وول ستريت جورنال: زيارة مرسي إلى السعودية تبعث بضمانات إلى دول الخليج حول أهدافه

أخبار مصر


ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الرئيس المصري محمد مرسي أجرى أول زيارة له خارج البلاد بعد توليه منصب رئاسة الجمهورية إلى المملكة العربية السعودية فيما وصفها مراقبون سياسيون بأنها محاولة واضحة لتقديم ضمانات حول أهدافه كأبرز رموز الإسلام السياسي الصاعد في المنطقة.

وقال محللون إن اختيار السيد مرسي للسعودية كأول زيارة خارجية إنما هي بمثابة إشارة إلى حكام الخليج أنه لن يسعى إلى قلب ميزان القوى الإقليمية لصالح إيران، البلد الذي تعتبره المملكة العربية السعودية أنه يمثل أكبر تهديد لها.

وأفادت وكالة أنباء سعودية أن مرسي وصل إلى المدينة الساحلية جدة يوم الأربعاء، وكان في استقباله ولي العهد سلمان بن عبد العزيز آل سعود. والتقى بعد ذلك بالملك عبد الله.

ورحب القادة السعوديين بالعمل مع هذا الرجل، الذي على الرغم من أنه ترك جماعة الإخوان المسلمين بعد انتخابه في يونيو، إلا إنه يُنظر إليه على أنه ممثل لحركة المقاومة الإسلامية التي أعربوا عن أملهم في ألا يتولى السلطة. وقال عبد الله الشمري، وهو محلل سياسي سعودي مقرب من الحكومة، أن المملكة العربية السعودية ستستقبل مرسي بصفته رئيسًا لمصر، وليس ممثلاً للإخوان المسلمين . وأضاف الشمري تهتم السعودية بممارساته، سياساته. ولن تبالي بخلفيته .

وقد انتفضت المملكة العربية السعودية وغيرها من ممالك وإمارات الخليج في فبراير 2011 عندما نجحت الثورة المصرية في الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك، الذي حكم على مدى ثلاثة عقود استخدم خلالها أعمال القمع ضد الكتل الإسلامية التي تصيب زعماء دول الخليج الآن بالزعر.

وذكر مسؤولون مصريون وسعوديون أن كلاً من مرسي والمجلس العسكري اللذان يتشاركان السلطة في مصر يسعى إلى الحصول على الدعم المالي من قِبَل المملكة لمساعدة مصر على الخروج من الأزمة الاقتصادية التي أعقبت الثورة التي أطاحت بمبارك. وقد أودع السعوديون حزمة مساعدات مالية بقيمة واحد مليار دولار في البنك المركزي المصري منذ سقوط مبارك، وذلك لدعم الاقتصاد المصري.

لكن الشكوك لا تزال تدور حول ما إذا كان حكام الخليج يمكنهم عقد آمالهم على مصر، في ظل حكم مرسي، كحليف استراتيجي. ويتوقع كثيرون في مصر أن يقوم مرسي بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع إيران. فمصر هي واحدة من ثلاث دول فقط، إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل، التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع طهران.

ورأى خبراء سعوديون ومصريون أنه من المحتمل أن يكون القصد من زيارة مرسي هو طمأنة المملكة بأن مصر لن تعقد اتفاقات من شأنها أن تضعف من قدرة المملكة العربية السعودية في مواجهة إيران أو سوريا، حيث إن السعودية وبعض دول الخليج الأخرى تدعم الانتفاضة ضد الرئيس بشار الأسد، السعودية.

وقال عبد الرؤوف الريدي، سفير مصر الأسبق لدى الولايات المتحدة، إن مصر تعتبر ركيزة مهمة جداً بالنسبة لأمن المملكة العربية السعودية . وأضاف لقد اعتدنا أن نقول أن هناك مثلث ذهبي بين مصر وسوريا والمملكة العربية السعودية. والآن من دون سوريا، فإن مصر في مكان أكثر أهمية .

وأكد السيد مرسي للأسر الحاكمة في الخليج منذ اليوم الأول لتوليه الرئاسه، وتعهد في خطاب تنصيبه أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر لن تسعى إلى تصدير الثورة .

وأشارت الصحيفة إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، وكافة الجماعات السياسية الأخرى، في المملكة العربية السعودية هي جماعات محظورة، على الرغم من أن الفروع المحلية غير الرسمية لجماعة الإخوان والحركات الإسلامية الأخرى تتمتع بتأييد شعبي كبير. وقد صرح ولي العهد السعودي الراحل الأمير نايف ذات مرة قائلاً إن الإخوان المسلمين هم سبب مشاكلنا كلها .

وفي مصر، قام مبارك بحظر جماعة الإخوان المسلمين كذلك، وتقاسم المخاوف مع قادة العالم العربي غير المنتخبين بأن الحركات الإسلامية تسعى إلى تأييد شعبي من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية. وتزايدت مخاوف حكام دول الخليج بعد اندلاع انتفاضات الربيع العربي. وحذر قائد شرطة دبي ضاحي خلفان خلال شهر مارس من أن حركة الإخوان المسلمين كانت تخطط لتغيير النظام في منطقة الخليج.

وقال جمال خاشقجي، وهو صحفي ومعلق سياسي في المملكة العربية السعودية، إن ذلك غير محتمل.مضيفًا أن المحلين المتعاطفين مع جماعة الإخوان هم أذكى من ذلك، فهم يدركون أن ما حدث في مصر لن يحدث في المملكة العربية السعودية .

وقد سارع الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز في إنفاق مئات المليارات من الدولارات كمكافآت للعاملين في الحكومة في مشاريع البنية التحتية، لتهدئة الأجواء في الداخل في الوقت نفسه الذي اندلعت فيه انتفاضات في أماكن أخرى من العالم العربي. لكنه لم يتخذ أي خطوات لتقاسم السلطة مع الشعب في النظام الملكي للأسرة الحاكمة التي تنحدر من الأعلى إلى الأسفل في قيادة المملكة.


كما أن المملكة العربية السعودية دعمت أيضًا الخليج من خلال إرسال قواتها إلى البحرين لمساندة الحكام السنة في حصار انتفاضة الأغلبية الشيعية في هذا البلد.

ويُعد توقيت زيارة مرسي محوريًا بالنسبة له، فهو يخطو أولى خطواته نحو الرئاسة في ظل المعارك القانونية والدستورية التي يقودها في الداخل، وفي حال تمكن الرئيس الجديد المنتخب من تثبيت خطاه كرجل دولة محنك من خلال تلك الزيارة، فقد يُكسبه ذلك مصداقية في الداخل المصري بعد عودته إلى القاهرة.