نصيحة علماء النفس والأعصاب لأولياء الأمور ارحموا أطفالكم من جنون التفوق

الفجر الطبي


كثير من أولياء الأمور يريدون أن يصبح أطفالهم عباقرة منذ الصغر، ولا يقتصر الأمر على حرصهم على حصول الأبناء والبنات على الدرجات النهائية في المواد الدراسية، بل يصرون على أن يمتد التفوق إلى الألعاب الرياضية، والعزف على الآلات الموسيقية، بحيث أصبح الجدول اليومي للطفل، لا يختلف كثيرًا عن برنامج رجل الأعمال، فيستمر 14 ساعة أو أكثر يوميًا.

يحذر رالف دافيرز عالم أبحاث المخ في جامعة إرلانجن الألمانية من أن هذه الضغوط على الطفل، قد تتسبب في إلحاق أضرار كبيرة به، ويرى أن بعض الأهل قد وصلوا بالفعل إلى «مرحلة الهستريا الكاملة»، فهم يتصورون أن طفلهم إذا لم يتقن السباحة في عمر ثلاثة أشهر، والإنجليزية وعمره ثلاث سنوات، فإنه سيصبح إنسانًا فاشلاً في الكبر.

أما ميشائيل فينترهوف، عالم طب نفس الأطفال بجامعة بون، فيرى أن بعض الأهل يفهمون معنى التربية بشكل خاطئ، وبدلا من أن يعتمدوا على إحساسهم الداخلي، وفطرة الأمومة والأبوة، أصبحوا في توتر مستمر، وينقلون هذا التوتر لأطفالهم، واعتبر أن سلوكهم وصل إلى (وضع الكارثة).

أما البروفيسور هارلاد بودي، المتخصص في طب الأطفال والشباب، فإنه رأى أن المشكلة تكمن في سعي الأهل لأن يصل أطفالهم إلى أهداف عالية في خلال فترات زمنية قصيرة، ويستخدمون في سبيل ذلك الهدف كل الوسائل المتاحة. ونبه بودي إلى أنه لا يوجد طفل نابغ في كل فروع العلم وفي كل الأنشطة، ومن الطبيعي أن يحتاج الطفل إلى فترة أطول من زملائه في مادة معينة، وإذا لم يتفهم الأهل ذلك، فإن ذلك يؤدي إلى مشكلات للطفل.

ومع تفهم علماء النفس إلى ارتفاع سقف التوقعات من الأبناء في الوقت الراهن، واعتقاد الأهل أن واجبهم هو تهيئة الطفل بأكبر قدر من المعارف والأنشطة واللغات الأجنبية، للوفاء بالمتطلبات العالية لأصحاب العمل مستقبلا، فإن حشر مخ الطفل بأكبر قدر من المعلومات، وإجباره على إتقان العديد من الألعاب الرياضية، ليس هو الطريق الصحيح.

وينصح هؤلاء العلماء بأن يقوم الأهل بتعريف الطفل بمختلف أنواع الأنشطة والمعارف، حتى يتبين لهم ما يميل إليه، ثم يتركون له القرار في الاستمرار في التدريب الرياضي أو تعلم اللغات الأجنبية أو الإلمام بالمزيد عن أحد التخصصات العلمية، ويحترمون اختياره، ويدعمونه فيما يرغب، مع التأكيد على أن التعليم المدرسي مهم للغاية، لكنه ليس كل الحياة، أي أن الطفل لا يفيده بكثير أن يكون نابغة في العلم، لكنه فاشل في التعامل مع الآخرين، بل لابد من الحفاظ على التوازن بين المدرسة وبين الحياة الاجتماعية خارج المدرسة، من صداقات وهوايات وحسن المعاملة مع الكبير والصغير.