"جبهة الإبداع" تصدر بيان للرد على تجاهل مرسى للفن والإبداع فى خطابه الأول بعد فوزه بالرئاسة


أصدرت جبهة الإبداع بيانا بعد خطاب الدكتور محمد مرسى ، رئيس الجمهورية ، وهو الخطاب الأول له بعد فوزه بالرئاسة ، وحمل البيان رسالة باسم جموع مفكرى ومبدعى مصرى الى الرئيس ، وجاء نصها البيان كالتالى :

تلقينا جميعاً بخلاف أيديولوجياتنا واتجاهاتنا الفكرية بسعادة غامرة نتائج المرة الأولى التى ينتخب فيها الشعب المصرى رئيساً له.. وسعد الكثير مننا أن أصوات المصريين وصناديقهم كانت هى قانون العزل الشعبى لممثلى النظام السابق، وترقبنا ككل المصريين الخطاب الأول لرئيس الجمهورية، منتظرين أن نعرف سياسة رئيس مصر المنتخب فيما يخص شئون البلاد خلال سنوات فترة رئاسته.. حبسنا أنفاسنا فى تلك اللحظة التى طالما انتظرناها جميعاً آملين فيما أخرجنا لميادين مصر فى يناير 2011 من مفاهيم العدالة الاجتماعية والحرية.. وبما أن السيد الدكتور محمد مرسى كرئيس للجمهورية مسئول عن المصريين جميعاً بخلاف قطاعاتهم، فلنا عليه العتاب التالى:

أسهب الدكتور محمد مرسى فى سرد طبقات الشعب التى يعد مسئولاً عن مطالبها، وفى سرد محافظات مصر واحدة تلو أخرى.. وبداية نشكره على وعوده نحو تلك الطبقات التى دهسها قطار النظام السابق من فقراء الوطن من عمال وفلاحين وسائقى التكاتك.. ففى وعود العدالة الاجتماعية.. خطوة محمودة نحو تطبيق أهداف الثورة.. ولكن نرى أن الخطاب قد أغفل قطاعاً مهماً من أبناء الشعب المصرى، والذين يشكل مصيرهم مصيراً لهوية الوطن من المفكرين والعلماء والمبدعين والفنانين.. أيتخيل أحد اسم مصر دون أن يقترن بنجيب محفوظ أو أم كلثوم أو يوسف شاهين؟ إن رعاية حرية الفكر والإبداع والتفكير والبحث العلمى ليس مطلبا فئويا، بل هى ضرورة من ضرورات نهضة أى شعب من شعوب الأرض.. كانت الثورة المصرية ثورة وقودها مفاهيم الحرية والعدالة ونصرة الحق أمام الظلم مفاهيم تعلمناها وغرست فينا فى يد محمد أبو سويلم المغروسة بدمائها فى تراب أرضه فى فيلم الأرض.. واستوعبناها من حرافيش نجيب محفوظ فى ثوراتهم ضد الفتوة الطاغى.

لا جدال على أولوية رغيف الخبز بالنسبة للشعب المصرى والحياة الكريمة لكل مواطن مصرى دفع من دمائه ثمناً للحظة التاريخية التى نعيشها.. ولكن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان.. بل بالفكر والتعليم والبحث العلمى والإبداع الذى يسمو من روحه.. لقد عبث النظام السابق بالأساس بوعى المواطن المصرى وجعل الآداب والفنون الجميلة حكراً على طبقة بعينها، ونحن نرى أن ثورتنا لابد أن تساهم فى إيصال الفكر لمن يستحقه وهو الشعب المصرى بجميع قطاعاته من مثقفين وعلماء ومفكرين وصولاً إلى العمال وسائقى التكاتك.. ولن يأتى هذا إلا برعاية حقوق الكتاب والمفكرين والمبدعين فى رعاية الدولة لأعمالهم وحمايتها من أى قمع للحرية يتهددها.

ولنتعلم من ثورات التاريخ التى همشت مفكريها وحريات شعوبها الشخصية بمنطق الخبز أولاً، لتتحول تلك الثورات عبر الزمن لنظام شبيه بالتى قامت عليه حتى لو كان هذا النظام هو الاستعمار الإمبريالى أحياناً، وليس مجرد نظام قومى فاسد فاشى.

بما أننا المفروض أن نحيا عصراً من الشفافية، فدعونا نتخلص من الحساسية ونتحدث فيما يخشى الكثير التحدث فيه صراحة.. كانت أحد هواجس الكثيرين من صعود تيار الإسلام السياسى للحكم هو قمع الحريات الشخصية وحرية الرأى والتعبير.. ساهم فى هذا كل من ميكنة إعلام النظام السابق، وللآسف بعض المحسوبين على هذا التيار ممن قاموا بأعمال لن يغفرها التاريخ بدءاً من محاولة اغتيال نجيب محفوظ لاغتيال فرج فودة.. ونرى كجموع مفكرين مصر ومبدعيها أن من واجباتكم كرئيس للبلاد أن تطمئنونا على مستقبل حرية الفكر والرأى فى مصر، ورعاية مفكريها ومبدعيها بما يستحقون، كما أثلجتم صدر المصريين بوعودكم فى توفير العيش الكريم لطبقات الشعب الفقيرة.. وأن عليكم تصحيح تلك المفاهيم التى أثارت خوف المصريين عقوداً ليتوحد الصف فعلياً، ولنشارك معاً فى بناء الوطن.

لا يحيا المصريون بالخبز وحده.. المصرى يحيى جسده بالخبز، ولكن عقله وروحه يسموان بوحى جملة فى رواية لبهاء طاهر وقصيدة لأمل دنقل وفيلم لصلاح أبو سيف ولوحة لحسن سليمان.

السيد الدكتور محمد مرسى رئيس جمهورية مصر العربية.. نرجو أن يكون إغفال مفكرى وكُتاب ومبدعى مصرى فى خطاب البارحة سهواً نابعا من جلال ومهابة اللحظة الذى أثرت على مشاعرنا جميعاً، وليس تجاهلاً أو استهانة بدورهم فى بناء الوطن . ونرجو منكم الإعلان عن مشروعكم لرعاية عقول المصريين بعد أن طمأنتنا البارحة على مستقبلهم الاقتصادى.