بيان من الإخوان المسلمين بمناسبة إعلان النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب

أخبار مصر


الآن وقد وصل الجميع إلى نهاية مضمار السباق الانتخابي، وأعلنت النتائج النهائية لانتخابات مجلس الشعب، فقد آن للنفوس أن تهدأ، وللاحتقان أن يزول، وأن يعلن الكافة احترامهم لإرادة الشعب، وشكرهم له على المشاركة في هذه الانتخابات الطويلة، وإصرار الناس على الإدلاء بأصواتهم عندما شعروا بقيمتها ونزاهتها، ونحن- الإخوان المسلمين وحزبنا بل تحالفنا- لا يسعنا إلا أن نتقدم إلى شعبنا الحبيب بجزيل الشكر على الثقة الغالية التي منحنا إياها، ونسأل الله أن يعيننا لنكون عند حسن ظنه وفي خدمته، كما نشكر أيضًا الذين أداروا الانتخابات بطريقة محترمة، والذين حموا إجراءها بطريقة آمنة.

كما نثمِّن بشدة الطريقة الحضارية الراقية التي يتم بها توزيع المهام لرئاسة البرلمان واللجان الفنية ومسئوليات الوكلاء وأمناء السر بطريقة توافقية عادلة، تعطي كل ذي حق حقه، بعيدًا عن الاستحواذ والإقصاء الذي كان متبعًا من قبل، ونرجو أن يكون هذا مطمئنًا للمتخوفين، ومزيلاً لما في بعض النفوس من آثار التنافس الانتخابي، ومعبرًا عن حقيقة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة.

إن ما حدث إنما هو تحول ضخم في مسيرة الثورة؛ إذ إنه بعد يوم واحد ستكون السلطة التشريعية قد انتقلت بكاملها من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى مجلس الشعب الذي انتخبه ما يقرب من 30 مليونًا من المصريين، وهذا المجلس هو أول مؤسسة يتم تكوينها بطريقة ديمقراطية بعد الثورة، فعلى المتعجلين أن يقدروا هذا الحدث حق قدره، وأن يحموا استكمال المسيرة الديمقراطية مع الشعب كله الذي يتطلع إلى اليوم الذي يسترد فيه كامل سيادته وحريته وإرادته بنقل السلطة التنفيذية إلى السلطة المدنية المنتخبة ووضع الدستور الدائم.

ينبغي أن يتجمع الجميع على أهداف كبيرة تحقق المصلحة العليا للوطن والشعب، وأن يدخل البرلمان من يدخله ليس ممثلاً عن حزبه، ولا عن دائرته فقط؛ بل ممثلاً عن الشعب المصري كله بجميع طوائفه في آماله وتطلعاته وطموحات ثورته، وأن يسعى مع الساعين لتغيير غابة القوانين الفاسدة والظالمة بتشريعات عادلة صالحة، وأن يراقب السلطة التنفيذية حتى تسير على الصراط المستقيم ولا تنحرف يمنة أو يسرة.

على الجميع، برلمانيين ومواطنين، أن يستشعروا أن المهمة شاقة والعبء ثقيل، والإصلاحات المطلوبة كثيرة وعميقة، لا يستطيع فصيل واحد أن يقوم بها، ولا حتى كل الأحزاب والتنظيمات السياسية، ولكن لا بد من تعاضد كل أفراد الشعب مع القوى السياسية لإنقاذ سفينة الوطن ودفعها للإبحار؛ ولذلك لا بد من الشفافية الكاملة ومصارحة الشعب بكل الحقائق حتى يكون على بينة من أمره ويشحذ همته للخروج من هذا النفق، وقد أثبت الشعب المصري قوته وصلابته وثباته وتضحيته في كثير من الملمات، وقدرته على تحقيق آماله وتخطي كل آلامه.

نرجو أن تكون الانتخابات حافزًا للجميع على العمل الدءوب والاتصال الوثيق والخدمة المتفانية للشعب المصري الكريم، كما يجب أن يكون ذلك دافعًا لاحترام الشرعية الدستورية والعمل على حمايتها في ظل الأخلاق الإسلامية والوطنية السامية؛ من إنكار الذات واحترام الآخر والبذل والعطاء ابتغاء وجه الله تعالى ولتحقيق أهداف الثورة.