أثر الشهوات والهوى على الإنسان

إسلاميات

بوابة الفجر


عجبًا لأُناسٍ ارتضوا بلذة ساعة وانساقوا وراء شهوات أورثتهم الانزلاق في مهاوي الإثم والمعصية، فصاروا بذلك عباد لشهواتهم التي أعمتهم وأصمتهم عن رؤية ما أصبحوا فيه من بعد عن ذكر الله.

والسقوط في بئر الشهوات يغير الأمور ويبررها لدى نفس الإنسان، فيرى المنكر معروفًا، وتجتهد نفسه في إيجاد مئات التبريرات لأفعاله المحرمة، وفي ذلك يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث المرفوع: " حبُّك للشَّيء يُعمي ويُصم".

واتباع الإنسان لشهواته يجعل على العقل والفكر حجابًا يمنعه من معرفة الحق والباطل والحلال والحرام، بل يصبح في ذلك عابدًا لشهوته، وقد ذكر الله تعالى هذه الحقيقة في القرآن الكريم، وأشار إلى أن المتّبع لهواه في الحقيقة عابدٌ لغير الله: (َفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُون)، فأشار سبحانه بشكلٍ واضحٍ إلى أن الإنسان يمكن أن يتسافل إلى الحدّ الذي تصبح فيه نفسه هي المعبودة والمطاعة وليس الحق عز وجل.

لذا فإنك تجد من يمشي وراء شهوته ويرتكب المحرمات فإنه بعد فراغه من شهوته المحرمة أيًا كانت سواء أكلًا للحرام أو زنا أو غيرها من الأمور فإن نفسه تهدأ وحينها يشعر بضيق الصدر على الجرم الذي ارتكبه، ووقتها تزال الغشاوة عن العين والقلب فيعيش في حالة من الندم، ولكن بعد فوات الأوان، إلا أن يتغمده الله برحمته ويفتح له باب التوبة.

والمتبع للشهوات يشعر في داخله نار وحرقة بعد وقوعه في الإثم، وقد فسر لنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك في قوله: "حُفَّت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره".

فالنار أعاذنا الله منها قد أحيطت بالشهوات، والجنة قد أحيطت بالمكاره وهو الصبر على الامتناع عن الشهوات التي تميل إليها النفس.

مثلا الزنا والعياذ بالله شهوة الفرج تميل إليها النفس كثيرا ، فإذا هتك الإنسان هذا الحجاب فإنه يكون سببا لدخوله النار .

شرب الخمر :تهواه النفس وتميل إليه ، ولذلك جعل الشارع له عقوبة رادعة بالجلد ، فإذا هتك الإنسان هذا الحجاب وشرب الخمر أداه ذلك إلى النار والعياذ بالله.

حب المال شهوة من شهوات النفس ، إذا سرق الإنسان فإنه يحب أن يجمع المال يحب أن يسرق من أجل أن يستولي على المال الذي تهواه نفسه ، فإذا سرق فقد هتك هذا الحجاب فيصل إلى النار والعياذ بالله .
الغش من أجل أن يزيد الثمن ثمن السلعة ، هذا تهواه النفس فيفعله الإنسان فيهتك الحجاب الذي بينه وبين النار فيدخل النار .

ومما يورثه اتباع الشهوات وهوى النفس أن يصبح المرء سائرًا في طريق الضلال، فالشهوات تخرج الإنسان عن طريق الله، يقول تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).كما أنها تبعده عن أن يكون عادلًا منصفًا، يقول تعالى: (فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ)، ويقول أيضًا: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا).

ولو اتبع كل منا شهواته وأهوائه لعم الفساد في الكون، يقول تعالى: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ).

فعلى كل عبد لله أن يجاهد نفسه ولا يتبع غير سبيل المؤمنين، وليصبر على ما حرم من الشهوات حتى يمن الله عليه بها برزقًا حلالًا طيبًا، فقد حُفَّت النار بالشهوات، حُفَّت الجنة بالمكاره، كما قال الحبيب صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.