بالصور .. فقراء دمياط : يا سيادة الرئيس " كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته "
سمعنا صرخاتهم وأنينهم الذي بلغ عنان السماء ولم يصل حتى أطراف أذني المسئولين .
هم أناس بسطاء أقل ما يمكن أن يتم وصفهم به هو أنهم معدمون أو تحت خط الفقر .
عاشوا الحياة بحلوها ومرها ، حتى دار عليهم الزمن ، وفجأة أصبحوا بلا شئ .
ضاعت كل أحلامهم وتحطمت على صخرة الواقع ولم يبقى لهم سوى أربعة جدران يستترون بهم من أظافر الحياة ، وقلوب ملأها المولى بالخير تعمل على إطعامهم وعلاجهم .
بحثنا عنهم طويلا لأنهم كما وصفهم الله تحسبهم أغنياء من التعفف .
حتى وصلنا إليهم ، وجدنا منهم الإبتسامة الصافية والقلب الملئ بشكر الله وحمده والثناء على أهل الخير بالرغم من كل ما هم فيه .
كانت زيارتنا لهم ليس بهدف سيئ أو خلافه ، ولكن حتى نقول لكل مسئول كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
وحتى نوجه رسالة لأهل الخير أن هناك عبادا إختصهم الله لقضاء حوائج العباد حببهم فى الخير وحبب الخير إليهم .
والدال على خير كفاعله ، وما علينا سوى محاولة سماع أصواتهم والوقوف إلى جوارهم .
ونوجه رسالة أخرى لرئيس الجمهورية لنقول له كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
بدأنا بزيارة لمنزل الحاجة سعاد أحمد الحناوى 64 سنة مطلقة منذ ثلاثون عاما .
وبالرغم من كونها سيدة مطلقة إلا أنها رفضت الزواج مرة أخرى وفضلت أن تعيش لتربية أبنائها وبناتها .
قالت والحزن يكسو صوتها : طلقني زوجي منذ ثلاثون عاما كان أكبر أطفالي في الصف الرابع الإبتدائى ، خدمت في المنازل ، ثم عاملة للنظافة في المدارس ، وتعبت كثيرا حتى يكبر أطفالي وزوجتهم بالحلال وبما يرضى الله ، ولكن من أعتاد على حمل الهم يظل حاملا له طوال العمر ، فبعد أن كبر أولادي عانت إبنتى مع زوجها وهى الآن تعيش معي أقوم برعايتها والإنفاق عليها هي وأطفالها ، ووالدتي الحاجة شفيقة 95 سنة تعيش معى فأخى توفى والآخر مريض .
ولكن المولى عزوجل لا ينسى أحد ، فعلاجى في الشهر حوالي ثلاثمائة جنية وأعانى من أمراض القلب والكبد ، وعلاج والدتي حوالي خمسمائة جنية لأنها تعانى من أمراض الشيخوخة ، وفواتير المياه والكهرباء والنظافة وإيجار المنزل وخلافه من كافة مطالب الحياة اليومية يتحملها ولاد الحلال .
وأتمنى أن أجد أي مسئول يسعى لمساعدة الغلابة إللى زينا ، لأن الشقة آيلة للسقوط ومعنديش معاش أعيش منه والحمد لله على كل حال .
وهنا إنتهت زيارتنا لمنزل الحاجة سعاد ووالدتها الحاجة شفيقة لتبدأ زيارتنا لمنزل الحاجة همت إبراهيم سرور 65 سنة ، وجدناها تجلس على الأرض وبيدها بعض الخضار تقوم بتنظيفه ، وحينما طلبت منها أن تجلس بجوارى على الكنبة قالت يا بنتى أنا عاجزة مقدرش أتحرك .
كان موقفا غاية فى الصعوبة أن أسألها ماذا تعمل ومن أين تنفق ولكنها سهلت على المهمة وبدأت تحكى لى قصة حياتها فقالت لى أنا زوجى متوفى من سنتين ، الله يرحمه كان عاجز وكان بياخد معاش بقيت باخده أنا دلوقتى .
فقطعت حوارها وقولت لها كم هو فضحكت وقالت 170 جنية بدفع منهم الإيجار بتاع الشقة وبجيب علاج القلب والضغط وحساسية لصدر وباكل وأشرب وأدفع الفواتير والمياه والكهرباء وكله واللي بيفيض بعينه .
وقتها تأكدت أنها سيدة خفيفة الظل فقولت لها : بجد مين بيساعدك فى الحياة ، وولادك فين ؟
فقالت عندى 4 أولاد متزوجين ، وإنهمرت دموعها وقالت بس غلابة هيجيبوا منين ، كل واحد فيه إللى مكفيه ، بس ولاد الحلال مبينسوش حد ، وربنا هو اللي بيبعت .
هنا ظننت أنى لن أجد حالات أكثر صعوبة مما رأيت ، ولكنى علمت أن كافة ما رأيته هين حينما دخلت منزلهم .
هم : عبد العزيز أحمد خليل 93 سنة ضعيف السمع والإبصار وليس لديه معاش ، تركه أبنائه وإنشغلوا فى ملاهي الحياة ونسوا رعاية والدهم ، فلم يتبقى له لرعايته سوى حفيدته التى تحتاج إلى من يرعاها فزوجها شريف خليل أحمد العزبى 48 سنة مصاب برعشة فى كل أعصاب جسده .
وبسؤالهم عن حياتهم قال لنا شريف بصوت متقطع مهتز أنا كنت بشتغل نجار قبل ما أتعب كدا وكنا عايشين وكويسين بس لما تعبت مبقتش أعرف أمسك أي حاجة بإيدى ولا حتى كوباية مياه ، وعندى محمد 17 سنة وداليا 10 سنوات وهما إللى بيأكلونى ويلبسونى ويحركونى .
بس إيجار البيت ومصاريف الحياة اليومية ربنا بيبعتها وولاد الحلال لسه موجودين .
بس كل إللى بتمناه من الدنيا معاش يسترنى ويكفى عشان ما أتحوجش لحد .
ومن منزل إلى آخر ومن حالة إلى أخرى قابلنا حبيبة حسن البدويهى 72 سنة تعيش فى منزل عبارة عن حجرة وممر ودورة مياه ومطبخ ، فى البداية شعرت بالخوف لأن مدخل الشقة عبارة عن ممر طويل مظلم يشبه مدخل المقابر وفجأة وجدتها تعيش بمفردها فى المنزل غير قادرة على الحركة وحدها ، وضعت بالممر أريكة قديمة وفرش بسيط وبغرفة النوم سرير ودولاب وكنبة أخرى .
أما عن المطبخ فكان بعض الأشياء البسيطة التى تحمل أدواتها وبوتجاز قديم وزير للمياه ، نعم فى 2012 وتشرب من الزير .
سألتها : أين زوجك فقالت مات من 15 سنة وسابنى عايشة لوحدى .
وفين أولادك : عندى بنتين و4 رجالة بس كلهم متجوزين ، الكبير فيهم خمسين سنة والباقي كل واحد أصغر من التانى بسنة .
وربنا يخليهم عايشين كل واحد فى حالة والحياة أخداهم منى ، وفين وفين لما بشوفهم ولا أعرف عنهم حاجة .
ومعاشى 190 جنية .
وسكتت لحظات وتطلعت إلى وقالت : بس مبيكفيش يا بنتى أنا عندى السكر والضغط والقلب وعملت عملية قريب وبجيب دواء يجى ب 300 جنية .
وسألتها السؤال إللى سألته للكل وإنتى عايشة منين قالت الجيران بيسألوا عليا ويجيبولى أكل وبيجمعولى تمن الدواء .
وكلما تركت حالة لأتوجه لحالة أخرى أدعو الله أن يكفى جميع المسلمين شر المرض والفقر والحاجة والذل ، ولم تكن الحالة الأخيرة التي قمت بزيارتها فى جولتى بشوارع مدينة دمياط أقل من سابقتها ، دخلت منزله كما وصف لى الجيران فوجدته يعيش فى حجرة واحدة بجوار سلم المنزل وأمامها دورة مياه ويقوم برعايته صاحب المنزل شاب فى نهاية العقد الثالث من عمره .
عم مختار محمد عيسى 72 سنة ، بدأت بسؤاله إنت عايش هنا لوحدك ؟
قال لى : زوجتى ماتت وولادى بنتين وولدين ومتجوزين وكل واحد فيهم عايش فى حاله ، وكلهم غلابة وعلى باب الله ، وأنا مبقدرش أمشى إلا على العصاية .
سألته هل لديك أمراض تعالج منها ؟
فقال لى القلب والضغط والحمرا فى قدماى .
وعلاجى فى الشهر ب 500 جنية .