التحولات الديمقراطية بمصر لابد ان تمر عبر الإصلاحات الاقتصادية

الاقتصاد



حذر محللون دوليون من تعثر التحولات الديمقراطية فى مصر حال الإخفاق فى كبح التدهور الاقتصادى.. مشددين على ضرورة منح الفرصة للحكومة الحالية لتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية وتوفير الوظائف.

وقال خبير التقييم المالى للأسواق الناشئة بمؤسسة أسيا جلوبال بيتر لى - فى تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم /الاثنين/- إن مصر ستخسر استثمارات أجنبية تقدر بمليارات الدولارات حال استمرار حالة عدم الاستقرار وتغيير الحكومات بشكل مستمر .

وأضاف:أن نجاح المرحلة الانتقالية فى مصر ليس مرهونا بالإصلاح السياسى فقط بل بزيادة الفرص الاقتصادية للشعب المصرى .. داعيا إلى دعم القطاع الخاص وتشجيعه للدخول فى مشاركات مع الشركات الدولية الكبرى .

وأشار بيتر إلى أن الحكومة المصرية ينبغى عليها تعزيز مبادرات القطاع الخاص من خلال تنمية البنية التحتية وتعبئة الموارد اللازمة لزيادة معدلات النمو الاقتصادى .. محذرا من احتمال تصفية الشركات الكبرى لاستثماراتها فى مصر حال استمرار التدهور الاقتصادى وحالة عدم الاستقرار وعدم اليقين على الساحتين السياسية والاقتصادية .

ولفت إلى أن الأوضاع الاقتصادية غالبا ما تصبح أكثر سوءا عقب الثورات .. داعيا الشباب المصرى إلى التحلى بالصبر وتفهم طبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية التى تمر بها البلاد والتى تجعل عملية التغيير الهيكلى السريع أمرا مستحيلا .



من جانبها ، قالت كبيرة المحللين الاقتصاديين بمؤسسة نورمان للدرسات الاقتصادية بواشنطن أونج هيو إن مصر تمتلك مقومات النهوض الاقتصادى ومن بينها الموقع المتميز والموارد الطبيعية والقوى البشرية .. مشيرة إلى أن الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي شهدتها مصر على مدار العام الماضي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة وزيادة العجز في الميزانية وتراجع الاحتياطي الأجنبي والعملة المحلية .

وأوضحت أن الاقتصاد المصرى يحتاج إلى مؤسسات ديمقراطية مؤثرة لتشجيع الاستثمارات الأجنبية .. داعية الأحزاب المصرية للعمل بشكل منظم وفعال داخل البرلمان من أجل بناء تلك المؤسسات .

وأشارت هيو إلى أن الأزمة الاقتصادية الدقيقة التى تمر بها مصر تمثل تحديا كبيرا لكافة القوى السياسية وخاصة التيارات الإسلامية التى تسيطر على الأغلبية البرلمانية وقد تعرقل مسيرة التحول الديمقراطى .

وفى السياق ذاته ، قال كبير المحللين الماليين بمؤسسة (ايكونومى هايدبارك) المتخصصة فى تقييم الأسواق الناشئة ببريطانيا باسكال دومنيك إن مصر تواجه حاليا حزمة من الخيارات الصعبة من بينها تخفيض قيمة الجنيه ، وتعديل نظام دعم الطاقة الذى يمثل 20\% من الإنفاق الحكومى ، بالإضافة إلى دعم المواد الغذائية .. مشددا على ضرورة إعداد استراتيجية جديدة لضمان وصول الدعم إلى الفئات الفقيرة بدلا من الأغنياء الذين يستأثرون بنحو 80\% من قيمة ذلك الدعم .

وأضاف: أن مصر اتخذت إجراءات هامة باتجاه التحولات الديموقراطية تمثلت فى إجراء الانتخابات البرلمانية بنزاهة وإلغاء قانون الطوارىء الذى استمر لمدة حوالى 30 عاما .. محذرا من التداعيات الخطيرة الناجمة عن حالة الانفلات الأمنى على الأوضاع الاقتصادية .







من جانبها، انتقدت الخبيرة فى شئون اقتصاديات الدول النامية بمعهد البحوث الاقتصادية والاستراتيجية بشيكاغو الأمريكية كارينا كامبل ، الدول المانحة وخاصة دول مجموعة الثمانى الصناعية لتجاهلها الوفاء بالتعهدات المالية التى قطعتها تجاه مصر عقب ثورة 25 يناير .. منوهة إلى أن موقف تلك الدول يهدد التحولات السياسية فى مصر فى ضوء خسارة مصر لاستثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 6 مليارات دولار عام 2011.

وأشارت إلى أن عودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى مصر يستلزم إجراءات عاجلة من جانب الحكومة المصرية لاسترداد ثقة المستثمرين وإيجاد إطار قانونى شفاف وواضح لتسوية المنازعات المتعلقة بالتجارة والاستثمار .

وقالت كامبل إن احتياطى مصر من العملات الأجنبية تراجع بشكل ملحوظ نتيجة اعتماد الحكومات المصرية التى تولت المسئولية بعد الثورة عليه بشكل رئيسى لتمويل تكاليف الواردات والدعم وكبح تراجع العملة المحلية فى ضوء تآكل عائدات السياحة والاستثمارات الأجنبية .. محذرة من التداعيات الخطيرة التى ستنجم حال تلاشى الاحتياطى النقدى الأجنبى الذى كان يقدر بنحو 36 مليار دولار قبل ثورة يناير .

وأضافت:أن دعم العملة المحلية من خلال طرح مليارات الدولارات من الاحتياطى الأجنبى بالسوق المصرية استهدف كبح ارتفاع أسعار الأغذية والوقود .. لافتة إلى أن الحكومة المصرية قد تضطر إلى تقليص قيمة الجنيه حال الإخفاق فى جذب المزيد من الاستثمارات والمساعدات الأجنبية وتراجع احتياطى النقد الأجنبى .

وفى السياق ذاته ، حثت مديرة برنامج الشرق الأوسط بمركز (كاتام) الاقتصادى ببريطانيا كلير سبنسر ، الحكومة المصرية على تقليص الدعم المخصص للطاقة والأغذية والذى يلتهم أكثر من 20 مليار دولار من الميزانية سنويا .. منوهة إلى أن غالبية مخصصات الدعم يذهب إلى الصناعات كثيفة الطاقة والطبقات الغنية .

وأشارت إلى أن النظام الاقتصادى الذى ستتبناه مصر عقب الثورة ينبغى أن يركز على توفير الوظائف لخفض معدلات البطالة وتقليص الهوة بين الأغنياء والفقراء وتعزيز دور القطاع الخاص ونبذ الإجراءات الحمائية .