محمود صلاح يكتب : جريدة.. صندوق الزبالة!

مقالات الرأي


مقالات مختلفة بدأت تظهر فى الصحف فى الأيام الماضية جميعها تحمل نفس العنوان وهو «رسالة إلى السيد الرئيس».

وليس عيبا أو حراما على أى كاتب أو صحفى، أن يوجه ما يشاء من رسائل، إلى رئيس الجمهورية لكن العيب الحقيقى هو مضمون أغلب هذه الرسائل التى تكون مغموسة فى النفاق والرياء والتملق!

عرفت وعايشت فى بلدنا هذه شخصيات متعددة من الكتاب والصحفيين، تخصصوا فى مداهنة الرئيس فى كل عصر وحكم، وكيفية إغراقه فى بحر من النفاق، وهؤلاء عندهم قاموس خاص وبارع، من كلمات التملق وأساليب النفاق.

إنهم هم أنفسهم نفس الكهنة الذين كانوا يحيطون بالفرعون الحاكم، أيام مصر الفراعنة تخصصوا فى تأليه الفرعون البشر، وإقناعه ومحاولة إقناع الناس بأنه إله قادم من السماء، وأن كل قراراته وتصرفاته ملهمة مقدسة، لايجوز الاعتراض عليها، أو حتى مناقشتها.

وكان هؤلاء الكهنة يواصلون هذه العملية الخبيثة على فرعون كل يوم وبدون أن يشعر يتم عمل غسيل مخ لفرعون على أيدى هؤلاء الكهنة الأشرار حتى يستيقظ ذات صباح مقتنعا كل الاقتناع أنه أصبح ربنا ذات نفسه!

والمثل المصرى الشعبى القديم الذى يقول «يافرعون إيش فرعنك؟ قال مالقيتش حد يلمني» مثل صحيح للغاية، ففى تاريخ مصر ما أكثر ما صنعنا بأيدينا الفراعنة الذين حكمونا وجعلناهم آلهة أو أشباه آلهة.

ربما يكون هذا أحد أمراضنا النفسية والعقلية كشعب أننا نعبد الأشخاص، ونعطيهم صفات الألوهية، وبعد ذلك نبكى ونشكو من الظلم والقهر، الذى نعانى منه على يد الفرعون الذى صنعناه!

ولقد بدأت أشتم فى الهواء وروائح هؤلاء الكهنة بين سطور تلك المقالات التى تحمل عنوان «إلى السيد الرئيس»، ومع التكرار فإن الفأس لابد أن تقع على الرأس.

وكنت أتمنى لو أن عندنا فى نقابة الصحفيين شيخاً من قدامى شيوخ الصحافة، يتابع مقالات وكلمات كهنة النفاق، ويكشفهم ويعريهم أمام الجميع لأن المنافق لايصح أن يكون له شرف عمل القلم، ولاينبغى أن يحسب على جمهور الصحفيين ولا أن يحاسبوا على نفاقه!

لقد عانى صحفيون كثيرون بسبب قوله الحق، عانوا من الاضطهاد والقمع والمنع بل والسجن، وفى نفس الوقت حصد أهل النفاق فى شارع الصحافة المصرى، المكاسب والفوائد والمغانم، بسبب الطبل والزمل والنفاق الصريح وغير الصريح للحاكم، عندهم أموال فى البنوك وشقق وشاليهات وأراض، كلها جاءت من نفاق «السيد الرئيس»!

وعندى اقتراح أن تخصص جريدة واحدة للمنافقين لاينشر فيها سوى مقالاتهم وكلماتهم.

الأفضل.. أن يكون للزبالة صندوق!