هكذا كان محمد الأب.. والسيد العابد
الرسول الأب وكيف يكون حنانه الجم على الابن وتوجهيه الحكيم له يطرحه العقاد في كتابه "عبقرية محمد" في فصل بعنوان "الأب" ذكر فيه حزن الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم على ولده ابراهيم وبكائه عليه، ولطفه الشديد في معاملة ابنته السيدة فاطمة الزهراء البتول رضي الله عنها، والعطف الذي أحاط به ولديها سيدا شباب أهل الجنة الإمام الحسن والإمام الحسين رضي الله عنهما حتى لعبا في صغرهما على كتفه الشريف أثناء الصلاة.
وذكر العقاد كيف كان سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يتعامل مع العبيد والخدم برحمة ولين، وضرب مثالاً بذلك بزيد ابن حارثة لدرجة أنه كان يسمى زيد ابن محمد قبل أن ينزل النهي الإلهي عن التبني، وكان زيداً قد رفض أن يعود مع أبيه بعد أن عرف مكانه حتى لا يترك النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم لشدة تعلقه وحبه له.
في هذا الفصل يصف العقاد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الناحية الخَلقِية وكيف كان يتكلم ويمشي ويأكل، وسعة نفسه للنهوض بعظام الأمور وهو إقامة الدين وإصلاح الأمم وتحويل مجرى التاريخ؛ ثم يطيب نفساً للفكاهة ويطيب عطفاً على المتفكهين، ومن الأمثلة الطريفة والدالة قوله صلى الله عليه وآله وسلم لعمته صفيه : "لاتدخل الجنة عجوز!"، فبكت، فقال لها وهو يضحك: الله تعالى يقول: {إنا أنشأناهن إنشاءً فجعلناهن أبكاراً عرباً أتراباً} ففهمت ما أراد.
ويختتم العقاد هذا الفصل بآداب النبي صلى الله عليه وآله وسلم الاجتماعية وهي أكثر من أن تحصي، فلم يرى قط ماداً رجليه بين أصحابه، وتعود كلما زار أحداً ألا يقوم حتى يستأذنه، ولم يكن ينفخ في طعام ولا شراب ولا يتنفس في إناء، وإذا أخذه العطاس وضع يده على فيه، كذلك السواك والاغتسال يوم الجمعة وغيرها الكثير من الآداب التي علمها للناس ولهم فيها ثواب.