلان قيام "دولة الخلافة الإسلامية"، وانتشار أذرع تلك التنظيمات، وتحديداً "داعش"، في دول عديدة، تحت اسم الولايات.. "ولاية طرابلس، ولاية سيناء، ولاية الرقة"، ودعت أميركا إلى تحالف إقليمي ودولي، لمحاربة هذا التنظيم الإرهابي .
وانتهى هذا الصراع مؤخراً في اليمن، فبعد تفاقم الأزمة اليمنية وسيطرة الحوثيين بمساندة الدولة الإيرانية على اليمن ومحاولات السيطرة على باب المندب، قام الرئيس اليمني بطلب مساعدة الدول العربية الشقيقة، التي سرعان ما استجابت لنداءات الشقيقة اليمنية وقامت السعودية بإنشاء تحالف يضم عشر دول للتدخل العسكري في اليمن وبالفعل قاموا بتوجيه ضربات على المعاقل الحوثية باليمن تحت ما يسمي بـ"عاصفة الحزم"، والتي نجحت في تدخلها العسكري حتى الآن، وفي إطار التصعيدات العربية أكد مؤتمر القمة العربية في دورته الـ26 بإنشاء قوة عسكرية موحدة للتصدي لمثل تلك الأعمال التي تهدد تفتيت الدول العربية.
دعم الإسلاميين لعرقلة المد القومي العربي
في يوليو 2010 صدر في لندن مؤلف للكاتب "مارك كرتيس" وثق فيه تعاون بريطانيا مع الجماعات المتشددة والإرهابية، في كل من العراق وسوريا وافغانستان وليبيا ومصر والبلقان واندونيسيا، فضلا عن اليمن وفلسطين والاردن.
وكان هدف بريطانيا في دعم "الإسلاميين" تقويض الحكومات الوطنية وعرقلة المد القومي العربي على أساس تصور ساسة لندن أن التوجه القومي يصطدم بالضرورة مع مبادئ الحركات الإسلامية.
خريطة تقسيم الشرق الأوسط
ونشرت احدى المجلات الأمريكية خريطة الشرق الأوسط الجديد ما بعد التقسيم والتي أعدتها على أساس "الدين القومية والمذهبية"، ولأن إعادة تصحيح الحدود الدولية يتطلب توافقا لإرادات الشعوب التي قد تكون مستحيلة في الوقت الراهن, ولضيق الوقت لابد من سفك الدماء للوصول إلى هذه الغاية التي يجب أن تستغل من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها.
الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع هي "إيران، تركيا، العراق، السعودية وباكستان وسوريا والأمارات, و دول ستوسع لأغراض سياسية بحتة، اليمن، الأردن وأفغانستان"
العراق
وعن الدول الجديدة التي ستنشأ، فمن تقسيم العراق تنشأ ثلاث دويلات "كردستان وسنيستان وشيعستان"،"دولة كردستان الكبرى"، وستشمل على كردستان العراق وبضمنها كركوك النفطية وأجزاء من الموصل وخانقين وديالى، وأجزاء من تركيا، إيران وسوريا، ارمينيا واذربيجان.
"دولة شيعستان"، وستشمل على جنوب العراق والجزء الشرقي من السعودية والأجزاء الجنوبية الغربية من إيران "الأهواز" وستكون بشكل حزام يحيط بالخليج العربي، و"دولة سنيستان" ستنشأ على ما تبقى من أرض العراق وربما تدمج مع سوريا، بالإضافة إلى خلق دولة "بلوشستان الجديدة"، التي ستقطع أراضيها من الجزء الجنوبي الغربي لباكستان والجزء الجنوبي الشرقي من إيران.
إيران
أما عن إيران فستفقد أجزاء منها لصالح الدولة الكردية وأجزاء منها لصالح دولة شيعية عربية وأجزاء لصالح أذربيجان الموحدة, وستحصل على أجزاء من أفغانستان المتاخمة لها لتكون دولة فارسية.
أفغانستان
وأفغانستان من المخطط أنها ستفقد جزء من أراضيها الغربية إلى بلاد فارس، وستحصل على أجزاء من باكستان وستعاد إليها منطقة القبائل .
السعودية
وعن السعودية فستعاني أكبر قدر من التقسيم كالباكستان وستقسم السعودية إلى دولتين,دولة دينية "الدولة الإسلامية المقدسة" على غرار الفاتيكان, تشمل على كل المواقع الدينية المهمة لمسلمي العالم, ودولة سياسية "السعودية" وسيقتطع منها أجزاء لتمنح إلى دول أخرى "اليمن والأردن"، على أن تنشأ دولة جديدة على الأردن القديم ، فيما ذكرت "نيويورك تايمز" أنه سيتم تقسيم السعودية إلى خمس دول، وفقا لاعتبارات قبلية وطائفية، ونتيجة خلافات الجيل الشاب من الأمراء، ووفق الخريطة ستقسم السعودية إلى دول : شمال السعودية، غرب السعودية،جنوب السعودية،شرق السعودية ، وفي الوسط العربية السعودية وهابي ستان
اليمن
وبالنسبة لليمن فيشمل المخطط أنه سيتم توسعة من اقتطاع أجزاء من جنوب السعودية، وتبقى الكويت وعمان بدون تغيير.
الأردن
والأردن الكبير سيكون الحل الأمثل للمشكلة الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين ونقطة جوهرية بتخليص إسرائيل من مشكلة تواجهها باستمرار وهي التغيير الديموغرافي للسكان لصالح الفلسطينيين في حال تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وشمل التصور الأمريكي على أن يكون التقسيم والاقتطاع وسيلة لاضعاف الدول التي تتعرض له,على أن تكون الدول الجديدة التي ستنشأ موالية تماماً للإدارة الأمريكية بحكم العرفان بالجميل للعناصر الانفصالية المستفيدة إلى الدولة التي منحتهم الاستقلال, والدول التي ستتوسع ستكون مدينة أيضا بمولاتها لمشروع التقسيم والضم.
وقد أجمع خبراء أن المشروع الأمريكي لتقسيم الشرق الأوسط لم ينجح بشكل نهائي، لافتين إلى أن موقف الدول العربية الموحد مؤخراً قد أوقف هذا المخطط، مؤكدين أن تنفيذه في مصر قد فشل بعد ثورة 30 من يونيو بعد القضاء على جماعة الإخوان.
الإفاقة العربية
رأى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تسعى إليه أمريكا، لم ينجح حتى الآن، موضحاً أن الأمور كانت في اتجاه تفتيت العالم العربي، وجاء مؤتمر القمة العربية الأخير كلحظة إفاقة ليبدأ النظام العربي في الإفاقة والصعود من جديد.
وشدد نافعة، على ضرورة الحوار مع إيران لردع الحوثيين ومخاطر الإيرانيين على المنطقة، وحتى لا تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية تلك الأمور لمحاولة تفتيت العالم العربي وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير.
القضاء على المخطط ..واليد العظمى للولايات المتحدة
وقال اللواء زكريا حسين الخبير الاستراتيجي، أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كانت تسعى إليه دول الغرب وعلى رأسهم أمريكا لتفتيت الدول العربية أوقفته ثورة يونيو بعد قضائها على جماعة الإخوان المسلمين أحد الأذرع الأساسية واليد العظمى للولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة.
وأكد حسين، أن الهجمة التي تستهدف الشرق الأوسط رغم أنها توقفت إلا أن هناك الكثير من الدول العربية التي تأثرت بتلك الهجمة الشرسة، مثل "ليبيا والعراق وسوريا واليمن"، وأوضح أن تلك الهجمة ليست للولايات المتحدة فقط بل أيضاً من خلال أعوانها كـ"قطر وتركيا وإيران".
وتابع الخبير الاستراتيجي موضحاً، أن الفرق كبير بين القوة العسكرية الموحدة والجيش العربي الموحد الذي نتج عن القمة الـ26 لمؤتمر القمة العربية، حيث أن الجيش العربي الموحد يشترك فيه كل البلاد العربية ولكن القوى العسكرية الموحدة هي لمن يشترك من قِبل الدول العربية وليس فرض على كل الدول، مؤكداً أن تلك القوة ستأتي بثمارها على الجوانب الداخلية أسرع من المواجهات الخارجية، لأن تأثير المخطط الخارجي كانت آثاره أقوى داخلياً وليس خارجياً.
أمريكا تستعمل الخطة "ب" بعد فشل مشروع الشرق الأوسط بمصر
كما أكد اللواء حسام سويلم، الخبير العسكري، أن مشروع الشرق الأوسط الذي سعت إليه أمريكا لتفتيت الدول العربية نجح، ولكنه لم يستكمل بعد، لافتاً إلى أنه نجح في كلاً من ليبيا وسوريا والعراق والأردن ولبنان، فيما أنه فشل فشلاً ذريعاً في مصر، بعد قطع اليد المخططة لهم وهم جماعة الإخوان الإرهابية.
وأكد سويلم، أن المشروع لم ينتهي بعد، حيث أن الولايات المتحدة الأمريكية ستستخدم الخطة "ب" البديلة بعد فشل الإخوان الإرهابية، بالاعتماد على المنظمات الإرهابية كداعش وتنظيم بيت المقدس وغيرهم من تنظيمات إرهابية في المنطقة.