السلطة الخليفية تتخندق وراء الطائفية لإخفاء إخفاقاتها في الإصلاح السياسي
ليست هذه هي المرة الأولى التي تتخندق فيها السلطة الخليفية الأموية وراء الطائفية وسيناريو الخطر الطائفي والمذهبي لمحاربة من يطالبون بالإصلاح السياسي ، فمنذ أكثر من ستين عاما من بدء الحركة الوطنية والحركة الدستورية المطالبة بالمشاركة السياسية والإصلاح السياسي ، وآل خليفة يتذرعون بالفتنة الطائفية ويدعون بأن الطائفية هي الخطر الأكبر ويحذرون من الشرخ الطائفي.
ومنذ أن فجرنا ثورة 14 فبراير وأتهم شبابنا وشعبنا بأنهم مثيري الفتنة الطائفية والمذهبية ، وكأن الذين يطالبون بالحقوق السياسية والثائرين على الظلم والإستبداد والديكتاتورية في البحرين قدرهم أن يتهموا بأنهم طائفيين ، لا لشيء إلا لأن السلطة الخليفية سلطة جاءت الى البحرين عبر قرصنة بحرية قبل أكثر من قرنين من الزمن ، وتربطها علاقات أسرية مع الأسرة السعودية ، وأصل هاتين العائلتين من نجد التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: نجد منبع الفتن ، كما أن الكثير من كتب التاريخ تذكر بأن آل سعود وآل خليفة أصلهم من اليهود ، وأصل بني أمية كذلك من اليهود ، ولذلك فكما قامت الدولة الأموية القبلية والعشائرية بالعداء لأهل بيت النبوة والرسالة منذ اليوم الأول لقيام الرسالة المحمدية ، وقد قرأنا في التاريخ كيف أن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كان يسب على منابر الجمعة والصلوات من قبل الحكم الأموي لأكثر من ثمانين عاما ، وكيف قتل الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء على يد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في معركة ذكرها التاريخ ، وإلى يومنا هذا فإن آل سعود وآل خليفة وأتباعهم الوهابيين التكفيريين وحلفائهم الظلاميين يذكرون معاوية بن أبي سفيان وإبنه يزيد بن معاوية بأمير المؤمنين ، وكل العالم الإسلامي يعرف من هو معاوية بن أبي سفيان ومن هو يزيد بن معاوية وما هي مساوىء الحكم الأموي السفياني والمرواني في التاريخ.
إن السلطة الخليفية قد أخفقت في إجهاض الثورة الشعبية الجماهيرية في البحرين ، وكل محاولاتها في شهر فبراير ومارس 2011م الماضيين ، وما بعدهما ودخول قوات الإحتلال السعودي إلى البحرين لم يثني عزم الشعب البحراني من الإستمرار في الثورة والقضاء على الفتنة الطائفية التي أثارتها السلطة وعملائها من شيوخ الوهابية والبلطجية والميليشيات المسلحة.
إن تحذير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء وولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة من الطائفية أو التفرقة المذهبية في الفترة المقبلة ، ما هي إلا ذرائع تتذرع بها السلطة وبإيعاز من البيت الأبيض والصهيونية العالمية والعرش السعودي لمواجهة الإخفاقات المتكررة التي أصابت السلطة الخليفية وعدم قدرتها على مصادرة الثورة والإجهاز عليها.
السلطة الخليفية وبالتعاون مع البريطانيين والأمريكان والعرش السعودي عملوا وبكل ما يمتلكون من قوة وخبث وسياسية شيطانية خلال الفترة الماضية لتأجيل تقرير لجنة بسيوني من أجل إيجاد حل سياسي يخرج الطاغية حمد وسلطته من عنق الزجاجة ، لأنه عجز خلال العشرة أشهر الماضية من إيجاد حل مشرف للأزمة السياسية التي عصفت بالبلاد ، وكل الحلول التي طرحها قوبلت برفض شعبي وجماهيري ورفضت من قبل شباب الثورة وقوى المعارضة في تيار الممانعة المطالبين بإسقاط النظام وإصلاحات سياسية جذرية.
لقد إرتكب الطاغية حمد ورموز حكمه ومرتزقته جرائم حرب ومجازر إبادة جماعية وإنتهاكات صارخة لحقوق الإنسان والمقدسات وهتك الأعراض والحرمات والقتل وسفك الدماء ، مما أدى إلى إصرار وصمود الشعب البحراني من أجل إسقاطه عن أريكة الحكم والعرش تمهيدا لمحاكمته كمجرم حرب في محاكم داخلية أو في محاكم جنائية دولية والدعاوى ضده ورموز حكمه مفتوحة في محكمة العدل الدولية في لاهاي بإنتظار أن ترفع الولايات المتحدة الأمريكية الحصانة عنه ليمثل أمام العدالة والقصاص العادل.
لذلك فإن الأمريكان ووفقا لما تناقلته الأخبار بأنهم يريدون في عام 2012م بأن يأججوا الفتنة الطائفية والمذهبية في العالم الإسلامي لأنهم أخفقوا في البقاء في أفغانستان والباكستان والعراق ، وأخفقوا في لبنان ، وإن سلاحهم الوحيد مع حلفائهم من الحكومات القبلية في السعودية والبحرين وقطر والإمارات هو تأجيج الحروب والفتن الطائفية والمذهبية.
وفي البحرين فإن السلطة التي كانت تعول على تقرير بسيوني لكي يفلت الطاغية وأزلامه من العقاب والمحاكمة ، وأن ينفذوا مؤامرة الإصلاح المعروفة بمؤامرة البسيوأمريكية من أجل إصلاحات سياسية سطحية ومبتورة بالتوافق مع الجمعيات السياسية وفي طليعتهم جمعية الوفاق الوطني الإسلامية ، قد واجه هذا المشروع بالفشل حيث أفشلته إرادة شباب الثورة والجماهير التي أصبحت واعية وتتحلى بأعلى درجات الوعي السياسي لما إستفادته من تجربة ميثاق العمل الوطني وتحول البلاد إلى مملكة شمولية مطلقة.
إن التصريحات التي أدلى بها قارون البحرين خليفة بن سلمان وولي العهد سلمان بن حمد آل خليفة بأن البلاد دخلت مرحلة جديدة بعد تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وحوار التوافق الوطني من أجل الدفع بمسيرة العمل الوطني والإصلاح الذي يرتضيه الجميع ، وأن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الإصلاح السياسي والإقتصادي والحقوقي وفق هذه المعطيات والتناغم مع إستحقاقات هذه المرحلة التي حظيت بإستحسان العالم وتقديره ، وأن البحرين بلجنة تقصي الحقائق قدمت للعالم صورة مشرفة عن جديتها في الإصلاح وصدق توجهها نحو التطوير ، مؤكدة بأن الإصلاح بدأ فيها ليستمر ولا رجعة فيه ، إن كل هذه التصريحات يعتبرها شعبنا وشباب الثورة تصريحات جائفة وهزيلة ولا قيمة لها ، لأن البحرين وبعد الإعلان عن تقرير بسيوني وحضور وفد لحقوق الإنسان تابع للأمم المتحدة ، لا تزال تشهد تصعيدا أمنيا وعسكريا في كل مناطق ومدن البحرين وسقوط العديد من الشهداء والمئات من الجرحى ، ولا زال المفصولين عن العمل في القطاع العام والخاص يعتصمون أمام وزارة العمل من أجل إرجاعهم لوظائفهم ، ولا زالت السلطة تتثبت بالخيار الأمني والعسكري للقضاء على الثورة ، وتقوم بالإيعاز إلى بلطجيتها وميليشياتها المسلحة المدعومة من قبل قوات الأمن والمرتزقة للهجوم على المدن والقرى والمناطق وإرعاب الأهالي ، ولا زالت تستخدم القوة المفرطة ضد المتظاهرين المطالبين بحقوقهم السياسية.
إن أنصار ثورة 14 فبراير يعلنون بأن من يثير الفتنة الطائفية والمذهبية هي السلطة الخليفية في البحرين ، وإن ثورة 14 فبراير قد أفشلت كل الخطط والمؤامرات التي قامت بها السلطة من أجل حرف أنظار المجتمع الدولي والشعوب العربية والجيران ، حيث إدعت بأن الثورة في البحرين ثورة طائفية ومذهبية وأن لها أجندة أجنبية ومدعومة من حزب الله وإيران ، وقد أفشلنا كل الفتن التي أرادت السلطة أن توقعنا في حرب أهلية بين الشيعة والسنة ، وهتفنا بشعارات في ميدان اللؤلؤة (ميدان الشهداء) : إخوان سنة وشيعة .. هذا الوطن ما نبيعه ، وشعارت ثورية أخرى وقد قمنا بعمل سلسلة بشرية من مسجد جامع الفاتح إلى ميدان اللؤلؤة ، ومسيرات وإعتصامات كثيرة أثبتنا فيها بأننا مع الوحدة الوطنية ومع تلاحم الشيعة والسنة من أجل الحصول على الحقوق السياسية. وقد سعت السلطة الجائرة أن تجرنا إلى أتون حرب طائفية مذهبية بمختلف الذرائع إلا أن شعبنا كان أوعى من كل هذه المخططات وأستوعب كل هذه المؤامرات بصبر وحكمة أفشلت كل المؤامرات الخليفية وأغاضت الأسرة الخليفية التي كانت تعول على السلاح الطائفي والمذهبي لمصادرة الثورة وقمعها ومحاصرتها وأجهاضها.
إن السلطة الخليفية في البحرين تسعى مع حلفائها من القبائل وبدعم سعودي أمريكي بريطاني أن تستأثر بالحكم والسلطة والثروة وأن تبقى في الحكم لتتسلط على مقدرات البلاد وثرواتها وخيراتها وتجعل من شعب البحرين عبيدا وسخرة لها ، وإن سياسة التجنيس السياسي ومؤامرة ما أطلق عليها بتقرير صلاح البندر أثبتت بأن السلطة هي التي تلعب بالنفس الطائفي والمذهبي بتجنيس الآلاف من السنة اليمنيين والباكستانيين والأردنيين والسعوديين والبعثيين الصداميين من أجل مقاصد سياسية وأمنية وعسكرية بحتة ، حيث سعت ومنذ أكثر من ثمان سنوات على تغيير الخارطة الديموغرافية وجعل الشيعة وهم الغالبية السكانية إلى أقلية.
إن آل خليفة هم أساس الفتنة الطائفية والمذهبية وأن سلطتهم هي سلطة طائفية تمارس سياسة التمييز العنصري والطائفي ضد الغالبية من أبناء الطائفة الشيعية ، حيث توظف أبناء الطائفة السنية في الجيش والداخلية والحرس الوطني والوزارات السيادية وغيرها ، بينما تحرم أبناء الطائفة الشيعية من حق التوظيف في هذه الوزارات وحتى الدوائر الرسمية والقطاع الخاص. وقد زاد من خبث السلطة بعد تجنيسها للمرتزقة الأجانب الذين زاحموا أبناء الطائفة الشيعية والسنية الشرفاء في أعمالهم ووظائفهم وخدماتهم الصحية وغيرها.
يا جماهير شعبنا المؤمن الأبي والواعي
يا شباب الثورة الأشاوس والأبطال
إن إطلاق تصريحات رموز السلطة الخليفية تصريحات حول خطر الفتنة الطائفية ، وطرح فكرة الإتحاد الخليجي وانتقال الدول الخليجية من مرحلة التعاون إلى مرحلة الإتحاد ، والتصريحات الطائفية البغيضة لعلماء السلاطين والبلاط التي أطلقها الشيخ يوسف القرضاوي عن خطورة الطائفية على المجتمعات الإسلامية والعربية وإنتقاده لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأنه يريد إتباع العراق لإيران ، وأن العراق ليس إيران ويجب أن تكون له شخصيته المستقلة ، وإن أساس الخلاف الحالي بين المالكي وطارق الهاشمي هو بسبب رفض الأخير لمشروع المالكي القائم على التبعية لطهران وتبديد أموال العراق لإنقاذ نظام سوريا؟؟!!
إن كل هذه التصريحات جاءت بعد فشل الولايات المتحدة بالبقاء العسكري في العراق ، فهي قد إستعاضت عن وجودها العسكري بالوجود السياسي والمخابراتي ، وقد بدأت بالإيعاز إلى السعودية بطرح الإتحاد الخليجي لمواجهة الدور الكبير الذي سوف يلعبه العراق بعد خروج قوات الإحتلال الأمريكي ، ولذلك فإن أمريكا وبريطانيا والصهيونية العالمية بالتعاون مع آل سعود وآل خليفة وحكام قطر والإمارات يسعون لتحجيم الدور العراقي ، وللوقوف أمام الصحوة الإسلامية المتنامية في المنطقة وخصوصا الثورة الجماهيرية في البحرين بأن يضربوا على الوتر الطائفي والمذهبي ، فالسعودية وعملائها في العراق من بقايا النظام الصدامي البائد قد شعروا بالخطر بعد خروج الإحتلال ، وإن السلطة الخليفية في البحرين تخشى أن تتكرر التجربة الديمقراطية العراقية بقيام نظام سياسي تعددي يجمع الشيعة والسنة والأكراد ، بأن يتكرر في البحرين بسقوط الطاغية حمد والأسرة الخليفية وقيام نظام سياسي تعددي ديمقراطي يحل الأزمة السياسية في البلاد.
لقد كان العراق يحكم ولأكثر من ثمانين عاما في ظل حكومات طائفية سياسية ، وقد كان أوج الطائفية السياسية في زمن حكم حزب البعث الصدامي وفي فترة حكم الديكتاتور صدام حسين ، الذي كان صديقا حميما لحكم الأسرة الخليفية وشخص رئيس الوزراء ، وإن إستخدام أكثر من ثمانين ألف مرتزق من فدائيي صدام ومخابراته والحرس الجمهوري في الحرس الوطني والأمن العام والمخابرات وفرق التعذيب والتحقيق مع المعارضين السياسيين وسجناء الرأي البحرينيين يأتي لعلاقات السلطة الخليفية الحميم بالنظام الصدامي البائد.
إن أنصار ثورة 14 فبراير في البحرين ينددون بتصريحات رئيس الوزراء وولي العهد ، وأيضا بالتصريحات الجوفاء للشيخ القرضاوي فيما يتعلق بالفتنة الطائفية والمذهبية في البحرين والعراق ، وإن توقيت هذه التصريحات جاء بعد الإنسحاب الأمريكي الذليل من العراق ، والتخوف الكبير من السعودية والدول الخليجية من الدور الإقليمي والدولي الذي سيلعبه العراق مستقبلا في قضايا المنطقة ، ولذلك فإنهم طرحوا فكرة الإتحاد الخليجي في مواجهة إتحاد القوى التقدمية المتمثلة في إيران والعراق وسوريا ومعهم المقاومة الإسلامية وحزب الله وجماهير الصحوة الإسلامية في تونس ومصر واليمن وسائر البلاد الإسلامية.
إن التخويف من خطر الفتنة المذهبية والطائفية من قبل السعودية وعلماء السوء وعلماء السلاطين ورموز السلطة الخليفية ، يأتي في الوقت الذي يحقق شعبنا الإنتصارات تلو الإنتصارات على السلطة الخليفية ويفشل المخطط الأمريكي البريطاني الصهيوني في البحرين والذي يرمي إلى إبقاء الوضع السياسي إلى ما قبل الرابع عشر من فبراير وفرض مشروع الإصلاح بالقوة والإرهاب والإرعاب والقتل والمجازر ، وهذا ما رفضته الجمعيات السياسية المعارضة وما أفشله شباب الثورة الأشاوس مع جماهير الثورة البطلة.
وأخيرا فإننا نتطلع إلى الدور العراقي الهام في المعادلة الإقليمية والدولية ، كما أننا نرى بأن سوريا قد تعدت مرحلة الخطر ، وإن الدور الإيراني في التصدي للمؤامرة الأمريكية الإسرائيلية الصهيونية والغربية قد نجح وسوف يحقق نجاحات سياسية أكثر ، وإن على الشعوب العربية والإسلامية أن تواصل نضالها وجهادها من أجل القضاء على الأنظمة القبلية والإستبدادية في العالم العربي ،وأملنا في مصر بأن تنتصر الإرادة الجماهيرية على مؤامرات بقايا وفلول حكم فرعون مصر المخلوع حسني مبارك ، وأن ينتصر شعبنا العظيم والصابر في اليمن على السفاح علي عبد الله صالح وجلاوزته وفلول حكمه وبقاياه حتى تتحقق إرادة الله بنصر المستضعفين على المستكبرين وأن نرى الصحوة الإسلامية في العالم العربي والإسلامي تمتد لكي تكون صحوة عالمية تقضي على الإستكبار العالمي والصهيونية العالمية والماسونية الدولية لكي يتحقق السلام العادل والحرية والعدالة التي بشر بها الله سبحانه وتعالى عباده الصالحين حينما قال في محكم كتابه:
(( ونريد أن نمن على الذين أستضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين))
والوعد الإلهي بتحقق حكومة المستضعفين وإنهاء حكم المستكبرين هو بخروج وظهور المنقذ الحقيقي بإرادة الله ومشيئته ، فبخروج قائم آل محمد الإمام المهدي الحجة المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف) الذي سوف يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.