رفعت فكري سعيد يكتب : المسيح الثائر !!

ركن القراء



لا يختلف القاصي والداني على أن السيد المسيح شخصية فريدة متميزة في كل شئ , ولم لا وهو الكلمة المتجسد , فلقد ولد السيد المسيح من عذراء لم يمسسها بشر دون سائر الناس , كما أنه عاش حياة طاهرة نقية ولم يتلطخ بالأوزار والآثام ,

فكان معصوما ًمن كل خطأ في سيرته وسريرته , وصنع معجزات مبهرات من خلق وشفاء وإبراء للأكمه والأبرص وإقامة الموتى , وبتأمل هادئ في حياة السيد المسيح نجد أنه كان مصلحاً ثورياً حيث أنه وقف ضد كل القوانين البالية التي تنتهك كرامة الإنسان وتصدى لكل الشرائع المتخلفة التي تجعل من الإنسان وسيلة لا هدفاً . وقاوم من حاولوا أن يستغلوا الإنسان باسم الدين وباسم الله , لقد عاش السيد المسيح في عصر ساده التطرف الديني من رجال الدين اليهود ومعلمي الشريعة والناموس,

وهؤلاء القوم كان كل قصدهم وجل غايتهم هو تطبيق الشريعة بغض النظر عن مراعاة حقوق الإنسان ووضعها في الاعتبار, فمثلاً لكي يحافظوا على تطبيق شريعة يوم السبت بعدم العمل كانوا يمنعون أي عمل حتى ولو كان متعلقاً بشفاء مريض فكان السيد المسيح يكسر شريعة السبت ويشفي المرضى وكان يقول للمتزمتين والمتطرفين إن السبت جُعل لأجل الإنسان وليس الإنسان لأجل السبت .

كما إنهم احتقروا الطفل وازدروا بالمرأة إلى الدرجة التي فيها كان يقف الرجل اليهودي يومياً وهو يصلي شاكرا الله أنه خلقه رجلا وليس امرأة . فكانت المرأة مبغضة ومرذولة وكان من حق الرجل أن يطلقها لأتفه الأسباب حتى ولو زاد الملح قليلا في الطعام !! . المتزمتون والمتطرفون أيام المسيح كانوا يريدون تطهير المجتمع دون أن يفكروا في تطهير ذواتهم !! كانوا يبغون إصلاح الغير دون أن يفكروا في الالتفات إلى أنفسهم . كانوا يريدون أن يخرجوا القذى من عين الآخرين بينما الخشبة تسد عيونهم !! ولعل أكبر دليل على فسادهم إنهم ذات يوم أمسكوا امرأة زانية وأتوا بها إلي السيد المسيح دون أن يأتوا بالرجل وقالوا له أن هذه المرأة أمسكت وهي تزني وموسى النبي أوصانا أن مثل هذه ترجم فماذا تقول أنت ؟ وتوقعوا من السيد المسيح أن يقوم برجمها كما تقول الشريعة أو أن يطلق سراحها دون عقاب وفي كلتا الحالتين سيصطادوه في شباكهم فهو إما أنه لم يأت بجديد أو إنه يبيح الفساد والزنى .ولكن السيد المسيح الذي علم مكرهم انحنى إلى الأرض وكتب ثم نظر لكل واحد منهم وهم رجال الدين الأشداء الأقوياء الذين يبغون تطبيق الشريعة وقال لهم قولته الشهيرة الأثيرة من كان منكم بلا خطية فليرمها أولاً بحجر وهنا سقطت الحجارة من أيديهم لأن أيديهم كانت تقطر دماً !! وزاغت نظراتهم لأن عيونهم كانت ممتلئة بالزنى وتركوا أماكنهم لأن الخزي غطى وجوههم فانسحبوا واحداً تلوَ الآخر بدءاً من الشيوخ إلى الآخرين ، فالتفت المسيح إلى المرأة التي كانت محطمة من كل وجه أدبياً واجتماعياً ونفسياً وحرص السيد المسيح ألا يزيدها تحطيماً فقال لها أين هم أولئك المشتكون عليك ؟ أما دانك أحد فأجابت لا قال لها المسيح ولا أنا أدينك اذهبي ولا تخطئي ثانية . لقد استطاع السيد المسيح برحمته بالخطاة أن يصلح مسارهم ويغير حياتهم دون أن يريق دماءهم !!.

لقد أحب السيد المسيح الإنسانية جمعاء وبذل نفسه وحياته لأجلها وفي محبته لم يفرق بين إنسان وآخر لا على أساس دين أو جنس أو مذهب أو لون أو عقيدة, ما أحوج المهتمين بإعطاء الأولوية المطلقة لإقامة الشعائر الدينية أن يدركوا أن علاقة الإنسان بأخيه الإنسان لهي أهم عند الله ولها الأولوية عن ممارسة الشعائر .وما أحوج المنادين بتطبيق الشرائع والمتذرعين بها أن يعلموا أن الشرائع وجدت لمصلحة الإنسان وليس العكس فكرامة الإنسان فوق الشعائر و الشرائع بل وفوق حرفية النصوص!!!