كلينتون تطلب من الجيش التعاون مع الاسلاميين الجدد

عربي ودولي


بعد الضغط على الرئيس المصرى، تسعى وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إلى حشد نفوذ الولايات المتحدة- وهو لا يزال موجوداً- على المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى أحدث دوره الرئيسى فى مرحلة ما بعد مبارك انقساما شديدا فى مصر، بين من يرى فى الجيش تهديداً للديمقراطية، وبين أولئك الذين يتشبثون به، باعتباره الضمانة الأساسية للاستقرار. لكن الولايات المتحدة ترى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمارس الدورين على حد سواء.

مطلب كلينتون من الجيش بسيط: تعاون مع القادة الإسلاميين الجدد فى مصر لإحداث انتقال كامل إلى الحكم المدنى.

ولكن مع موافقة الولايات المتحدة بالفعل على منح مصر مساعدات عسكرية هائلة، فإن من غير الواضح كيف ستستفيد إدارة أوباما من الوضع الراهن، فيما تسعى إلى تحقيق الاستقرار فى مصر، وبناء علاقات جديدة مع مصر، التى كانت حليفا عربيا استراتيجيا لها فى المنطقة.

ويأتى لقاء كلينتون مع المشير حسين طنطاوى، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فى الوقت الذى يكتنف فيه الخطر تجربة تحول مصر من الدكتاتورية إلى الديمقراطية.

ويخوض المجلس العسكرى مواجهة سياسية شديدة مع جماعة الإخوان المسلمين، بعدما قلص صلاحيات وسلطات مرشحها الفائز محمد مرسى بإصدار إعلان دستورى مكمل قبل إعلان النتائج، وكذلك إصدار قرار بحل مجلس الشعب ذى الأغلبية الإسلامية، بناء على حكم من المحكمة الدستورية العليا يقضى ببطلان بعض مواد قانون الانتخابات. وخلقت مثل هذه الإجراءات مناخاً لم يعد فيه أحد على يقين حيال الحاكم الفعلى لمصر.

بعد سبعة عشر شهرا من الاحتجاجات العارمة التى أطاحت بالدكتاتور المصرى حسنى مبارك، أصبحت الولايات المتحدة بلا صديق، أو نفوذ يذكر بين الفاعلين السياسيين القدامى والجدد الذين لا يبدو أنهم يرسمون نفس المسار المتبادل فى العلاقات بينهما.

وبدعوتها إلى التسوية والتوافق أمس السبت بعد أول لقاء مع مرسى، أمسكت كلينتون العصا من المنتصف فى هذا النزاع السياسى. ومع ذلك لم يبد على الفور أى تأثير لنصائحها.

بالنسبة لإدارة أوباما، فإن دعمها القديم لقادة الجيش المصرى كحلفاء محوريين تبدد مع خلع مبارك.. وأصبحت منشغلة بالحفاظ على مصالحها فى المنطقة، مثل التعاون فى مكافحة الإرهاب وجهود إحلال السلام العربى- الإسرائيلى، لكن أجندتها تبدو معلقة وغير واضحة، حيث لا تزال أكبر دولة عربية سكانا تشهد اضطرابات.

الغموض الذى يكتنف من ستكون له الكلمة العليا فى المناورة السياسية، يزيد من حالة الشلل التى تخيم على البلاد.

ومن المرجح أن تحمل كلينتون نفس الرسالة إلى كل من طنطاوى ومرسى. ودون اتخاذ موقف فى الخلافات بشأن البرلمان وكيفية كتابة دستور جديد، ستحث كلينتون رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة على عودة قواته للعب دور أمنى قومى فقط ، أى عودة الجيش إلى ثكناته، على حد وصفها أمس السبت.

وغلفت هذه الانتقادات، بالإشادة بالجيش لدفاعه عن أرواح المصريين خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 ضد الرئيس المخلوع، والتقدم الذى أحرزته مصر تحت القيادة المؤقتة، لاسيما إجراء انتخابات حرة ونزيهة. وقارنت موقف الجيش المصرى بما يفعله الجيش السورى الذى يقتل شعبه ، لكنها شددت على أن المجلس العسكرى مازال يتعين عليه بذل المزيد من الجهد لإنجاح التجربة الديمقراطية.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت ستتبنى لهجة أشد مع طنطاوى خلف الأبواب المغلقة، وكذلك موقف جنرالات الجيش، الذين لا يثقون فى الولايات المتحدة حاليا بنفس القدر الذى ينظرون به إلى جماعة الإخوان المسلمين.

الولايات المتحدة فى موقف صعب، فهى حريصة على أن تبدو نصيرة للديمقراطية وحقوق الإنسان بعد ثلاثة عقود من التعاون الوثيق مع مبارك رغم سجله السيئ فى القضيتين.. وهذا ما يعكس بعض التغييرات غير المريحة فى الموقف الأمريكى، لاسيما الانتقادات اللاذعة فى بعض الأحيان لشركاء أمريكا فى المجلس العسكرى وكلمات التأييد للأحزاب الإسلامية الأكثر تشككا فى دوافع وأهداف واشنطن بالنسبة لمصر والمنطقة بأسرها.

وفى مؤتمر صحفى مشترك مع نظيرته الأمريكية، قال وزير الخارجية المصرى محمد كامل عمرو، إن مرسى شدد خلال لقائه كلينتون على أنه سيحترم جميع المعاهدات الدولية التى وقعتها مصر، ومن بينها معاهدة السلام مع الإسرائيليين التى أبرمت عام 1979.

ووفقا لعمرو، تحدث الرئيس عن اتفاق سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين على حدود 1967، بحيث تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وهى رؤية عربية معتدلة تستند إلى حل إقامة الدولتين، وهو الحل الذى كانت جماعته غامضة بشأنه فى السابق.

كما تباحثت كلينتون ومرسى بشأن المستقبل الاقتصادى المؤلم الذى ينتظر مصر. ووعدت كلينتون بأن تشطب واشنطن مليار دولار أمريكى من الديون المستحقة على مصر، فضلا عن الاستثمار فى القطاع الخاص، وإنشاء صناديق لتوفير فرص عمل، كما أعلنت واشنطن فى السابق.