نادية صالح تكتب :الرحيل

مقالات الرأي


هذا العام 2011 له شأن خاص ووداعه له شأن خاص أيضاً وبطعم «الرحيل».. ويا عزيزى 2011 ماذا عنك؟ وعن أيامك؟ وأحداثك؟ وزخم قضاياك ومشاكلك؟ وقد حاولت أن أقسمك إلى أربعة «4»- كما علمونا- لأرى ما إذا كنت «كبيسًا» أم لا وجدت أنك سنة غير كبيسة.. وعندما تأكدت من ذلك قلت فى نفسي: أمّال لو كانت كبيسة كان حصل إيه؟ ولا تتضايقى منى يا سنة 2011 العظيمة، ولكن اسأليني: لماذا كل هذا؟!

والآن جاء دورى لأجيبك يا سنة 2011 ولماذا اشتبهت فى أنك سنة كبيسة حتى أجابتنى الأرقام، ولماذا بدأت كلامى معك تحت عنوان «الرحيل»؟! واسمحيلى أن أقول:

(1): إن كان «الرحيل» وكلمة «ارحل» هى هتافك المدوى على مدى أيامك وفى ميادين مصر كلها تقريباً، حتى «رحل» فعلاً نظام استبد بالحكم ثلاثين عاماً وكان فى نيته المزيد توريثاً بالمخالفة للنظام الجمهوري، لكن ما أن رحل النظام حتى أصبح «الرحيل» نداء فى فم دنيانا البائسة التى ذاقت الأمرين حتى فقدت الكلمة معناها وباتت أو على الأصح أوشكت أن تكون باباً للفوضي، وعدم الاحترام، وهناك مثل شعبى قاله أجدادنا يقول: «الشيء اللى يزيد عن حده ينقلب لضده»، ولذلك انتبهنا ونحن نودعك يا عام 2011 أن عنوانك الأهم الذى كان «ارحل» لابد أن ينتظم وأن يعود إلى معناه الطبيعى ومغزاه الهادف ومكانه الطبيعى حتى لا يكون مضغة فى فم الفوضي.

(2) لم يكن الرحيل فى هذه السنة سياسياً فقط بل كان زخماً أدبياً وعلمياً أوجع قلوبنا وغيّب عنا بالموت نجم نجوم الصحافة والكتابة والأدب والفلسفة «أنيس منصور» ومن قبله الروائى الكبير والعتيد «خيرى شلبي» وبعده جاء غياب فيلسوف الصحافة والفكر الاسلامى المستنير «أحمد بهجت» وقبله رائدة الإعلام العربى «د. جيهان رشتي» ومن بعدهم كان رحيل شيخ علماء المصريين «د. محمود حافظ»، وكلهم تقلدوا أرفع المناصب فى مواقعهم، وكان رحيلهم خلال أيامك أيها العام 1102.

(3) لم يقتصر «الرحيل» على رمز الاستبداد وكبار الأعلام بل امتد «الرحيل» إلى المبانى والمنشآت أيضاً، فقد كان «رحيل» مبنى المجمع العلمى على يد الأيدى العابثة الغاشمة والجاهلة ففقدنا بعضاً من أعز ما نملك وما نحفظه ويحفظ حقنا فى التاريخ والحضارة أمام العالم كله، وأخيراً وليس آخراً.. وإذا كان «الرحيل» قد صار عنواناً لهذا العام 2011 من كثرة ما أصابنا وما أتت به أيامه إلينا، أرجو أن يكون ذلك معاوناً لنا لنهتف من جديد «ارحل» لكل هذا وهؤلاء:

- «ارحل» أيها الشك وعدم الثقة الذى بات يملأ النفوس ويجعلها تتشكك فى كل الأشياء والأشخاص أيضاً.

- «ارحل» أيها التسرع وعدم الصبر الذى بات سمة جديدة من سماتنا وربما من طول المعاناة، لكن - صبراً- وتذكروا من جديد ما يقوله الأجداد «صبرنا كتير مافضلش إلا القليل».

- «ارحل» أيها التشرذم والرغبة فى إقصاء الآخر بأنانية باتت ظاهرة وكان الأولى بنا أن يكون التكاتف الذى جعلنا ننجح فى «رحيل أو ترحيل» الطغيان.. أقول كان الأجدى أن يكون التكاتف طريقنا لتتابع النجاح فى كل أو فى باقى الأهداف.

- «ارحل» أيها «التعتيم» أى أن نعمم صفة معينة ونصف بها «عامة» جماعة معينة نتحدث عنها مثلما نقول إن «الصحافة والإعلام الاثنان ولاد حرام».. وهذا غير معقول.. لأن الصحافة والإعلام لابد أن يكون لهما كل الاحترام.. رغم أن هناك بعضاً منها قد لا يتمتع بذلك الاحترام.. والتعميم - هنا- خطأ لا ينبغى الوقوع فيه ولابد أن نتحرى الدقة فى كلامنا وأحكامنا.

وأخيراً.. «ارحل» أيها العام 1102.. سنة غير كبيسة.. ولكنها سنة طويلة طويلة.. عظيمة عظيمة.. وطنية وطنية.. وإلى أن نلتقى بك عام 2012 ندعو الله أن تأتينا باسم وعنوان «السلام».. والسلام عليك وعلينا