أحمد فايق يكتب : للثورة.. شعب يحميها
أشعر بجاذبية شديدة تجاه بعض المصطلحات التى ابتكرها مديرو حملات مرشحى جولة الإعادة، وهى الدولة المدنية لأحمد شفيق ومرشح الثورة محمد مرسى، مصطلحات يسير وراءها الإعلاميون وربما يروجونها لخدمة مصالحهم الخاصة أو تصورهم للمصلحة العامة.
لكن لكل مصطلح معنى حقيقى وآخر مزيف، فليس شفيق ممثل الدولة المدنية ولا مرسى ممثل الثورة، والاثنان أبعد عن هذه المعانى الجميلة بكثير، فالدولة المدنية لها شروط كثيرة لم يلتزم بها شفيق ولا يريد الاقتراب منها، هل شراء الأصوات وعمل الأجهزة الأمنية ومؤسسات الحزب الوطنى المنحل لصالحه من الدولة المدنية فى شىء؟
لقد لخص شفيق قضايا الشباب فى برنامجه الانتخابى فى توسيع مراكز الشباب وهذه رؤية لا تختلف كثيرا عن مبارك، فهو يتحدث عن طرف لا يعرف عنه شيئًا وعنصر يمثل 65% من المجتمع طبقًا للإحصاءات الرسمية، لا يبحثون عن مراكز شباب كى يجدوا حلولا لمشاكلهم، بل أزماتهم أكبر من ذلك بكثير، فنحن جيل لم يعرف فى حياته سوى كذب ونفاق السلطة، نميل إلى التغيير وعلى استعداد أن ندفع بأرواحنا من أجله، التغيير القائم على الحرية والعدالة والاجتماعية، والدولة المدنية ليست التى يأتى فيها رئيس جمهورية ملتزمًا بدفع فاتورة من ملايين الدولارات لرجال الأعمال ساعدوه فى شراء الأصوات مرة والتأثير على العاملين لديهم مرة أخرى، والفاتورة معروفة مسبقا وسددها شفيق مقدما وهى عدم رغبته فى فرض ضرائب تصاعدية وبالتالى المساهمة فى زيادة الفقير فقرا والغنى غناء، وزيادة الاحتكارات فى كل المجالات ورفع الأسعار بشكل مبالغ فيه، فكى يعيش من هم على شاكلة أحمد عز يجب أن يموت الملايين، فهم يمتصون دماء الشعب، الدولة المدنية تحتم على الرئيس الشفافية فى إعلان الأرقام والأزمات التى تواجه الوطن، والدولة المدنية لا تجعل رواتب ديوان عام وزارة الدفاع فى الموازنة 27 مليار جنيه أى بنسبة تزيد على 25% من ميزانية الأجور فى مصر، فالدولة المدنية لا تقبل هذا الفارق الطبقى الهائل فى المجتمع، ولا تجعلك تؤله القضاء وتعتبره مستقلاً، رغم أن فضائحه تخطت الحدود من المساهمة فى تزوير كل الانتخابات التى جرت فى عهد المخلوع وقضية التمويل الأجنبى ووصولا إلى مهرجان البراءة للجميع فى قضية مبارك والعادلى ومساعديه، الدولة المدنية ليست فيها قاعدة مفادها للشرطة حق القتل كيفما شاءت حتى لو وصل عدد القتلى لأكثر من ألف مواطن شريف ولن يحاسبها أحد، فالدولة المدنية لا تعنى أن الشعب عبيد يخضع لقانون «ساكسونيا» الذى كان يحاكم ظل الغنى إذا أخطأ، ويعدم الفقير إذا تجرأ وقال لا، عزيزى الفريق شفيق الدولة المدنية لا تعنى «بلوفر» شيك أو مغازلة لمشاعر النساء أو الظهور بإسلوب المتحضر فى وسائل الإعلام، بل هى أكبر من ذلك بكثير وتتخطى حدودها فهمك لموقعة الجمل والبونبونى والشيكولاتة.
ومحمد مرسى لم يكن يوما مرشحا للثورة، فهو ينتمى لجماعة تفضل مصالحها على مصالح المصريين، أين كانت الثورة من تصريحاتهم حينما كان يقتل العشرات فى شارع محمد محمود ومجلس الوزراء، أين كانت الثورة حينما ضحكوا على الشعب فى صفقة مع المجلس العسكرى بأن من يقول نعم فى الاستفتاء سيضمن مكانا له فى الجنة، ألم تتحول الثورة على يديهم إلى «غزوة الصناديق»، يتذكرون الثورة فقط حينما تتوافق مع مصالحهم، ويلعنون اليوم الذى قامت فيه حينما تتضارب مع رغبتهم المريضة فى الاستحواذ على كل شىء، الثورة لم تكن ثورة مرسى وجماعة الإخوان بل كانوا شركاء فيها، وظهروا متأخرين، لم يحترموا شركاءهم وصفقوا لمصطفى بكرى فى مجلس الشعب حينما كان يسب رجال مصر فى محمد محمود، ووصفوا الثوار بالبلطجية، ولما اعترض الثوار على الجنزورى تضامنوا معه وصفقوا له فى مجلس الشعب ثم عادوا يطالبون الثوار بمليونيات لإقالة الجنزورى.
عزيزتى القارئة عزيزى القارئ بالتأكيد تسأل نفسك الآن ما العمل، لقد جعلتها سوداء فى وجهنا، لا هى ليست كذلك فالطريق الثورى طويل لكنه مربح، فيه آلاف من الشهداء والمصابين لكنه يوفر ملايين الشهداء والمصابين فى المستقبل، الحل هو ميدان التحرير فهو الشرعية الوحيدة فى مصر التى تستحق الاحترام، هناك ستجد كل ماتريده من دولة مدنية حقيقية وثورة من لحم ودم وليست مزيفة.. ياشعب مصر التحرير هو الحل.