باتريك كوكبرن: لماذا لم يتبع الربيع العربي الصيف المنتظر؟

أخبار مصر


نشرت صحيفة الاندبندنت مقالا للكاتب باتريك كوكبرن اورد فيه: تذكر النشوة في بداية العام الماضي عندما انهارت اقوي دولة شرطة راسخة في أنحاء العالم العربي. تم إجراء مقارنات سهلة مع سقوط الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية في عام 1989. وتحدث معلقون من غير تكلف عن التغيير السياسي الذي لا يمكن كبته في عصر الإنترنت، وسائل الاعلام الاجتماعية والمحطات التلفزيونية الفضائية. و بدا ان تغيير النظام من تونس الى البحرين ودمشق الى صنعاء سهل و لا مفر منه.

بدلا من ذلك، قد ذهب التاريخ في الاتجاه المعاكس بتسلق الحكومات العسكرية للعودة الى السرج في مصر أو ذبح شعوبها في سوريا. في البحرين، سحقت آل خليفة الملكية المعارضة وليس هناك جديد في اليمن، فضلا عن تشريد رسمي للزعيم القديم. ليبيا في حالة من التفكك نصف النهائي، في حين ان تونس، مهد الثورات، يبدو أنها تدير عملية انتقال للديمقراطية ناجحة.

وجاءت اللحظة الحاسمة في زوال ثورة 2011 العظيمة الاسبوع الماضي بحل الجيش المصري البرلمان المنتخب ديمقراطيا، و تدهور سلطة الرئاسة لصالح الجنرالات، واستعادة سلطة النظام القديم على نحو فعال من قبل قوات الأمن، لاحتجاز وتعذيب المدنيين. في نهاية هذا الاسبوع، سيقرر الجنرالات ما اذا كان يجب أن يخطو خطوة أبعد و تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح الخاصة بهم - آخر رئيس وزراء لحسني مبارك ، أحمد شفيق - بدلا من محمد مرسي مرشح جماعة الإخوان المسلمين.

لم تنتصر الثورة المضادة فقط في مصر. في كل مكان، تخمد نيران الربيع العربي حيث لا يعيرها بقية دول العالم اهتماما كبيرا. الهزيمة ليست جماعية. العرب لن يعودوا مرة أخرى إلى تعليق الرسوم الجرافيتي التي تم منعها الذي و عبروا بها عن غضبهم لمدة طويلة اثناء الاحتجاجات والثورات من العام الماضي. بل يعودون إلى تكرار الصراع على السلطة الذي يعصف بالمنطقة في الخمسينيات و الستينات رغم أن غالبا ما يتم تجاهل الحقيقة، شهدت هذه الفترة الحركات الجماهيرية والمعارضة العلنية، فضلا عن الحروب الكارثية، والانقلابات العسكرية.

كانت هناك عبارة واحدة تستخدم في العام الماضي خلال الانتفاضات الأولى، و لكني وجدتها مضللة و تقشعر لها الأبدان، و تخدع النفس. كانت حول طبيعة القوة في الشرق الأوسط، بل في كل مكان آخر في العالم. كانت العبارة أو الشعار: إن الناس قد فقدوا خوفهم ، كما لو أن خوف يشعر به في القاهرة، و طرابلس ودمشق وبغداد بطريقة مماثلة لفوبيا الخوف من الفئران أو الخفافيش و تم استبداله الان بصورة أكثر واقعية أنه لم يعد هناك ما يخشون منه.

في لحظة الانتصار في مصر، بعد الاطاحة بالرئيس مبارك، نسيت مقومات النجاح. الاخوان المسلمين، دائما منفعلين من حلفاءهم الجدد ، و يتصرفون كأن المستقبل ينتمي حتما إلى ذلك. نسيت أن العسكر لا يزال بيده معظم أدوات السلطة. تجاهل حقيقة أنه على الرغم من دورها الذي يدعمه الخارج، الا أنها كانت حاسمة في السيطرة على المعلومات حول الانتفاضة داخل مصر، و المشاركة في قبول وسائل الاعلام الاجنبية، وطمأنة الولايات المتحدة، والحكومات الاوروبية والاجنبية الاخرى التي كانت هنا ان الثورة يمكن أن التعايش معها.

وثمة مشكلة أساسية في مصر أن قوات الأمن ضحوا بزعيمهم، حسني مبارك، لتجنب إحداث تغيير جوهري و الاحتفاظ بالسلطة وامتيازاتها. لكن هذا لم يصل إلى انقلاب عسكري اجوف كما يصور في بعض الأحيان. يمكن تصوير القادة في المجلس الاعلى للقوات المسلحة بانهم اساتذة التلاعب المكيافيلي المصمم للحفاظ على الوضع الراهن، ولكن هذا بالتأكيد مبالغة. وربما كانوا يأملون لهذا، ولكن لم يمكنهم التنبؤ، بالانقسامات الذاتية التي تخدم خصومهم مما يؤدي إلى اعادة انتخابات الرئاسية بين الإخوان ومرشحي العسكري بعد أن تم القضاء على الوسط واليسار.

لعب المجلس العسكري بمهارة علي اخطاء خصومه. تبرر الحكومات الاستبدادية القمع في كل مكان قائلة انها ضرورية لمنع الفوضى. تأكد المجلس العسكري ان وسائل الاعلام الحكومية عززت الشعور بانعدام الأمن وعدم الاستقرار الاقتصادي، وذلك باستخدامهم لها بنجاح لتشويه الاحتجاجات في الشوارع و الحنين إلى امان النظام القديم.