تفسير سورة البقرة من الأية (113) الى الآية (119)

إسلاميات


{113} وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ

وَقَالَتْ الْيَهُود لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْء مُعْتَدّ بِهِ وَكَفَرَتْ بِعِيسَى وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء مُعْتَدّ بِهِ وَكَفَرَتْ بِمُوسَى وَهُمْ أَيْ الْفَرِيقَانِ يَتْلُونَ الْكِتَاب الْمُنَزَّل عَلَيْهِمْ وَفِي كِتَاب الْيَهُود تَصْدِيق عِيسَى وَفِي كِتَاب النَّصَارَى تَصْدِيق مُوسَى وَالْجُمْلَة حَال كَذَلِكَ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْعَرَب وَغَيْرهمْ مِثْل قَوْلهمْ بَيَان لِمَعْنَى ذَلِكَ : أَيْ قَالُوا لِكُلِّ ذِي دِين لَيْسُوا عَلَى شَيْء فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ مِنْ أَمْر الدِّين فَيَدْخُل الْمُحِقّ الْجَنَّة وَالْمُبْطِل النَّار

{114} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ

وَمَنْ أَظْلَم أَيْ لَا أَحَد أَظْلَم مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِد اللَّه أَنْ يُذْكَر فِيهَا اسْمه بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيح وَسَعَى فِي خَرَابهَا بِالْهَدْمِ أَوْ التَّعْطِيل نَزَلَتْ إخْبَارًا عَنْ الرُّوم الَّذِينَ خَرَّبُوا بَيْت الْمَقْدِس أَوْ فِي الْمُشْرِكِينَ لَمَّا صَدُّوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الْحُدَيْبِيَة عَنْ الْبَيْت أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلَّا خَائِفِينَ خَبَر بِمَعْنَى الْأَمْر أَيْ أَخِيفُوهُمْ بِالْجِهَادِ فَلَا يَدْخُلهَا أَحَد آمِنًا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْي هَوَان بِالْقَتْلِ وَالسَّبْي وَالْجِزْيَة وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم هُوَ النَّار

{115} وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

وَنَزَلَ لَمَّا طَعَنَ الْيَهُود فِي نَسْخ الْقِبْلَة أَوْ فِي صَلَاة النَّافِلَة عَلَى الرَّاحِلَة فِي السَّفَر حَيْثُمَا تَوَجَّهْت : وَلِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب أَيْ الْأَرْض كُلّهَا لِأَنَّهُمَا نَاحِيَتَاهَا فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا وُجُوهكُمْ فِي الصَّلَاة بِأَمْرِهِ فَثَمَّ هُنَاكَ وَجْه اللَّه قِبْلَته الَّتِي رَضِيَهَا إنَّ اللَّه وَاسِع يَسَع فَضْله كُلّ شَيْء عَلِيم بِتَدْبِيرِ خَلْقه

{116} وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ

وَقَالُوا بِوَاوٍ وَبِدُونِهَا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه اتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا قَالَ تَعَالَى سُبْحَانه تَنْزِيهًا لَهُ عَنْهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض مُلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا وَالْمِلْكِيَّة تُنَافِي الْوِلَادَة وَعَبَّرَ بِمَا تَغْلِيبًا لِمَا لَا يَعْقِل كُلّ لَهُ قَانِتُونَ مُطِيعُونَ كُلّ بِمَا يُرَاد مِنْهُ وَفِيهِ تَغْلِيب الْعَاقِل

{117} بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

بَدِيع السَّمَاوَات وَالْأَرْض مُوجِدهمْ لَا عَلَى مِثَال سَبَقَ وَإِذَا قَضَى أَرَادَ أَمْرًا أَيْ إيجَاده فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون أَيْ فَهُوَ يَكُون وَفِي قِرَاءَة بِالنَّصْبِ جَوَابًا لِلْأَمْرِ

{118} وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ

وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَيْ كُفَّار مَكَّة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا هَلَّا يُكَلِّمنَا اللَّه بِأَنَّك رَسُوله أَوْ تَأْتِينَا آيَة مِمَّا اقْتَرَحْنَاهُ عَلَى صِدْقك كَذَلِكَ كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ مِنْ كُفَّار الْأُمَم الْمَاضِيَة لِأَنْبِيَائِهِمْ مِثْل قَوْلهمْ مِنْ التَّعَنُّت وَطَلَب الْآيَات تَشَابَهَتْ قُلُوبهمْ فِي الْكُفْر وَالْعِنَاد فِيهِ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَات لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا آيَات فَيُؤْمِنُونَ فَاقْتِرَاح آيَة مَعَهَا تَعَنُّت

{119} إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ

إنَّا أَرْسَلْنَاك يَا مُحَمَّد بِالْحَقِّ بِالْهُدَى بَشِيرًا مَنْ أَجَابَ إلَيْهِ بِالْجَنَّةِ وَنَذِيرًا مَنْ لَمْ يُجِبْ إلَيْهِ بِالنَّارِ وَلَا تُسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم النَّار أَيْ الْكُفَّار مَا لَهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا إنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ وَفِي قِرَاءَة بِجَزْمِ تُسْأَل نَهْيًا