جمال النصافى يكتب : بعد مصر.. سينطلق الإخوان المسلمون من الكويت لحكم الخليج العربي

ركن القراء


عنوان جعله بعض شيوخنا وساستنا في الخليج حتمياً بصورة تثير مخاوف وغيرة البعيد قبل القريب، وبشكل عشوائي، فها هو قطار الإخوان قادم لا محالة وسيسيطر على أنظمتنا ودولنا على غرار ماحدث في مصر، والمرشد في القاهرة هو خليفة المسلمين القادم، فالحذر كل الحذر!

يجب تعريتهم، مهاجمتهم، إتهامهم، ومن ثم إعتقالهم قبل تلسيبهم بالخيازرين، فهم خطر محدق بنا ،أعظم حتى من إسرائيل! هذه الدولة الحضارية المتقدمة التي ظلمناها وضحكنا على شعوبنا طيلة السنين الماضية بجعلها عدونا الاوحد!!!ا

فنحن دول لا نمزح أونلين مع شعوبنا في هذه المسائل!!!ا

صورة أختلطت بها الاوراق لدى متخذ القرار الخليجي قبل الانسان العادي وبصورة لايمكن لأحد فهمها!!!ا

حملة الاعتقالات التي جرت في الامارات الاسبوع الماضي، وما تردد عن تخطيط للتأمر على نظام الحكم، وتورط بعض الشخصيات الكويتية فيها، في الوقت الذي تصمت فيه كوادر حدس في الكويت والاخوان في مصر، بصورة ليس لها تفسير سوى حساسية العلاقة مع الشقيقة الامارات، وعدم الرغبة بتعقيد الأمور قبل معرفة طبيعة المؤامرة التي اتهم بها إخوان الامارات.

سأحاول التفكير بصوت مرتفع ووضع النقاط على الحروف الحديث حول حملات الإتهام التي سئم منها العقل الخليجي في هذا الزمن، الذي نسعى فيه لاستنشاق رياح الربيع العربي التي نراها قريبة منا، ويراها للأسف قادتنا بعيدة عنا!!!ا

من منا ليس لديه طموح، وتمني أن يصل لأعلى المراتب بما فيها الحكم؟وهو مجرد تمني وحلم!!ا

من قال ان الحكم مخلد لهذه الاسرة أو تلك؟

من قال ان هناك حكم دائم؟ ألم نقرأ مقولة الامام علي بن أبي طالب ( كرم الله وجهه ): لودامت لغيرك ما اتصلت اليك؟؟!!ا

أليس التاريخ كفيل بالرد على هذه التساؤلات، وهو خير شاهد عليها؟

إذا علينا الإعتراف أن الطموح والحلم والتمني، كلها أمور مشروعة متى ما كانت في الاطار الدستوري، والقيم والمبادئ السائدة في المجتمع!!ا

في المجتمعات الديمقراطيه كالولايات المتحدة وأوربا، يصل حلم الأفراد فيها الى رئاسة الدولة، وهناك من ينجح وهناك من يفشل والحكم هو المجتمع ،وليس رجال أمن الدوله!!!ا

مجتمعات بلغت من الديمقراطية أن السقف الوحيد الذي يحد المواطن هو القانون والقيم فقط!!ا

عربياً ومع الربيع العربي بدأ سقف الفرد العربي يشهد إرتفاعاً ملحوظاً، وما حدث في مصر خير دليل على ذلك، أما لدينا في الخليج فالدولة الوحيدة التي لا زال السقف يشهد فيه مخاضاً لرفعه هي الكويت فقط!ا

أما البقية فأي مطالبة لرفع السقف لا تزال للأسف تعتبر مؤامرة أو تخطيطاً لقلب نظام الحكم!!!ا

ليس للاخوان المسلمين في الكويت تاريخ نشأة كما هم عليه في مصر، إنما نستطيع القول أن أقدم حراك سياسي على السلطة لجماعة الاخوان المسلمين في الوطن العربي هو في الكويت، ففي مصر عانت هذه الحركة وعناصرها من حالة الإضطهاد والإعتقالات والقمع من قبل الأنظمه التي تعاقبت على الحكم في مصر، وظلت هذه الحركه النشطة ذات الكوادر عالية التنظيم مكبوتة، إلى أن أزيح النظام السابق وعناصره، وباتت هي الوحيدة على الساحة السياسية المصرية القادرة على القيادة، وكأول تجربة للشارع المصري وهرباً وكرهاً من فلول النظام السابق، وجد في تنظيم الحركه ملجأه!ا

أما في الكويت فحراك الاخوان شهد مخاضاً وتفاعلاً مع الشارع الكويتي لم يشهده في أي من الدول العربية في السنوات الماضية، إلى أن بات نفوذهم وسيطرتهم على مراكز القوى يحددها الشارع، الذي وضع هذا النفوذ بما نسبته 3-6٪ من مجمل قوى الحراك السياسي ليصل في أحسن صورة الى8٪، والحكم هو الشعب الكويتي، لم نسمع يوماً أنهم حتى فكرو بالانقلاب على النظام أو أن لديهم نوايا مكبوتة لينقضوا على النظام!ا

وبخلاف ماحدث في مصر حيث للتو بدأ هذا الحراك يأخذ دوره، في الكويت أخذت الامور مسيرتها الديمقراطية الطبيعية ،وبات تيار الاخوان المسلمين أحد التيارات السياسية الفاعلة في الحياة السياسية بغض النظر عن إتفاقنا أو إختلافنا معهم، وأخذت موقعها في الحراك السياسي بصورة لا تثير قلق متخذ القرار أو الشارع الكويتي، بل تتنافس مع بقية القوى السياسية سعيا للسلطة التي نطلبها جميعاً، وفق الاطر التي رسمها الدستور...

لدى أهلنا في الامارات يمر الحراك السياسي لحركة الاخوان المسلمين بظروف شبيهة بالظروف التي مرت بها الحركة في مصر إبان العقود الماضية، وأدت إلى حاله من الاحتقان السياسي لتكون بمثابة قنبلة موقوتة، فجاء الربيع العربي ليفجرها ويتولى الاخوان زمام السلطة السياسية بكافة جوانبها(مصر)، هذه الوضعية لا نريدها أن تتكرر في الخليج لأسباب عدة، أهمها:

1- لابد من أخذ العبر لما حصل في مصر وأسلوب التعامل مع جماعة الاخوان المسلمين من قبل الانظمة السابقة طيلة العقود الماضية.

2- الطموح الى السلطة والمشاركة الحقيقية في الحكم والثروة ما عادت تعتبر مؤامرة أو تخطيطا أو مشروع إنقلاب على السلطه، بل هي جزء رئيسي من تطلعات الشعوب الخليجية لهذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الشعوب والامم.

3- تيار الاخوان المسلمين هو تيار سياسي موجود منذ زمن في العلن ولا بد من التعامل والتحاور والتعاون معه في هذا الاطار.

4- لابد أن يكون لدينا الثقة الكافية بالنفس أن شرعية حكم أنظمتنا في المنطقة الخليجيه باتت تحددها وتثبتها الشعوب، وليست سلطات الأمن والمال، ومن يحد من طموح وتطلعات التيارات والاشخاص هي الشعوب فقط، وأري أن أغلبية شعوبنا الخليجية وإن أرادت الاصلاح فمطالبها لا تصل لحد تغيير أنظمه الحكم فيها!!ا

5- من خلال الحوار السياسي الراقي العقلاني الذي يرى المستقبل وتطوراته بنظرة فاحصة،وليس باجراءات الامن والاعتقال وتضييق الأفق والتهديد والوعيد يمكن حل مثل هذه المسائل،التي لن تثمر إلا بالتأزيم.

6- ان أي تجاهل لأي حراك سياسي والتعامل مع أي تيار يظهر بهذه الصورة الامنية البعيدة كل البعد عن تطورات الساحة الاقليمية والعربية والدوليه، يدفع مثل هذه التيارات للتطرف في الفكر والمواقف، واتخاذ تدابير قسرية ضدها يدفعها أيضاً للجوء للخارج للتنفيس عن نفسها، وهذه مسألة ستعقد الأمور أكثر، في الوقت الذي تعتبر فيه الفرصة سانحة لاحتواء مثل هذه التيارات بل وتشجيعها للمساهمه في برامج وطنية لتوعية الشعوب وإعادة تنشئتها بصوره صحيحة.

7- الأوضاع مع الجارة إيران تشهد تأرما متصاعداً، فهناك جزر إماراتية محتلة، وتهديدات إيرانيه جدية باغلاق مضيق هرمز.

كل هذه التطورات، وجماعه الاخوان تتولي زمام مصر وتونس وليبيا وهم فاعلين في كل من الكويت والاردن، وغيرها من أقطار الوطن العربي، فهل من الحكمة أن تأخذنا العزة بالاثم، لإستعداء كل هؤلاء في ظروف حالكة نحن بحاجه فيها لدعم القريب قبل إستجداء البعيد!!!ا

وعليه نصيحتي لأهلي في الامارات، وتحديداً لمن أورثهم والدهم زايد آل نهيان رحمه الله وتغمد ثراه الحكم والكرم والحكمه، أقول لهم : عرف عنكم الكرم ومآثر الأخلاق، وتلهج الالسنه بالثناء والدعاء لكم، والكل يعرف كم من عائلة وبيت في هذه الأيام المباركه تحمد الله وتشكره وتثني عليكم ، إلا أن هؤلاء أيضاً هم شعبكم ومواطنوكم وابناءكم، صدركم أوسع من أن يضيق لتطلعاتهم ومطالبهم، وإن تجاوزوا فالحكمة والتوجيه والأخذ بيدهم والتعاون معهم وإصلاح البنيان لهو خير للجميع لهم ولكم.

أما الكويت فلا تصدقوا ولو للحظة أن هناك من يضمر لكم الشر أو يريد الضرر لكم، بل لا يجرؤ على ذالك، لما يحتفظ به أهلكم في الكويت من معروف لا ينساه إلا جاحد، ولنترفع جميعاً عن صغائر الأمور ولندرك تمام الادراك أنه طالما الشعوب راضية عنكم، فلا إخوان ولا غيرهم يستطيع تحريك قيد إنمله، أما إن كان العكس فالاخوان وغيرهم هم من سيقود التغيير على غرار النظام المصري...

وعليه ،فالكويت لم ولن تكون محطة الاخوان للانقضاض على أنظمة الحكم في الخليج، وأنظمه الحكم في الخليج لا يجب أن تكون بهذه الهشاشة للتعامل مع هذه التطورات السياسية بهذه النظرة البوليسية البائسة، بل يجب أن تكون ثقتكم بانفسكم وتواصلكم مع شعوبكم واستيعابكم لتطلعاتهم وتحقيق الاصلاحات المطلوبة عبر المشاركة السياسية الحقيقية، وعدالة توزيع الثروة وتكافؤ الفرص، ومنح المزيد من الحريات هي من سيضع النقاط على الحروف، ويعزز ويدعم دعائم الحكم في منطقتنا الخليجيه بدلاً من إلقاء اللوم على بعضنا البعض بهذه الصورة المزرية،،

الزمن تغير والظروف تبدلت ورياح الحرية وصلت الينا وتنشقها شبابنا، والفرصة أن نستثمر ذلك للأفضل، وإن أردنا معالجته فليس بواسطه أمن الدولة والاعتقالات والتهديد والوعيد وما الى ذلك، بل بزينة الرجال وهو العقل والحكمة وإستباق الحدث قبل وقوعه،فالاحداث تتسارع بصوره مخيفه!! وتجربه تيار الاخوان المسلمين في الكويت مثال حي لحراك سياسي جعلنا رغم تفاعله وإضطرابه، في مأمن من رياح وتقلبات الربيع العربي وتداعياته!!! ا