أحمد فايق يكتب : مصر حزينة ياست فاتن

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر


الحب الحقيقى فى حياتها.. طبيب أشعة
■ حصلت على أجر 5 آلاف جنيه أجرا عن فيلم «لاأنام» وعمر الشريف على 300 جنيه
■ ييجى واحد يقولك طبيعى إن فاتن حمامة تموت دى عندها 83 سنة.. ليه الزعل والحرقة اللى انتوا فيها دى.. لازم تقوله الهرم عمره 7 آلاف سنة ولسه عايش.. والست دى اترسخت فى وجداننا زيها زى الهرم.. لو عاشت 7 آلاف سنة وماتت برده هانبكى عليها بحرقة.
■ قالت مجلة «فارايتى» الامريكية عنها إنها أيقونة السينما العربية، وفردت كل الصحف العربية والعالمية صفحات لها باعتبار أن وفاتها حدث جلل، هل تعلم أن العرب لم يتحدوا منذ «كامب ديفيد» سوى مرتين الاولى عند وفاة أحمد زكى والثانية عند وفاة فاتن حمامة.
■ مشهد الجنازة وخروج آلاف من المصريين فى حبها يؤكد أننا أكثر شعوب الأرض حبا للفن والقيمة، وهو أفضل تكريم لها، فقد جمع مشهد الجنازة كل الفرقاء، وذابت فى حضرتها كل الخلافات السياسية والايديولوجية، فى جنازتها شاهدنا سفير المغرب متجاوزا الخلاف السياسى الآخير مع المغرب، فالست فاتن أقوى من الحكام والسياسيين، هى رئيسة جمهورية العرب فى أى انتخابات تجرى وبدون تزوير.
■ هل تتذكر من كان رئيس وزراء مصر منذ 10 سنوات؟
هل تتذكر من كان وزيرا للصحة منذ 5 سنوات؟
لا تتعب نفسك كثيرا هل تتذكر أسماء 6 وزراء من الحكومة الآن؟
هذه أسئلة صعبة .. لكن السؤال الأكثر سهولة هل تتذكر ضمير أبلة حكمت أو أريد حلا؟
السياسيون زائلون والفن يخلد.. خاصة إذا كان فنا من رائحة الست.
■ الحب الحقيقى فى حياتها هو الدكتور محمد عبد الوهاب هذا الرجل العظيم الذى يبلغ من العمر 94 عاما وتحمل سخافة الصحافة يوميا وهى تتحدث عن حب روايات بينها وبين عمر الشريف، هذا الرجل عاش معها 40 عاما وهى لم تحب أحدا مثله.
■ د.محمد عبد الوهاب هو طبيب اشعة كبير، وبين الفنانين والاطباء دائما استقرار وزيجات أسطورية، يحقق كل طرف للآخر مايحتاجه، هند رستم ود. محمد فياض نموذجا وقبلهما ام كلثوم ود.الحفناوى، فمهنة الطب جافة والطبيب يحتاج إلى نعومة الفنان، والفنان يحتاج إلى قدر من الوجاهة الاجتماعية فى العلاقة مع الطبيب، فمهما وصل الفنان إلى مرتبة عليا فى سماء النجومية، يظل المجتمع بداخله يعامله باعتباره فئة أقل للأسف.
■ هناك نجوم فى عالم الفن، لكن هناك أيضا كواكب، فنانين وأدباء ومثقفين يتجاوزون حدود النجومية الطبيعية، ليصبحوا رموزا وطنية، من بينهم أم كلثوم ونجيب محفوظ وسيد درويش، الست فاتن تنتمى لهذه الطينة، فقد سقط كوكب مصرى من الفضاء أمامنا، ونحن حتى الآن لا نصدق.
■ الست فاتن رفضت أن تترك وطنا كبيرا مثل مصر فارغا، فهناك كواكب أخرى استثنائية تعيش بيننا على أرض هذا الوطن، الست شادية والست نادية لطفى والسيد عمر الشريف، هؤلاء يعيشون بيننا وعلينا أن نكرمهم يوميا شعبيا ورسميا، حتى عندما لا نجدهم فلا نبكى عليهم ألف مرة.
■ المصريون شعب ذكى يعرفون جيدا الفرق بين الابداع والتطرف .. الفن الحقيقى والمزيف، هل تتذكرون الشيخ «كشك» كيف كانت الناس تعشقه، وكيف كان يغزو بيوتنا، هل تتذكرون متى بدأ المصريون فى السخرية منه، حينما قرر أن يهاجم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وحرم علينا الاستمتاع بصوتهما.
■ الرسالة الاخيرة التى تركتها الست فاتن لمصر هى تفاءلوا، فالمصريون مازالوا شعبا يحترم رموزه، ويعترف بالجميل، ويقدس الفن، ويعرف قيمة نسائه، لكن ستظل مصر حزينة ياست فاتن، فوجودك بيننا كان يعطينا دفئا، مثل الوتد فى المنزل.