بعد تضييق خناق الحوثيين على عدن.. أين اختفى الرئيس اليمني؟ (تقرير)

عربي ودولي

أرشيفية
أرشيفية

تصاعدت وتيرة الأحداث في اليمن، عقب تضييق جماعة "أنصار الله" المعروفة بـ"الحوثي"، وقوات عسكرية موالية للرئيس السابق على عبد الله صالح، اليوم الأربعاء، الخناق على مدينة عدن (جنوب)، مقر إقامة الرئيس عبد ربه منصور هادي في الأسابيع الأخيرة، وسط استبعاد أممي للحل العسكري، وغموض حول مكان تواجد هادي، وهدوء نسبي في جبهات يمنية أخرى. 

وتأتي تلك التطورات قبل ساعات من انطلاق القمة العربية السادسة والعشرين بمصر يومي السبت والأحد المقبلين، والتي كان من المفترض أن يحضرها هادي، وأهم بند في جدول أعمالها هو الأزمة اليمنية. 

وكان اليمنيون استيقظوا، اليوم، على أنباء سيطرة الحوثيين، وقوات موالية لصالح، على مدينة الحوطة، عاصمة محافظة لحج (جنوب)، وقاعدة "العند" الجوية في المحافظة، قبل أن يختطفوا وزير الدفاع محمود الصبيحي، ومسؤول عسكري آخر بارز في المحافظة نفسها، بالإضافة إلى أنباء عن اختطفاهم أيضا شقيق لهادي كان يتولى منصب أمني رفيع. 

وبسيطرتهم على الحوطة من جهة، والمقرات الأمنية والحكومية في تعز (وسط)، وتقدمهم نحو الضالع (جنوب) من جهة أخرى، أصبح الحوثيون والموالون لصالح، يضيقون الخناق على عدن التي أعلنها هادي في وقت سابق، عاصمة مؤقتة للبلاد إلى حين انتفاء الأسباب التي أدت إلى رحيله عن صنعاء في 21 من الشهر الماضي، بعد سيطرة الحوثيين عليها في شهر سبتمبر الماضي. 

ولم يدخل الحوثيون والقوات الموالية لصالح مدينة عدن، غير أن شهود عيان وسكان محليين، قالوا لوكالة الأناضول، إن مسلحين موالين للحوثيين ولصالح من داخل المدينة سيطروا عصر اليوم على مقار سيادية بعدن. 

كما سيطرت القوات الموالية للحوثيين وصالح، على مطار عدن لمدة ساعات، قبل أن تستعيد اللجان الشعبية الموالية لهادي السيطرة على المطار مرة أخرى، بعد مواجهات عنيفة خلفت قتلى وجرحى، وفق مصدر أمني. 

وتأتي تلك التطورات بعدن، وسط حالة من الخوف لدى المواطنين الذين يخشون من اقتحام الحوثيين للمدينة، وبدأو في التزود بالمواد الغذائية تحسبا لـ"الحرب"، على حد قول سكان محليين.  

ومع اقتراب الحوثيين والقوات الموالية لصالح من عدن غادر هادي، المجمع الرئاسي بالمدينة، غير أن الأنباء تضاربت عن المكان الذي توجه إليه عقب مغادرته للقصر، حيث قالت بعض المصادر إنه غادر مدينة عدن إلى خارج البلاد، فيما ذهبت أخرى إلى أنه في منطقة آمنة داخل البلاد، دون أن تكشف عنها، بينما قالت جماعة الحوثي صباح اليوم، إن هادي يبحث عن منفذ جوي أو بحري للهروب من عدن، دون أن تُحدث تلك الرواية فيما بعد. 

واشنطن قالت من قبلها إنها كانت على اتصال مع هادي، صباح اليوم، إلا أنه "ليس موجوداً في منزله حالياً"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. 

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت جماعة الحوثي عن مكافأة مالية تقدر بـ 20 مليون ريال يمني (حوالي 93 ألف دولار) لمن يلقي القبض على الرئيس هادي. 

وعلى صعيد رد فعل السلطة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا في البلاد عما يحدث، قال وزير الخارجية اليمني، رياض ياسين عبد الله، في تصريحات للصحفيين عقب لقائه، اليوم الأربعاء، مع  الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، في مدينة شرم الشيخ المصرية (شرق):  "طلبنا من الجامعة العربية تدخلا عسكريا وسياسيا عاجلا، وتم الاتفاق على عقد اجتماع غدا الخميس، يخص اليمن على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب (التحضيري للقمة العربية)". 

هذا الطلب جاء بعد ساعات قليلة من توجيه هادي رسالة إلى مجلس الأمن، أمس الثلاثاء، طالبه فيها بسرعة التحرك وإصدار قرار بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يسمح لكل الدول الراغبة في مساعدة اليمن، بتقديم دعم فوري للسلطة الشرعية في بلاده. ومع تصاعد الأحداث في الجنوب اليمني، اضطرت بعض الدول لسحب بعثاتها الدبلوماسية من عدن ومن بينها مصر، ودول خليجية مثل الكويت والإمارات، بحسب مصادر أمنية وأخرى مقربة من الحوثيين.

 الأحداث نفسها كانت البطل في مؤتمر صحفي عقده بنيويورك، فرحان حق نائب المتحدث باسم بان كي مون، والذي قال فيه عبارة إن كي مون "يرى أنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في اليمن". 

ومعلقا علي سؤال بشأن الحشد العسكري الذي تقوم به المملكة العربية السعودية علي حدودها مع اليمن، أكد المسؤول الأممي مجددا على أنه "لا يوجد حل عسكري للأزمة، ويتعين علي الجميع الامتناع عن استخدام العنف". 

وعلى صعيد ردود الفعل الدولية على تلك الأحداث، دعا البيت الأبيض الحوثيين إلى "وقف الاضطرابات" والتعاون مع المبعوث الأممي جمال بنعمر لحل الأزمة التي تعصف بالبلاد. ومحملا الحوثيين وصالح، المسؤولية عما يحدث في اليمن، قال جوش إيرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض في الموجز الصحفي من واشنطن، "الولايات المتحدة تستمر بإدانة العمليات العسكرية الأخيرة الجارية في اليمن والتي استهدفت الرئيس (عبد ربه منصور) هادي، هذه العمليات التي قادها الحوثيون والرئيس السابق (علي عبدالله) صالح قد سببت اضطرابات واسعة وفوضى تهدد ازدها جميع اليمنيين".

 فيما لا يزال جمال بنعمر المبعوث الأممي إلى اليمن، والذي يرعى الحوار بين الأطراف اليمنية، يلتزم الصمت حتى مساء اليوم. وبعيدا عن الجنوب، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء يوما خاليا من التفجيرات ومن أعمال العنف، كما قالت مصادر قبلية في محافظة مأرب (وسط)، مساء اليوم الأربعاء، لوكالة الأناضول، إن المعارك الدائرة بين مسلحي الحوثي ورجال القبائل على مشارف المحافظة، توقفت اليوم "بناء على هدنة قبلية". 

وتكمن أهمية محافظة مأرب، نظرًا لوجود حقول النفط بها، ومنها يمتد الأنبوب الرئيسي لضخ النفط من حقول "صافر" بالمحافظة، إلى ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر، غربي البلاد، كما يوجد بها أنبوب لنقل الغاز المسال إلى ميناء بلحاف بمحافظة شبوة جنوب اليمن، إضافة إلى وجود محطة مأرب الغازية (الكهربائية) التي تمد العاصمة صنعاء وعدة مدن يمنية بالطاقة الكهربائية.