أحمد فايق يكتب : صندوق الأحلام والكوابيس

مقالات الرأي



هل تصدق أن أحمد شفيق يطاردنى فى أحلامى وكوابيسى، منذ أسبوع لم أذق طعم النوم بشكل هادئ، رأيت فى كوابيسى مبارك يخرج لى من الأرض ضاحكا مثل «أبو الغضب»، هذه الشخصية الكارتونية الشهيرة التى لم ينم بسببها ملايين الأطفال خوفا من بطشها بـ «مازنجر»، حينما أجده يتحدث مع توفيق عكاشة أشعر أن «سونيا جراهام» تحاول إغواء أحدهم للفتك بـ «أدهم صبرى».

أحيانا أبكى فى حجرة نومى دون أن تلحظ زوجتى العزيزة هذا، فمصر تستحق أكثر من هذا بكثير، وليس من المعقول أن تستمر لعنة الله عليها طوال الـ30 عاما القادمة، لا أدرى ماذا فعل الشعب المصرى حتى يبليه الله بهذا الاختيار الصعب بين فاشية دينية متمثلة فى محمد مرسى وبين فاشية عسكرية متمثلة فى أحمد شفيق، الكثيرون من الأصدقاء يقولون لى هذه هى اختيارات الصندوق، وجدت نفسى أقول لهم «ملعون أبو الصندوق اللى يعمل فينا كده»، فقد حكم الله على مصر بصناديق كثيرة لم نر منها خيرا، فقد عاد 1200 مصرى من العبارة السلام فى صناديق ومثلهم فى قطار الصعيد، والصندوق الأسود لطائرة مصر للطيران التى وقعت فى أمريكا لم يفتح حتى الآن، والصناديق الخاصة التى اخترعها مبارك وتم توزيعها على كل مؤسسات الفساد فى مصر، وتحتوى على مليارات الدولارات، لم ينجح أحد فى اختراقها حتى الآن، والصندوق الأسود للنظام «طبقا لمصطلح الأستاذ هيكل» لم يفتح أبوابه للشعب.

والصناديق التى حملت شهداء الثورة من التحرير إلى محمد محمود وماسبيرو ومجلس الوزراء والعباسية لم تستقر فى مثواها الأخير، فقد تاه حق القصاص لهم بين العسكر والإخوان، لم أر فى حياتى صندوقا استطعت أن أرى مابداخله سوى صندوق الدنيا، وهى كانت لعبة مفضلة لجيلى تستطيع أن ترى من خلال كاميرا بلاستيكية على شكل صندوق مابداخلها من صور لعجائب الدنيا السبعة، وأيضا صندوق على بابا الذى رأيناه فى الأفلام والمسلسلات ومابداخله من مجوهرات وكنوز.

أما صندوق الانتخابات فهو يبدو بالنسبة لى كأنه مغامرة فى فيلم خيال علمى، يتحول من لونه الشفاف الذى يكشف مابداخله، إلى كائن بشع يمسكه بيديه «إله الشر» مطلقا ضحكة خبيثة فى مشهد أقرب إلى الكابوس، أخشى أن أترك مصر خوفا من الفاشية الدينية أو النظام القديم فأعود إليها فى صندوق، أخشى أن أعترض على مايحدث فأعود إلى منزلى فى صندوق خشبى، وأحرم ابنى وزوجتى من الأب والزوج، أخشى أن أنتخب أحدهما وأتحول إلى سبب فى زيادة عدد صناديق الشهداء، أخشى المقاطعة وأصبح سببا فى زيادة عدد صناديق شهداء المقاطعة، يارب أنت وحدك تعرف أننا لم نحلم يوما سوى بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، لم نطلب سلطة أو مالا أو جاها، كل ماحلمنا به هو أن تصبح مصر كما كنا نحلم بها، ونراها فى الأفلام والروايات والأغانى أم الدنيا، فلا تخذلنا ولا تترك حق رفاقى فى الوطن ممن أهدرت دماؤهم فى شوارعها، الذين ماتوا حبا فيها.

يعنى إيه كلمة استغلال نفوذ؟

رجل أعمال كبير يمتلك صحيفة يومية مستقلة، ولديه مشاكل فى الجزائر بسبب اتهام له بالتهرب من ضرائب قدرت بملايين الدولارات، وتحولت القضية إلى القضاء الجزائرى والدولى، وينتظر الجميع الحكم القضائى ليعيد لكل مظلوم حقه، يبدو أن رجل الأعمال شعر بضعف موقفه فى القضية، وشعر بأنه لن يستطيع أن يفعل بالجزائر مافعله فى مصر، فقام ببدء حملة منظمة من خلال صحيفته اليومية ضد الرئيس الجزائرى بوتفليقة، الهدف منها الضغط عليه ليحافظ على أرباحه من البزنس، استخدم الإعلام فى تحقيق مصالحه الاقتصادية حتى لو على حساب الحقيقة، لم يستطع أن يفعل هذا مع بعض الدول الأوروبية التى يستثمر فيها، فهو يعلم أن هناك يجد قانونا يقف حائلا أمام طموحاته السياسية والاقتصادية التى لا تتوقف، يعتقد رجل الأعمال أنه سيجد مبارك فى كل دولة يستثمر فيها، يسهل له ما يريد فليست كل الشعوب تدفع فاتورة ثرائه الفاحش، وليس كل استخدام للإعلام يؤثر فى خصمك