د. رشا سمير تكتب : مستر إكس!

مقالات الرأي



لا أكتب اليوم للهجوم على جماعة خرج من تحت عباءتها مائة جماعة.. ولا عن قطيع ساق وراءه مائة قطيع.. ولا عن ثمرة معطوبة أفسدت آلاف الثمار الطازجة.. ولا عن فكرة شريرة نسجت ألف طريق للشر.. ولا عن طوبة فى طريق الإنسانية تركناها لتعلو جدارا من القسوة والحقد والكراهية..

بل أكتب اليوم دفاعا عن جيل لم يقرأ، وجيل اختلطت فى رأسه المفاهيم، وأجيال تصورت أن الدين قسوة وغلظة وفكرة لا تنتشر إلا بحد السيف..

أكتب بعد أن تحاورت مع شباب مُضلل وشباب مُغيب وشباب لا يعى..

فى روايتى الأخيرة (جوارى العشق) نسبت واقعة اغتيال الرئيس السادات رحمه الله إلى جماعة الإخوان تدبيرا وتفكيرا، فانهال على الشباب الواقف على الخط الفاصل بين العقل والتعقل على مواقع التواصل الاجتماعى بالاتهامات وكأنهم اكتشفوا سر القنبلة الذرية، وكان من اليسير جدا فى وسط كل ما كُتب إيجابيا عن الرواية أن ألمح المنتمين للتيارات الإسلامية أو المتعاطفين معهم بل المُغيبين بوهم آمنوا به..

قالوا مستنكرين: من قتل السادات لم يكن الإخوان ولكنهم كانوا الجماعات الإسلامية، هما لازم يعنى الإخوان يشيلوا الشيلة!!..

ابتسمت وقلت فى نفسي: يالهم من سُذج!

ما الفرق بين الإخوان والجماعات الإسلامية والدعوة السلفية وداعش وأنصار بيت المقدس وأجناد مصر والحوثيين وحماس؟..

الإجابة ببساطة: هو نفس الفرق بين لص السيارات ولص المنازل ولص الفراخ ولص الغسيل!..

الكل يلتحف بعباءة الدين.. تعددت المسميات والإرهاب واحد..

ففى 18 إبريل 1974 شهدت الكلية الفنية العسكرية هجوما مسلحا، أسفر عن مقتل 17 وإصابة 65، قاد تنفيذه «صالح سرية» الذى صدر حكم بالإعدام ضده فيما بعد، وهو الهجوم الذى تكشف وثائق ويكيليكس تقارير السفير الأمريكى بالقاهرة حوله اليوم، وتتضمن معلومات عن منفذ العملية وتفاصيلها وعلاقة ذلك بجماعة الإخوان المسلمين..

إذن فالإخوان الذين أخذهم السادات بين ذراعيه لم يأمنوا له، وسعوا طوال الوقت للتخلص منه والخروج عليه حتى ولو بالمشاركة والصمت على ما كانت الجماعات الإسلامية تخطط له..

وما يؤكد تورط الإخوان فى عملية اغتيال السادات بعد حادث الفنية العسكرية أقوال طلال الأنصارى الذى شارك فى حادث الفنية العسكرية بأخذه البيعة فى بيت مرشد الجماعة حسن الهضيبى، تلك البيعة التى شهدت عليها زينب الغزالى، ومن ثم وضع صالح سرية خطة الهجوم على الفنية العسكرية بمباركة المرشد فكان الشرط الوحيد الذى شرطه المُرشد العام أنهم إذا قُبض عليهم لا يعترفوا بأن لهم صلة بالإخوان!..

إذن فالإخوان شاركوا فى عملية اغتيال السادات ليس بالتنفيذ ولكن من خلال التواطؤ صمتا والمتابعة والتآمر فى الخفاء ثم الإنكار كعادتهم لو لزم الأمر.

نعم.. كانوا يعرفون ما يُدبر للسادات لكنهم لم يفصحوا عنه رغم أنه منحهم كل شيء..

إنها واقعة للتذكرة أو لإزالة الغشاوة من فوق أعين الشباب الذين مازالوا يستنكرون عزل محمد مرسى ويتململون من الأوضاع ويتشككون فى المؤتمر الاقتصادى..

وأقول لهم الإرهاب الحقيقى ليس موجها إلى الأجساد ولكن الأخطر أن يكون موجها إلى عقول يعشش فيها الظلام حتى تنحنى الأفكار وتضطرب العقائد..

وأقول لهم إن الإرهاب لن ينتهى بين غمضة عين وانتباهتها لأنه يُغير لون جلده كل يوم.. فبالأمس كانت جماعة الإخوان، واليوم وُلدت ألف جماعة ومنظمة وتآلف..

وتذكروا يا شباب مصر أن مستر إكس مات ألف مرة، لكنه كان يعود لأنه قادر على الاستنساخ فى ألف صورة.. ومستر إكس لن يموت للأبد إلا لو مات فى عقولكم..

فقط لو..