فورين بوليسي : إقامة دولة علوية .. خيار الأسد الأخير وقت فقدان العاصمة دمشق

عربي ودولي


أعربت مجلة فورين بوليسي الأمريكية عن اعتقادها بأن المسألة الأهم التي تفرض نفسها على الساحة السورية في الوقت الراهن لا تتعلق بما إذا كان الرئيس بشار الأسد سيخسر العاصمة دمشق أم لا ، بل إنها تتعلق وبدرجة أكبر بمتى سيفقدها ، مشيرة إلى أن ورقة الأسد الأخيرة تتمثل في إقامة دولة علوية قد تغير في خريطة التاريخ الحديث .

وأشارت المجلة الأمريكية -فى سياق مقال أوردتها على موقعها الإلكترونى اليوم الأثنين - إلى أن الأسد ليس لديه من النية ما يشير إلى التخلى عن العاصمة دمشق بدون قتال ، إلا أن مجريات أحداث الأسابيع الأخيرة من تفجيرات واغتيالات وانقساقات أيضا قد تكون بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير ، فقد دفعت هذه الأحداث بفرقة الجيش السوري الرابعة - بقيادة ماهر شقيق الأسد - إلى البدء في شن حملة مكثفة سعيا لإستعادة السيطرة وإحكام قبضته على أحياء العاصمة من الثوار .

وقالت المجلة إن النظام عمل خلال الفترة الماضية على إعادة نشر قوات جلبها منالجولان وشرق سوريا من أجل تأمين دمشق، لافتة إلى أن السيطرة على العاصمة يبدو أمرا حاسما وبالغ الأهمية للأسد من أجل الحفاظ على التظاهر بأنه ليس مجرد أمير حرب علوي ، وإنما تجسيدا للدولة .

ورجحت المجلة أن الطاغية السوري يبدو وكأنه يخوض معركة خاسرة ، ففى الوقت الذي تتصاعد فيه حدة أعمال القتال والعنف فى مدينتى دمشق وحلب ، يفقد النظام السيطرة على سوريا في الداخل وشمال شرق البلاد ذات الأغلبية الكردية، موضحة أيضا أن المناطق التي تسكنها غالبية سنية من سورية بدأت تخرج عن نطاق سيطرة الأسد ، مؤكدة على أنه ليس هناك من طريقة واقعية تمكنه من تأكيد سلطته هناك .

ورأت مجلة فورين بوليسي الأمريكية أن الأسد بقى لديه من الأوراق التي يراهن بها ورقة واحدة فقط تتمثل فى : أن النظام السوري كان يمهد الطريق منذ شهور للتراجع إلى جبال سورية الساحلية ، الموطن التقليدي لطائفة الأسد العلوية، وقد بات واضحا في الوقت الحالي أن هذا هو المكان الذي يتجه إليه الصراع السوري، وعاجلا آم آجلا سيضطر الأسد إلى التخلى عن دمشق.

وفي هذا السياق .. أوضحت المجلة أنه ومع التقسيم الطائفي الذي بات واضحا في سوريا ، ظهرت أنباء تفيد بوجود هجرة سكانية داخلية ، وأن العلويين بدأوا في الانتقال عائدين إلى جبال أسلافهم .. مشيرة إلى توارد أنباء أيضا تفيد بأن الأسد قد إنتقل إلى مدينة اللاذقية الساحلية ، الأمر الذي يظل غير مؤكد في الوقت الراهن.

وأضافت المجلة أن العوامل الجغرافية والديموجرافية الموجودة فى هذا البلد الممزق ، ستدفع بالأسد عند نقطة ما إلى التخلى عن دمشق وتحصين نفسه فى معقله العلوى ؛ وكما حدث فى لبنان ، فإن هذا يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب ساكنة لفترة طويلة ، ووقتها سيصبح دعم الرعاة الخارجيين - وبالتحديد إيران وروسيا - أكثر أهمية بالنسبة للأسد.

وأشارت الصحيفة إلى أن البعض سيجادل بأن جيبا علويا سيكون مكشوفا وغير قابل للحياة والاستمرار على المدى الطويل، لكن لدى الأسد بوليصة تأمين لحماية تراجعه.

ومضت مجلة فورين بوليسي الأمريكية تقول : إنه في الوقت الذي أظهر فيه نظام الأسد للعالم مايمتكله من مخزون كبير من الأسلحة الكيميائية ، وإعراب معظم المراقبين عن قلقهم البالغ إزاء تمرير الأسد هذه الأسلحة إلى عناصر من نوعية الطرف الثالث مثل حزب الله ، فإنه أصبح من المرجح أكثر أن يتمسك الأسد بها وبشدة ، نظرا لأنها تشكل وسيلة الردع الأخيرة المتبقية لديه ، والأكثر قوة على الإطلاق ضد خصومه من السنة ، كما أنها تعد بمثابة وسيلة ضغط لايمكن الاستغناء عنها لضمان تهدئة العالم الخارجي .

واختتمت مجلة فورين بوليسي -مقالها- بالإشارة إلى أنه مع وثيقة التأمين هذه ، يمكن أن يبقي الأسد ك أمير حرب يترأس محمية إيرانية وروسية على ساحل البحر المتوسط، مشيرة إلى أن كافة مجريات الأحداث الأخيرة التي وجهت ضربة قوية للأسد

لاتمثل نهاية الصراع السوري على أى حال ، بل إنها قد تكون بداية لمرحلة جديدة ، موضحة أن نهاية اللعبة ليست بدمشق ولكنها ستكون على الأرجح فى الغرب .