نظام للتسجيل بالصوت والصورة لركاب التاكسى فى كل المدن ... لأسباب أمنية !
لاصوت يعلو فوق صوت الأمن للوطن والمواطن هكذا هو الشعار السائد فى كل دول العالم دون حاجة إلى النقاش وإثارة الجدل وتبادل الآراء على شاشات التليفزيون أو على صفحات الجرائد فتلك أمور مسلم بها لاحاجة لها فى القيل والقال فالإجراءات تتخذ وتنفذ حتى إشعار آخر ولكن السؤال متى يكون هذا الإشعار ومن يحدده ...تلك هى المسألة ! .
فى بريطانيا يطبقون نظام المراقبة على سيارات الأجرة التاكسى منذ زمن ليس بالقريب منذ عام 2009 فراكب أو ركاب التاكسى مراقبون بمعنى الكلمة ويجرى تصويرهم صوتا وصورة دون أدنى خجل من السلطات ودون أدنى اعتراض من مجلس العموم (البرلمان) أو مجلس اللوردات أو الصحافة الحرة أو حتى الصحافة الشعبية (الصحافة الصفراء ) ولماذا ؟ لأن هذا الأمر يتعلق بالأمن ..الأمن وكفى فهذه الكلمة وحدها كفيلة بأن يتبعها الصمت من الجميع .
ولكن عندما يحدث التجاوز فلن يسكت عليه أحد وإلا ذهبت مبادئ الديمقراطية هباءا منثورا تذروها الرياح فى نهر التيمز أو حتى البحر الأدرياتيكى ..مفوض المعلومات بدأ معركة التجاوزات وأعلن بالأمس فقط كما نقلت جريدة الديلى ميل أن المراقبة فى ساوثامبتون ذهبت بعيدا عن الخط المرسوم لها ويجب أن تتوقف . وكانت ساوثامبتون من المدن الإنجليزية الأكثر تشددا فى تطبيق النظام حيث يتم التسجيل بالصوت والصورة بينما كانت مدن أخرى منها العاصمة لندن تقوم بتسجيل الصورة فقط دون الصوت ويبقى الأمر فى يد السائق الذى فى استطاعته الضغط على زر معين فيقوم بتسجيل الصوت فى حالة إحساسه بشىء من التوجس أو الخطر .
ولأن المعركة انطلقت شرارتها من ساوثمبتون فإن سلطاتها المؤيدة للنظام وتطبقه بصرامة ذكرت أن التسجيلات لايتم الاطلاع عليها بواسطة أى شخص إلا فى حالة الحاجة إليها وقت حدوث جريمة أو تطلبتها التحريات فى شأن معين ذات أهمية ولكن على الطرف الآخر جاء رد مفوض المعلومات المستر كريستوفر جراهام الذى بدأ تحقيقا فى شكوى راكب قائلا ركاب سيارات الأجرة لديهم تحفظات كثيرة على النظام الذى يعتدى على خصوصيتهم داخل كابينة التاكسى وإذا قدر للنظام الاستمرار فإن التسجيلات الصوتية لابد أن تتوقف فحيث كان النظام يتطلب تسجيلات بالصوت والصورة فإن قنصلية ساوثمبتون ذهبت بعيدا جدا فى تطبيقه ! وأضاف بينما نعلم جيدا أن السلطات فى ساوثمبتون تبغى الأمن للركاب والسائقين على حد سواء إلا أنه يجب أن يتوفر توازن بين ذلك وبين خصوصية الركاب فى المقاعد الخلفية لسيارة الأجرة .
أما المسؤلون فى ساوثمبتون فأعلنوا أنهم من الجائز أن يعارضو هذا القرار إلا إذا تم إثبات أن تطبيق هذا النظام يشكل تطفلا على خصوصيات الركاب وفى مدينة أوكسفور أعلن عن خرق آخر سببته التسجيلات وبالتالى فقد قررت السلطات المحلية فى المدينة تعليق العمل بالنظام .
وضمن الإطار نفسه برزت منظمة مدنية هى مجموعة بيج برزر( وهو اسم برنامج شهير واسع الانتشار لتليفزيون الواقع) للدفاع عن الحريات المدنية حيث صرح رئيسها نيك بيكلز قائلا تسجيل كل دقيقة للراكب داخل التاكسى يعتبر معيار غير عادل ومتطفل وأضاف إنه لامر بالغ الأهمية أن تحدث تجاوزات واضحة من السلطات فى المدينتين ( يقصد ساوثمبتون وأوكسفورد) بينما تظهر طلبات مفوض المعلومات العاجلة بشأن هذا النظام وأضاف التجاوزات استمرت مرارا وتكرارا وفشلت فى احترام خصوصيات الناس وهذا السلوك يجب أن يتوقف .
أما كريستوفر جراهام مفوض المعلومات فيرى التضييق على أكبر نطاق فى تنفيذ هذا النظام فتسجيل الصورة يجب أن يحدث فقط إذا كان يتطلبه سير العدالة فى أحد القضايا المنظورة أمام المحاكم أما التسجيل الصوتى فيجب ألا يحدث مطلقا إلا فى بعض الحالات النادرة التى يتطلبها الاشتباه الناتج عن تراكم عدة حوادث تشير إلى تهديد ما .
ومع ذلك فإن سلطات ساوثمبتون مازالت متمسكة بموقفها المتشدد حين أعلن نائب مجلس القنصلية بأن المجلس أصيب بخيبة الأمل من قرار مفوض المعلومات لأن النظام يعمل على الحفاظ على أمن الركاب والسائقين والتسجيلات تظل مشفرة إلى أن يتم الحاجة لها فى إجراء التحريات عن مرتكبى جريمة أو فى حالة وجود شكوى من الراكب ضد السائق ونحن سنتخذ كل الإجراءات القانونية لوقف هذا القرار ولو عن طريق دعوى قضائية .
وأخيرا لعلنا نستفيد نحن فى مصر عن كيفية إدارة الأزمات وأن كل الأطراف لابد وأن تعبر عن رأيها بوضوح وصراحة ولكن فى ظل احترام الجميع للقانون وامتثالهم لأحكامه .