خلاف بين شقيقين كويتيين يبرز مدى تطور القرصنة الإلكترونية

تكنولوجى



أضحت عمليات القرصنة الالكترونية والتجسس واقعة مثيرة قد يقع ضحيتها أيا كان، كما حصل مع الملياردير العربي كويتي الجنسية بسام الغانم الذي فوجئ بانتشار رسائله الالكترونية وبعض المعلومات المالية على الانترنت وتبين لاحقا أن من قام بنشرها هو شقيقه.

القاهرة: واقعة مثيرة تكشف بين ثناياها الكثير والكثير عن مخاطر عمليات التجسس عبر شبكة الإنترنت، في ظل تنامي أعمال القرصنة الإلكترونية واتساع نطاقها بصورة لا يتصورها كثيرون. ولعل أبرز ما في تلك الواقعة هي أن بطلها ملياردير عربي، وتحديداً كويتي الجنسية هو بسام الغانم، الذي يقيم في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة، بعدما نما إلى علمه عبر مكالمة هاتفية من أحد زملائه أن المئات من رسائل بريده الإلكتروني الشخصي قد تم نشرها على شبكة الإنترنت وأضحت متاحة للجميع.

وهو الأمر الذي سارع الغانم للتأكد من حقيقته، حيث وجد كل ما قيل له صحيحاً، وتبين له أن الرسائل التي تم اختراقها كانت تحتوي على معلومات ذات صلة بشؤونه المالية الخاصة وشؤونه القانونية وكذلك فواتيره العلاجية، وذلك وفقاً لما أوردته في هذا السياق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية عن شخص مطلع على الموضوع.

غير أن تلك المفاجأة لم تكن الوحيدة، بل وجد الغانم كذلك أن الشخص الذي وقف وراء تلك العملية هو شقيقه، الذي يتنازع معه على طريقة يقسمون بها مليارات الدولارات لمجموعة أصول مشتركة. وزعم محامو الغانم في مذكرات قضائية إن شقيق موكلهم استعان بمحققين، للوصول بصورة غير شرعية إلى بريده الإلكتروني بمساعدة قراصنة صينيين، وأن تكلفة استئجار هؤلاء القراصنة قدرت بحوالي 400 دولار.

ورغم أن خلاف الشقيقين ينطوي على مبالغ مالية ضخمة، إلا أن وثائق أودعت في قضيتين مدنيتين خلال شهر أيلول- سبتمبر عام 2009 أوضحت كيف بات من السهل ومن الميسور، إتمام عملية تجسس عبر الشبكة العنكبوتية. وأشار في هذا الجانب متخصصون في عالم الحواسيب إلى أن بعض القراصنة الذين يتم استئجارهم مقابل أموال باتوا يسوقون أنفسهم في العلن على شبكة الإنترنت.

ونقلت الصحيفة هنا عن ميكو هايبونين، من إحدى الشركات المتخصصة في أمن الحواسيب، قوله: لم تعد هناك صعوبة في العثور على قراصنة . وهناك كذلك موقع يعرف بـ hiretohack.net متخصص في الإعلان عن الخدمات الالكترونية التي من بينها اختراق كلمات السر لخدمات بريدية كبرى في أقل من 48 ساعة.

ويقول الموقع إنه يحصل على حد أدنى من الأموال قدره 150 دولار، على حسب مزود البريد الإلكتروني ومدى تعقيد كلمة السر ومدى إلحاح المهمة المطلوب تنفيذها. ويتحدث الموقع عن نفسه بالقول إنهم مجموعة من الطلاب المتخصصين في الشؤون التقنية والذين يتواجدون في كل من أوروبا والولايات المتحدة وكذلك آسيا.

من جانبها، أكدت ميسكل كون، التي تدير شركة متخصصة في الاستشارات الأمنية وكانت تشغل في السابق منصب مدير لمنظمة حكومية متخصصة في حماية أمن الحواسيب في حالات الطوارئ تعرف بـ US-CERT، أن صناعة القرصنة مقابل أجر راسخة. وأضافت أن الأطقم تتكون إما من فرد أو اثنين أو ربما تكون جماعات إجرامية منظمة أكبر في الحجم، لافتهً ومعها غيرها من المتخصصين إلى أنه بات من السهل العثور على وسائل على الإنترنت تساعد في اختراق بريد أي من الأشخاص.

وكانت قضية القرصنة والتجسس الإلكتروني قد حظيت باهتمام كبير خلال الآونة الأخيرة، خاصة بعدما كشفت ستريت جورنال في شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي عن أن قراصنة في الصين نجحوا في اختراق الدفاعات الحاسوبية لغرفة التجارة الأميركية. وقبلها بشهر، غرَّمت محكمة في باريس شركة Électricité de France الفرنسية مبلغاً يقدر بحوالي 1.9 مليون دولار لاستعانتها بمحقق من أجل المساعدة في اختراق حواسيب مجموعة Greenpeace البيئية عام 2006.

وفي المملكة المتحدة، تحقق السلطات في ادعاءات خاصة بعملية قرصنة من جانب صحيفة نيوز أوف ذا وورلد، التي تم إغلاقها مؤخراً. ثم مضت الصحيفة تقول إن الصين على ما يبدو هي مصدر جزء كبير من الهجمات. وقال تقرير صادر عن الحكومة البريطانية مؤخراً إن عمليات التجسس الصناعية ذات الصلة بالحواسيب كلفت الأعمال التجارية البريطانية حوالي 7.6 مليار إسترليني أو حوالي 11.8 مليار دولار، سنوياً في صورة فقدان معلومات قد تضر بفرص ظفر الشركات بمناقصات مفتوحة وفقدان معلومات ذات صلة بالاندماج. كما قدر التقرير أن سرقة الملكية الفكرية على الإنترنت تكلف الشركات مبلغاً إضافياً يقدر بـ 9.2 مليار إسترليني سنوياً.

ثم تابعت الصحيفة بتأكيدها أن المشكلة غير محددة كما ينبغي نظراً لرفض كثير من الضحايا الإبلاغ عن الهجمات لحماية سمعتهم. ونوهت الصحيفة بعدها إلى أن الخلاف القائم بين الشقيقين الكويتيين، بسام وقتيبة، 60 و 66 عاماً على التوالي، متعلق بتقسيم إمبراطورية الأعمال الضخمة التي سبق وأن كونها والدهما في الأساس.

ولفتت الصحيفة بعدها إلى أن مزاعم قرصنة البريد الإلكتروني لبسام قد تم سردها تفصيلاً في الدعوى القضائية التي رفعها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية. ووفقاً لما ورد في مذكرات القضائية، فإن شقيقه الأكبر، قتيبة، وابن شقيقه، وكبير مسؤولي الشؤون القانونية بالشركة، قد قاموا بسرقة مئات الآلاف من الصفحات الخاصة برسائل بريده الإلكتروني على مدار أكثر من عام. وقال هنا محامي بسام إن موكله فجع عندما اكتشف أن خصوصية حسابه البريدي قد تم اختراقه.

وفي المقابل، رفض محامي عن قتيبة ونجله التعليق على تلك المزاعم المتعلقة بعملية القرصنة، ورفض أيضاً السماح لموكليه بالإدلاء بأية تعليقات. وهو نفس الموقف الذي تبناه محامي كبير مسؤولي الشؤون القانونية الذي يعمل لدى نجل قتيبة.

وعلى صعيد القضية، قال قاض بريطاني مؤخراً إن المتهمين في تلك القضية، وهما اثنان من المحققين البريطانيين، قد رتبا لعملية القرصنة. وفي ذلك الحكم الذي صدر في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أضاف بيتر سميث، وهو قاض في محكمة العدل العليا في انكلترا وويلز، إن الأدلة تظهر أن عملية القرصنة قد نُفَّذَت بناءً على توجيهات من قتيبة، ونجله، وكبير مسؤولي الشؤون القانونية، رغم أنهم ليسوا متهمين بالقضية.

وفي القضية المدنية المنظورة أمام القضاء الأميركي، تم اتهام قتيبة ونجله وكبير مسؤولي الشؤون القانونية. وادعت الوثائق التي أودعت في المحكمة الفيدرالية في نيويورك إن الثلاثة وجهوا بتنفيذ عملية القرصنة وانتهكوا القوانين الفيدرالية والحكومية بما في ذلك إساءة استخدام الحواسيب. وقال أحد المحققين الإنكليز أمام المحكمة البريطانية إنه قام باختراق بريد بسام الالكتروني وأنه أقدم على ذلك بناءً على أوامر تلقاها من المحقق الثاني، الذي نفى بدوره تطوره بتلك الواقعة.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي في نيويورك، أبقى القاضي على القضية الأميركية بانتظار حكم من المُحَكِّم الكويتي بشأن النزاع القائم بين الشقيقين. ورغم متانة العلاقات بينهما حتى وقت قريب، إلا أن الخلافات بدأت تدب بينهما قبل بضعة سنوات، وفقاً لما ورد في المذكرات القضائية التي أودعها بسام في المحكمة الأميركية.

ولفتت الصحيفة بعدها إلى أن كبير مسؤولي الشؤون القانونية بالشركة هو شخص يدعى وليد مبارك، وقد رفض الرد على طلب تقدمت به الصحيفة لكي تحصل منه على تعقيب بخصوص مزاعم القرصنة التي قيل إنه متورط بها. ومع تصاعد حدة الخلافات بين الشقيقين، استعان قتيبة ومعاونوه بمحقق خاص يقيم بالقرب من لندن يدعى ستيفن ماكلنتاير، الذي استعان بدوره بمحقق آخر يدعى تيموثي زيمر، الذي طلب منه في منتصف عام 2008 بأن يخترق اثنين من حسابات بسام البريدية على شبكة الإنترنت، وذلك طبقاً لما ورد بشهادة زيمر أمام المحكمة البريطانية. ثم أوضح زيمر أنه اتصل بمنظمة تعرف بـ Invisible Hacking Group ، وقام بعدها بتمرير عناوين بسام البريدية إلى مسؤولي تلك المنظمة، الذين قاموا بعد ذلك بإرسال كلمات المرور الخاصة بحسابات بسام البريدية إلى زيمر. وهي الخدمة التي تحصّل عليها منهم في مقابل مبلغ يقدر بحوالي 400 دولار.