الجارديان : المصريون يتحدون مخاوفهم ويسجلون رقم قياسي في التصويت

أخبار مصر


تناولت صحيفة الجارديان الانتخابات البرلمانية فى مصر وخاصة الاقبال الشديد من قبل الناس فى موضوع بعنوان المصريون يتحدون مخاوفهم ويسجلون رقم قياسي في التصويت وذكرت فيه :

في مشهد مثير خرج المصريون للتصويت في الانتخابات البرلمانية، ليسجلوا رقما قياسيا في الإقبال على التصويت، متحدين المخاوف الكبيرة التي أثيرت مؤخرا حول العنف والفوضى التي قد تؤثر على الانتخابات، وكذلك المخاوف من أن البلاد لم تتحرر بعد من رواسب ثلاثة عقود من الديكتاتورية.

ونظرا لتزايد الإقبال على التصويت، فقد ظلت مراكز الاقتراع مفتوحة لما بعد الوقت المحدد لها، وذلك للسماح للطوابير الطويلة من المواطنين، التي وقفت أمام مراكز الاقتراع للادلاء بأصواتها، وقد جاء توافد المواطنين بكثافة بعد 10 أيام من تجدد الاحتجاجات في القاهرة، والتي كانت قد ألقت بظلالها على الانتخابات وهددت العملية.

وكان المجلس العسكري الحاكم واللجنة العليا للانتخابات- التي تراقب سير العملية الانتخابية- قد أكدا عدم وقوع أية إحداث عنف أو مشكلات أمنية، خلال الانتخابات التاريخية التي شهدتها مصر، وحيث تعد تلك أول انتخابات برلمانية حرة يشهدها المصريون منذ أكثر من 80 عاما.

لكن من ناحية كان بعض المرشحين قد ادعوا حدوث بعض المخالفات خارج العديد من لجان الاقتراع، والتي يرون أنها ستؤدي إلى زيادة الأصوات التي سيحصل عليها حزب الإخوان المسلمون، وهي الكتلة التي من المتوقع أن تحقق أفضل النتائج في الجولة الأولى من الانتخابات الحالية، والتي ستجري على ثلاثة مراحل.

وكان ميدان التحرير –الذي شهد تجدد الاضطرابات مؤخرا- قد بدا خاليا من المحتجين، وفي المقابل كان هناك طوابير طويلة من المواطنين تقف أمام المدارس والمكاتب الحكومية الأخرى في جميع أنحاء العاصمة للإدلاء بأصواتهم.

وكان العديد من المتظاهرين الذين تجمعوا في ميدان التحرير، لمطالبة المجلس العسكري بالتسليم الفوري للسلطة ورحيل المجلس العسكري – الذي يدير البلاد بعد تجريد الرئيس السابق حسني مبارك من صلاحياته في فبراير الماضي، قد طالبوا المواطنين بمقاطعة الانتخابات، بدعوى أن هذه الانتخابات فاشلة.

ومع ذلك، فإن دعوات المقاطعة لم تلق قبولا كبيرا حتى في الأماكن القريبة من التحرير، والتي يبدو أن الكثيرين لم يقتنعوا بطلب المقاطعة، ومن هؤلاء هالة بطرس والتي كانت تقف في طابور طويل يضم على الأقل أكثر من 3 ألاف سيدة أخرى أمام إحدى اللجان في منطقة الزمالك، والتي قالت لقد حضرت إلى التصويت في الإنتخابات، لأنها فرصة كبيرة لا يجب أن نضيعها ، واضافت من الممكن أن يستغرق التصويت أربع ساعات أو تزيد، لكننا سوف ننتظر هنا حتى يتحرك الطابور .

وكان الطابور يتحرك ببطء ول هكذا طوال اليوم الذي التزم الجميع فيه بحسن السلوك والصبر في منطقة توقع الكثيرين أن المواطنين فيها سيظلون في منازلهم ولن ينزلوا للتصويت، وذلك بسبب المخاوف من أن النظام السياسي مازال غير ناضج بعد، ولم يدعم التحول الديمقراطي في البلاد خلال الأشهر التسعة المضطربة الماضية، منذ أن تم إقصاء مبارك عن السلطة.

لكن الكثير من المصريين عبروا عن سعادتهم بما يجري حاليا، وخاصة السيدات حيث أعربت منى الطاوي، والتي كانت تقف في طابور طويل للسيدات أمام إحدى لجان الزمالك أيضا، عن سعادتها وقالت طوال 30 عاما كان جيل والداي محروم من التصويت، لذلك فقد أحببت أن أنزل اليوم للتصويت، بالنيابة عن عائلتي، لأننا إذا لم نصوت فسوف نخسر.

وفي الجهة الأخرى من النيل ، وتحديدا في منطقة بولاق أبو العلا، وفي أحد الشوارع المملوءة بمياه الأمطار والطين، وقف العديد من المواطنين من مؤيدي المرشحين يستقبلون المواطنين الذين توافدوا على إحدى المدارس بالمنطقة، والتي تم استخدامها كمركز اقتراع، متحدين الحظر المفروض على الدعاية الانتخابية خارج المراكز، لكن هذا لم يمنع المواطنين من اختيار من يريدون ، وهو ما أكده أحد المواطنين الذي أدلى بصوته وقال إن ما يحدث بالخارج لن يؤثر على صوتي، حيث يمكنني أن أمنح صوتي لمن أريد، ولدى قناعة كبيرة بأن هذه الانتخابات سوف تكون نزيهه.

وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد عقدت مؤتمر صحفي، اوضحت فيه أن الخروقات التي حدثت لم تكن مزعجة، فاستمرار الدعاية وتوزيع المنشورات على الرغم من منع هذه الأعمال قبل 48 ساعة من التصويت لم يكن مقلقا، لكنها تلقت العديد من الشكاوي حول هذه الخروقات، والتي ارتكبتها جميع الأحزاب.

وأكد شهود للجارديان وجود بعض الأخطاء ، منها توزيع منشورات مؤيدة لمرشحين داخل مركز اقتراع بمنطقة جسر السويس، وكذلك استخدام حزب مندوبين لمساعدة المنتحبين على فهم كيفية الإدلاء بأصواتهم واختيار المرشحين.

وهو ما أكده المرشح عمرو حمزاوي مؤسس حزب مصر الحرية الليبرالي، والذي أبدى إعجابه الشديد بإقبال المواطنين على التصويت، والطوابير الطويلة الممتدة أمام مراكز الاقتراع في جسر السويس، لكنه اشتكى بدوره من حدوث خروقات.

وقال حمزاوي إن جماعة الإخوان المسلمين هي المسئولة عن عمليات الإنتهاك الكثيرة لقواعد العملية الانتخابية، التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات ، وأضاف المرشح في الانتخابات المصرية لقد قمنا برصد هذه الإنتهاكات وتقديمها للسلطات، لكني أشعر اليوم بالثقة وأنا متفاءل جدا بما يجري اليوم.

أما دينا مجدي، 26 عاما، طبيبة أسنان ومقيمة في منطقة جسر السويس، فقد قالت إن مراكز الاقتراع هي امتداد لميدان التحرير وليست معارضة له، ومن أجل هذه الانتخابات شاركت في ثورة 25 يناير، لذلك فقد كنت حريصة على المشاركة في التصويت ، وأضافت الطبيبة التي كانت تقف في صف طويل في الشارع إن إجراء العملية الانتخابية في ظل وجود المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم، ليست مشكلة على الإطلاق، فجنرالات الجيش هم أفضل ما يمكننا الحصول عليهم في الوقت الحالي.

وشاركتها السعادة بالعملية الانتخابية سلوى مهنا والتي أعربت عن سعادتها وإعجابها بما يجري، وقالت لم أفعل شيء مثل هذا في حياتي من قبل، بالطبع الأمور ليست مثالية تماما، لكنها بلا شك خطوة جيدة للأمام لبلادنا طالما حلمنا بها جميعا، فالانتخابات المصرية لحظة تاريخية للمصريين وللمنطقة بأسرها.

وأضافت لقد أعطيت صوتي للمرشح الليبرالي عمرو حمزاوي فهو شاب، ونحن بحاجة للأجيال الجديدة من السياسيين، ليجدوا حلولا لمشكلات مصر، فنحن يجب أن نقاوم تهديدات السلفيين والإخوان المسلمين.

ومن المتوقع على نطاق واسع أن يبرز الإخوان المسلمين من خلال الانتخابات باعتبارها القوة الأكبر في مرحلة ما بعد مبارك، وهو ما يقلق بصورة كبيرة التيارات الليبرالية ومؤيدي النظام العسكري، والذين يشعرون بالخوف من أنها ستفرض على المجتمع المصري خط إسلامي.

وقد جاءت هذه الانتخابات بناءا على الاستفتاء الذي أجري في مارس الماضي،

والذي أيد سلسلة من التعديلات الدستورية وأيد المجلس العسكري الانتقالي، بالإضافة إلى قيادة المجلس العسكري للمرحلة الانتقالية والجدول الزمني لإجراء الانتخابات والتي كانت قد تحددت في سبتمبر.

لكن مع إعلان المجلس عن تأجيل الانتخابات، تصاعدت حدة المخاوف لدى الكثيرين من أن المجلس العسكري يحاول البقاء في السلطة، وعدم تسليم السلطة، وهو ما دفع المحتجين إلى العودة إلى ميدان التحرير مرة أخرى، خوفا من عدم إجراء الانتخابات.

ومن المتوقع ظهور النتائج المبدئية نهاية الأسبوع الحالي، وسوف تستمر العملية الانتخابية وستقام مرحلتين ثانيتين في محافظات عديدة بمصر، وستنتهي المرحلة الأخيرة في 3 يناير القادم، ومن المتوقع بعد انتهاء الإنتخابات الإعلان عن فوز 498 عضو سيدخلون البرلمان القادم، وستكون مهمتهم الأساسية وضع الدستور الجديد لمصر، والذي من المتوقع أن يكون خطة المستقبل لمصر والتي يجري التنازع عليها.

حيث تشعر التيارات الليبرالية في مصر بالخوف من أن جماعة الإخوان المسلمين سوف تستخدم إمكاناتها السياسية في البرلمان من أجل الابتعاد بالبلاد عن طريق الديمقراطية الليبرالية، إلى مجتمع تحكمه قوانين الشريعة الإسلامية فقط.

وقد حاول الإخوان المسلمين تهدئة هذه المخاوف، وقال أحد أعضاء الجماعة وخارج إحدى مراكز الاقتراع في منطقة بولاق أو العلا لا يجب لأحد أن يخاف منا.