"بر الوالدين".. دين عاجل السداد

إسلاميات

بوابة الفجر


للوالدين على الأبناء حقوق كثيرة، لا تعدّ ولا تحصى، مكافأة لما قاما به من مساع حميدة، من أجل راحة الأبناء، وتنشئتهم تنشئة إسلامية، راجين بذلك ما عند الله والدار الآخرة، راجين من الله -تعالى- حسْن الرعاية من أبنائهما، جراء تربيتهما لهم.

فما أعظم فضل الوالدين على أبنائهما، فقد ضحا بعمرهما من أجل أن يرى أبنائهما في خير حال، بل قد تصل التضحية لدرجة أنهما قد يبيتا على جوع حتى يشبع أطفالهما.

وقد وجهنا ديننا الحكيم إلى أهمية بر الوالدين وخطورة العقوق، وجعل برهما من أهم التكاليف الشرعية، إذ قرن الله -تعالى- الإحسان إلى الوالدين بعبادته  -تعالى- لقوله: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا.

فقد رفع الله -سبحانه وتعالى- الإحسان إلى الوالدين إلى مستوى عبادته من حيث الأهمية، بل جعل شكرهما مقرونًا بشكره، قال-تعالى- : "أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ".

ومع كبر سن الوالدين قد يثقل حملهما على الأبناء بسبب المرض واحتياجهما إلى رعاية خاصة، وقد يكثر تدخلاتهما في شئون الأبناء مما يجعل الأبناء يضيق صدرهم بهما ويتأففون من طلباتهما، وقد حذر الله -تعالى- من هذا الأمر فقال: "إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا"، فهم في هذا السن يكونان في أمسّ الحاجة إلى اهتمامك وعطفك واستيعابك لهما مثلما فعلا معك عندنا كنت صغيرًا.

وقد بين لنا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- كيف يكون بر الوالدين والإحسان إليهما فرصة عظيمة لدخول الجنة لا يجب تفويتها وإلا نكون قد خسرنا خسارة كبيرة، فقال في حديثه: خابَ وخسر، من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلمْ يدخُلاه الجنّة.

بل وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- حسن رعاية الآباء وخدمتهما بالجهاد، فقد جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يستأذنه في الجهاد فقال له النبي: أحي والداك !، قال الرجل: نعم، فقال له النبي: ففيهما فجاهد.

كما حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- من دعاء الآباء على أبنائهم بالسوء فقال: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة الوالد على ولده، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر.

فاحرصوا على بر الوالدين والإحسان إليهما والسعي في خدمتهما، وحتى لو أساءا معاملاتكم فاخفضوا لهما جناح الذل من الرحمة، وقولوا: ربي ارحمهما كما ربياني صغيرًا.

فبر الوالدين مقدّم على بر غيرهما من الناس، سواء الأولاد أو الزوجة أو الأصدقاء أو الأقرباء، أو غير أولئك من الناس، برّ الوالدين مقدّم على أولئك جميعًا.