بيرلسكوني يُقبل " ميركل " ثم يعلن الحرب عليها

عربي ودولي


يبدو أن السيل بلغ الزبى بالإيطاليين في علاقاتهم العسيرة مع ألمانيا تحت ظل اليورو وأزمته التي تعصف بأوروبا. ففي هذا المناخ وصل الضيق حد أن صحيفة مرموقة مملوكة لرئيس الوزراء الإيطالي السابق وصفت المستشارة الألمانية بأنها أنشأت «الرايخ الرابع».

أثارت صحيفة «إل جورنالي» الإيطالية المملوكة لرئيس الوزراء السابق سيلفيو بيرلسكوني زوبعة إعلامية عاتية بعدما حذرت في عنوانها الرئيسي على الصفحة الأولى من «الرايخ الرابع» مرفقًا بصورة المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، وهي ترفع يدها في تحية لا يمكن تفسيرها في هذا السياق إلا بالنازية.

لكن هذا التجاوز الدبلوماسي الخطير، الذي اجتذب الأضواء الإعلامية في بريطانيا، ما هو إلا أحد وجوه حرب كلامية حامية الوطيس تستعر الآن بين إيطاليا وألمانيا. وكما هو متوقع، فإن هذه الحرب تدور حول كيفية التعامل مع أزمة اليورو التي تهدد أوروبا بالشلل الاقتصادي الكامل.

ويهاجم الموضوع الرئيسي الوارد على صحيفة «إل جورنالي» المستشارة الألمانية قائلاً إن تعنتها «أنزل علينا الخراب وأجبرنا نحن وبقية أوروبا على الركوع. وهكذا ما عادت إيطاليا جزءًا من القارة الأوروبية وإنما صارت رقعة تابعة للرايخ الرابع». («الرايخ» تعني «الامبراطورية» و«الرايخ الثالث» هو حقبة المانيا النازية»).

ويأتي في المقال أيضًا: «التاريخ يحدثنا بأن المانيا في عهد الرايخ الأول سعت الى تسميتها «امبراطورية روما». وفي الثاني والثالث سعت ايضًا للهيمنة على أوروبا، فكانت النتيجة حربين عالميتين وملايين القتلى. لكن يبدو أن كل هذا لا يكفي لإشباع أنانية المانيا، وهاهي تريد فعل الشيء نفسه مجددًا، وإن كان باليورو هذه المرة وليس بالمدفع». ويمضي المقال قائلاً: «الألمان يعتقدون أن أوروبا ملك لهم، وأن علينا الخنوع والاستسلام للقيصر الجديد أنغيلا ميركل التي تريد حكمنا داخل ديارنا».

ووفقًا للصحف البريطانية التي تناقلت النبأ فهذه ليست المرة الأولى التي تثير فيها «إل جورنالي» عاصفة دبلوماسية بخصوص المانيا ومستشارتها. فقبل شهرين، في أعقاب هزيمة منتخب كرة القدم القومي الألماني على يد الإيطالي في منافسات «يورو 2012»، خرجت الصحيفة بصورة ميركل وعنوان رئيسي يقول: Ciao, ciao culona، وترجمته الفضفاضة هي: «وداعًا أيتها الكسولة المكتنزة شحمًا ولحمًا»!

والعام الماضي أثار بيرلسكوني، الذي أُجبر على التنحي عن رئاسة الوزراء في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، زوبعة أخرى عندما وصف في حديث مسجّل المستشارة بأنها مفرطة البدانة. وكان هذارغم تبجحه في العلن بأن صداقة عمل ممتازة تجمعه بها. وتعالى صوت هذه الفضيحة بحيث اضطر بيرلسكوني لإصدار بيان خلال زيارة له الى برلين نفى فيه أنه تفوه بأي شيء سلبي في حق المستشارة وشدد على علاقات المودة العميقة بينهما.

يذكر أن المانيا وإيطاليا ظلتا تقفان على طرفي نقيض في مسألة اليورو، خاصة بعدما اتهمت برلين روما بأنها «لا تفعل ما فيه الكفاية» من أجل إعادة ترتيب بيتها وأمورها المالية في وجه الأزمة التي تعصف بأوروبا منذ عامين. ولم تصمت الصحف الألمانية عن انتقاد إيطاليا واسبانيا واليونان مشيرة الى «أدائها الضعيف وحاجتها المستمرة للإنقاذ المالي» (على حساب دافع الضرائب الألماني).

ومن جهتها لا تكتفي «إل جورنالي» بصب جام غضبها على ألمانيا ومستشارتها، وإنما توجه مدافعها أيضًا نحو رئيس الوزراء الإيطالي التكنوقراطي، ماريو مونتي، نفسه قائلة إنه «ضعيف الشكيمة عندما يتعلق الأمر بالوقوف في وجه برلين».


وشبهت الصحيفة مونتي برئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين الذي أعلن في 1938، بعيد محادثات أجراها مع أدولف هتلر، أنه يضمن السلام للدنيا بأجمعها. لكن هذه كانت أمنية جوفاء بالطبع لأن الحرب العالمية الثانية اندلعت العام التالي.