رحاب الدين الهواري يكتب: المرجعيات الشيعية.. دور مشبوه في العالم العربي

ركن القراء

بوابة الفجر

منذ نشأتها؛ لعبت المرجعيات الشيعية دورا ملحوظا في التحولات الجيوسياسية التي شهدتها المنطقة العربية الإسلامية، على مدى تاريخها الطويل الممتد لأكثر من ألف عام، وهو الدور الذي شهد نشاطا واضحا بعد الثورة الإيرانية في عام 1979 بعد أن كان قد اختفى في العصور المتأخرة، الأمر الذي يستلزم معه إلقاء الضوء على أصل المرجعيات في الإسلام وهل هناك ما يدعمها من النصوص النبوية الصحيحة، وما هو الدور الذي قامت به في المنطقة العربية.
أولا لم يعرف الإسلام بإجماع الأمة فكرة الكهنوتية الدينية، وحتى في المذهب الشيعي نفسه، انقطعت المرجعية بموت الإمام الثاني عشر، حيث ظل الشيعة في جميع العالم ينتظرون عودة الإمام الغائب، وهو الانتظار الذي عمل على تقليل شدة الخلاف بين الشيعة وغيرهم، حيث هدأت ثوراتهم إلى حد ما واندثرت المذهبية إلى حد بعيد في جميع البلاد التي بها شيعة وصاروا مواطنين في الدولة لا فارق بينهم، حتى ظهور الإمام الخميني في إيران، والذي بدأ اللعب في التصور الشيعي، باختلاق فكرة الولي الفقيه، الذي هو بمثابة الإمام الغائب والمعبر عنه في غيابه.
هذه الفكرة نقلت المذهب الشيعي نقلة نوعية، فبعد أن كان مرجعيات الشيعية لا صالح لهم بالعمل السياسي، ويقتصر كل دورهم على حفظ التراث الشيعي والدعوة إلى الله، أصبح الإمام لأول مرة هو ظل الله في الأرض ورمزا للإمام الغائب، ما يخالف التصور الشيعي الذي بدأ قديما في فكرة الاثنا عشر إماما فقط من احفاد علي ابن أبي طالب، رضي الله عنه.
غير أن هذه النقلة التي لم يقرها الشيعة قبل الخميني، كشفت حقيقة المذهب، إذ كان العالم الإسلامي ينتظر من الحكومة الإيرانية الجديدة التي اتخذت من الإسلام توجها، أن تبادر في دعم قضايا العالم العربي، أمام إسرائيل وجوار النظام العالمي عن القضية الفلسطينة، لكن بدلا من ذلك عملت الحكومة الإيرانية من خلال توجيهات الولي الفقيه على زعزعة الاستقرار في العالم العربي تمهيدا لتشييع المنطقة، مكتفية بتصريحات جوفاء وتهديدات لا ترهب أحدا من تصريحات بإلقاء إسرائيل في البحر وأنها جرثومة وغيرها، وهي التصريحات التي لم تفض إلى جديد حيث لم تطلق إيران رصاصة واحدة ضد إسرائيل. بل على العكس من هذا فوجئ العالم العربي بعداء شديد من الدولة الجديدة، حيث بدأت سريعا حرب الخليج الأولى، قبل أن تشرق وتغرب في العالم العربي بوضع خلايا نائمة في جميع البلاد العربية.
والأزمة لم تكن في وجود دولة في المنطقة العربية تسعى للسيطرة السياسية على المنطقة، وإنما الأزمة أن هذه الدولة تستند إلى مرجعية دينية اخترعها الخميني، ولم يأت بها أحد قبله، فإذا كانت فكرة عصمة الإمام هي المكون الرئيسي للمذهب الشيعي، كما يقول ابن أبي الحديد: "لا تجوز عليهم الكبائر ولا الصغائر، لا عمدًا ولا خطأ ولا سهوًا، ولا على سبيل التأويل والشبهة مثل الأنبياء"، وكما يقول محمد رضا المظفر: "ونعتقد أن الإمام كالنبي يجب أن يكون معصومًا من جميع الرذائل والفواحش ما ظهر منها وما بطن من سن الطفولة إلى الموت عمدًا وسهوًا"، فإن هذه العصمة مٌنحت للأئمة الاثنا عشر فقط، فهل من حق الخميني ومرجعيات الشيعة في كل مكان ادعاء العصمة؟ ولعب دور الإمام الغائب بحسبهم؟ الواقع أن هذه الفكرة لم تكن إلا حيلة من الخميني لإعادة النزعة الطائفية في المنطقة مرة أخرى، بعد أن اختفى خطر الشيعة في العصور المتأخرة، لكن إحيائها هذه المرة جاء بأقوى من كل مرة، من خلال الدور المشبوه الذي لعبته المرجعيات الدينية للشيعة، التي تلقت جميعها تعاليمها في الحوزة بمدينة قم بإيران، وعادت إلى بلادها لتبث سموم الطائفية في العالم العربي الذي لم يكن يعرف المذهبية أو الطائفية.
بدأ الأمر بإيران، ومن خلال مرجعياتها تمت السيطرة على المنطقة بأسرها من خلال إحاطتها بحزب الله في لبنان والوفاق في البحرين والحوثيين في اليمن، فضلا عن نسبة بسيطة، ما زالت نائمة في جميع البلاد العربية.
والغريب أن مرجعيات الشيعة في هذه البلاد، لاسيما البحرين، يمارسون علنا أبشع أنواع الطائفية، في تدخلهم المباشر في العملية السياسية وإفسادهم لها، من خلال استحضار النصوص التي لا علاقة لها بهذا الزمن، والتي هي نصوص عقائدية لاتتفق مع تغيرات السياسة والمصلحة العامة، ليتم تحويل الصراع في البحرين من سياسي إلى مذهبي إلى طائفية مقيتة تصيب البلد باكلمه، كما مزقت لبنان وضيعت اليمن.
لقد مزقت المرجعيات الشيعية العالم العربي، ولم يعد هناك مفر من القضاء على هذه الظاهرة في الدول التي زالت تخضع لحكومات وطنية عربية كما في البحرين، وخيرا فعلت الحكومة بتوقيف المرجعي الشيعي علي سلمان بعد ان فطنت أخيرا بمحاولته مع جمعيته "الوفاق" نقل البحرين من دولة عربية إلى ولاية فارسية تابعة لإيران.
أيضا لا نسسى دور المرجعيات الشيعية في العراق والتي مزفت البلد تماما، لا سيما في معترك الانتخابات الأخير، حيث لعبت المرجعيات أسوأ دور في دعم الطائفية، حتى ضاع العراق من أبنائه، وها هم يحاولون في اليمن.
خلاصة القول أن فكرة المرجعية الشيعية فكرة باطلة لا أساس لها في الإسلام ولم يعرفها المذهب الشيعي نفسه بعد الامام الثاني عشر من أئمتهم، وإنما هي بدعة إيرانية اخترعها الخميني لتمزيق الأمة العربية، والتمكين للدولة الشيعية الجديدة التي تبشر بها إيران.