أخيراً .. الأعمال الكاملة لبديع خيرى تخرج للنور

أخبار مصر


صدر عن مكتبة الأسرة، كتاب الأعمال الشعرية الكاملة لشاعر ثورة 19 لبديع خيري، جمع ودراسة وتحقيق الدكتور نبيل بهجت، ويبدأ الكتاب بدراسة تحقيقية لأعمال بديع خيري يعرض فيها المحقق للعديد من القصائد التي تركها دون توقيع أو بتوقيع مستعار، ويعتمد على أدلة مختلفة تثبت نسبة هذه القصائد لبديع خيري.

ويقدم بعد ذلك ثبت لأعمال بديع خيري سواء كانت الأغاني أو المسرحيات المختلفة أو الافلام ثم يعرض الكتاب بعدها للقصائد السياسية ثم المساجلات ثم القصائد الاجتماعية ثم القصائد التي وقعها بتوقيع مستعار ثم لقصائد المناسبات ثم للقصائد العاطفية ثم لأفتتاحيات مجلة ألف صنف ثم للأعلانات الزجلية ثم للأغاني العامة ثم لأغاني الافلام ثم لأغاني الاستعراضات والمسرحيات ويقع الكتاب في قرابة 900 صفحة تقريبا وحرص المحقق أن يلحق كل قصيدة بتاريخ ومكان نشرها.

ويعد الكتاب من أهم مصادر شعر العامية إذا أن بديع من الشعراء العظام الذين كتبوا للشعب العربي وامتزج إبداعهم بوجدان الشعب دون الوقف علي اسمه فهو مؤلف العديد من الاغاني التي مازالت الي الان محط اهتام الاجيال المتعاقبة وبديع بلاشك حمل راية الكفاح الوطني من خلال شعر العامية والمسرح فهو شاعر ثورة 19 دون منازع وابن الحركة الوطنية فيحكي انه وسيد درويش كانوا يجلسون الي العمال في المقهي لدفعهم الي تأسيس النقابات المهنية فهم ممن شكلوا وجدان الثورة والثوار اذا أن الثورات تلد مبدعيها الذين يزكون نارها ويشكلون الوجدان الجماعى الثائر ، فأدب الثورات هو الذى يحشد طاقات الجماهير ومشاعرها لتصبح الثورة واقعاً مفهوماً ومحققا، فإذا كان اسم النديم قد ارتبط بالثورة العرابية، فإن القراءة المتأنية لتراث بديع خيرى المتناثر فى المصادر المختلفة تكتشف أنه كان لسان حال ثوره 1919 ، وبديع والنديم وجهان لعملة واحدة فهما صنيعة الثورة وميولهما الإصلاحية متشابهة إلى حد كبير.

وقد برز ذلك على صفحات إصداراتهما، وتركت تجربة النديم الإبداعية آثاراً واضحة على بديع خيرى فجاءت مجلاته بالعامية تماما كما فعل النديم ليتسم خطابه بالعموم، واستعار بعض شخصيات التنكيت والتبكيت ووظفها فى نقد المجتمع. وعندما عادت مجلة ألف صنف للصدور فى أغسطس 1930 اختار لإصدارها يوم الثلاثاء، وهو اليوم الذى كان يُصدر فيه النديم مجلة الأستاذ.

وكانت أزجال بديع خيرى البوابة الحقيقية لعالمه التى اكتشفت من خلاله الوجه الحقيقى لمصر، مصر الثورة ، مصر الإبداع والتغير، حيث صاغ بديع الرؤية الشعبية لكثير من الأحداث في قصائده غير مكترث بالرؤية الرسمية.

وبديع من مواليد القاهرة فى 18 أغسطس 1893، وتوفى بها أيضاً فى 3 فبراير 1966(1) ، وينحدر بديع من أصول تركية، حيث نزح والده من الدولة العثمانية إلى مصر عام 1890 وعمل مراقب حسابات فى دائرة والدة الخديوى عباس الثانى، أما والدته فمن أصول مصرية، وكان جده لأمه يدعى الشيخ الليثى أحد كبار تجار الغورية.

أرسله والده إلى الكتاب فحفظ القرآن وانتظم فى دراسته حتى حصل على دبلوم المعلمين عام 1914 ، ولقد ثقف نفسه منذ نعومة أظفاره بالثقافة الشعبية فانصهر فى مقاهى الجمالية والبغالة والإمام الشافعى، يستمع إلى ما ينشده شاعر الربابة من السير والأشعار متأملا ما تزخر به هذه المقاهى من فئات مختلفه ويقول عن هذه المقاهى .. هى مدرستى الأولى فى التأليف المسرحى، حتى لهجات البلاد العربية عرفتها وحفظتها فى هذه المقاهى ، إذ كان يتردد عليها أبناء تلك البلاد الشقيقة الذين يدرسون أو يتاجرون أو يسيحون فى القاهرة …

وعاش بديع خيرى آمال تلك الفئات وآلامهم وذاق مرارة الاحتلال، فانتسب للحزب الوطنى منذ صباه ، ونشر وهو فى الثالثة عشر من عمره - عام 1906 - فى جريدة الحزب الوطنى قصيدة عن عقيدة الحزب الوطنى التى كان يعتنقها معظم أبناء الشعب المصرى فى ذلك الوقت ووقعها بـ ابن النيل .