الجيش الجزائرى يعلن الحرب على المعارضه

عربي ودولي

بوابة الفجر



قال الجيش الجزائري، الاثنين، إن الجزائر، بحاجة إلى الوحدة بين جميع مكونات الطيف السياسي في تعليق غير مباشر على الأزمة السياسية المحتدمة بين النظام الحاكم بقيادة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، والمعارضة التي بدأت في المرحلة الأخيرة تضغط لدفع النظام المنغلق بقوة على نفسه إلى مزيد من الانفتاح وتحرير الحياة السياسية.

وبررت افتتاحية مجلة "الجيش" لسان حال المؤسسة العسكرية الجزائرية في عدد مارس، الصادر الاثنين، موقف القوات المسلحة بأنها تسعى لـ"تعزيز الأمن والاستقرار الداخلي لمواجهة تأثيرات الأزمات التي تشهدها دول الجوار".

ويقول مراقبون إن الخطاب الذي تضمن نبرة تهديد مبطنة، موجه أساسا للمعارضة التي صعدت من انتقاداتها للتوجهات الاستبدادية للسلطة القائمة على الرغم من محاولة إظهاره باسلوب "محايد".

ويؤكد هؤلاء إن الدعوة الى "الوحدة الوطنية" في هذه الظروف تعني أن تكف المعارضة عن التصعيد ضد النظام القائم والكف عن انتقاداتها له أمام إصراره على احتكار السلطة وممارستها بشكل عفا عليه الزمن دون ان يتعلم من الأحداث الجارية في المنطقة حيث لم تشفع القوة وكتم الأصوات عن التعبير الحر من الشفاعة لأنظمة كانت ربما اشد منه قوة وبأسا وسيطرة على مجتمعاتها.

وتعيش الجزائر منذ أشهر حالة استقطاب حادة بين المعارضة والنظام الحاكم على خلفية إصرار الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، على البقاء في منصبه رغم حالة العجز الظاهرة عليه منذ أكثر من سنة، ورفضه التنحي عن منصبه.

كما تتنامى في جنوب البلاد جانب احتجاجات شعبية ضد مشروع حكومي لاستغلال الغاز الصخري، وضع السلطة في مأزق إذ هي لا تستطيع التخلي عن المشروع لحاجتها الأكيدة لأموال اضافية للاستمرار في الصرف على السلم الاجتماعي والاستقرار الهش، كما أن أن تنفيذه بالقوة يمكن أن يؤلب عليها فئات شعبية مهمشة كثيرة تنظر الفرصة للتعبير عن مخاوفها وبشكل تخشاه السلطات ويخشاه كبار جنرالات الجيش من دعائم اركان نظام عبدالعزيز بوتفليقة في ما يصطلح عليه في الجزائر بـ"لعبة تبادل مصالح ونهب منظم للأموال المستحصلة من الثروات الجزائرية".

والخميس، اتهم بوتفليقة، في خطاب شديد اللهجة المعارضة باتباع "سياسة الأرض المحروقة" في خطوة وصفتها المعارضة بإعلان حرب عليها وعلى مطالبها السياسية المشروعة.

وتوعد بوتفليقة، في خطاب "عيد النصر"، الذي ألقاه أحد مستشاريه في محافظة غرداية جنوب البلاد المعارضة التي تطالب بانتقال ديمقراطي يتم فيه تغيير سلس للسلطة، من خلال تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، بأنها ستواجه "بحزم ودون تقاعس".

وقالت افتتاحية "الجيش" "تبقى مواجهة تأثيرات المتغيرات العنيفة التي تضرب مناطق مختلفة من العالم، وعلى حدودنا مرهونة بالتفاف الشعب بمختلف فئاته وقواته المسلحة حول المجهود الوطني، بغرض تعميق الوحدة الوطنية وتحقيق الانسجام الوطني للمحافظة على أمن واستقرار وسيادة الوطن".

وياتي رد الجيش الجزائري يوما واحدا بعد الرد القوي من المعارضة وانتقاداتها الشديدة لمضمون خطاب بوتفليقة.

وقال أحزاب "قطب قوى التغيير" بقيادة السياسي المخضرم علي بن فليس في اجتماع طارئ إن الخطاب يكشف عن أن "النظام السياسي القائم يحمل بذور صدع استقرار الوطن، والمجازفة بأركان وحرمة وديمومة الدولة الوطنية".

وأضافت "الجيش" أن "أي مساس بالوحدة الوطنية من شأنه التأثير على الأمن والاستقرار الداخلي".

واستشهدت المجلة بما ورد في رسالة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، القائد الأعلى للقوات المسلحة، في شهر فبراير، قال فيها "إن الدفاع عن الأمن الشامل لبلادنا، الذي يستأثر بكل جهودنا، يقتضي تعبئة وتجنيد قوانا الحية كلها من أجل ضمان أمننا الاقتصادي، ومن ثم، أناشد كافة الجزائريات والجزائريين أن يشمروا كلهم عن سواعد البذل والعطاء في سبيل استمرار تشييد بلادنا ووقايتها من أنواع الكيد والأذى والناجمة عن تلك المحاولات الداخلية والخارجية التي تروم الإخلال باستقراره".

ويقول محللون إن هذا الاستشهاد بموقف يؤكد بشكل واضح أن التصريحات الواردة بافتتاحية صحيفة القوات المسلحة تذهب في خانة دعم الرئيس الجزائري في مواقفه وتصلبه من مسألة الانفتاح السياسي السلس في البلاد، ربما لأنه يملك برنامجا مختلفا يذهب بحسب ما تهمس به بعض وسائل الإعلام المحلية وقادة احزاب معارضة إلى فكرة توريث الرئاسة لشخص مقرب وموثوق بأنه سيواصل مهمة حماية مصالح البطانة ودائرة واسعة من أصحاب المصالح المتنفذين من رجال أعمال وقادة عسكريين، لأن النظام الحالي يرى أن أي انفتاح سياسي حقيقي قد يقلب الطاولة عليه وعلى المتربحين من وجوده على هذه الحالة البائسة من الانغلاق والتحجر السياسي الذي عفا عليه الزمن.

وفي منتصف مارس دعت رئيسة حزب العمال المقرب من السلطة الحاكمة لويزة حنون سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري لـ"التدخل لحماية البلاد من النهب والسطو".

وقالت حنون "لا يمكن لسعيد أن يبقى مكتوف الأيدي بعد أن انتقلت إليه بعض الصلاحيات التي لا يقوى الرئيس بوتفليقة على القيام بها بسبب المرض".

وقال عدد من مراقبي الشأن الجزائري ومعارضون إن حنون يبدو انها كانت مكلفة بإطلاق الحديث عن مخطط التوريث الذي يبدو أنه بدأ بالفعل يتخذ زخما متناميا، مع تحرك العديد من الدوائر السياسية والإعلامية للترويج له في الساحة السياسية الجزائرية.

ويقول مراقبون إن فكرة التوريث بقدر ماهي مقلقة للمعارضة وطيف واسع من الراي العام الجزائري فإن مايقلق أكثر هو أن يكون السعيد بوتفليقة نفسه هو "الخليفة المنتظر".

وأثتاء الكشف عن فضيحة الاختلاسات الضخمة والعابرة للقارات في شركة "سوناطارك" الوطنية الجزائرية للنفط تداولت بعض التقارير الصحفية الجزائرية اسم الرجل وعائلته كأحد ابرز المستفيدين من الأموال المنهوبة كما تثار حوله شبهات بإدارة شبكة قوية من اصحاب المصالح ورجال الأعمال الذين قدموا دعما قويا لشقيقه عبدالعزيز بوتفليقة في حملته الرئاسية الأخيرة مقابل وعود كثيرة بتسهيل تحقيق مآربهم الاقتصادية بعيدا عن أروقة مؤسسات الدولة وأجهزتها.

ويوصف السعيد بوتفليقة بأنه الرجل النافذ في أعلى هرم السلطة في الجزائر دون ان تكون لهم مهمة واضحة داخل اروقة النظام، رغم حرص البعض على وصفه بأنه "مستشار للرئيس".