فتاة صعيدية تقاضى المشير لوقف مهزلة كشوف العذرية

أخبار مصر


تعرضت لأبشع أنوع الانتهاك وقررت مواصلة المعركة والنطق فى قضيتها فى 29 نوفمبر

فتاة صعيدية تقاضى المشير لوقف مهزلة كشوف العذرية

والدها تعرض للمحاكمات العسكرية فى عصر المخلوع وابنته تعرضت لها فى عهد المشير

أسرتها ساندتها فى قضية كشوف العذرية رغم خطورة الموقف اجتماعيا فى الصعيد


أنت الآن حر بما يكفى لأن تقولها حتى ولو مرة فى العمر.. أنت الآن خفيف بما يكفى لأن تطير ولو دقيقة فى الفضاء الحر.. لابد أن تفعلها مرة واحدة فى حياتك.. وتكسر القيود وتعبر جسور الرهبة لتصل إلى قدرك المختار.. وهذا ما فعلته سميرة إبراهيم محمد الفتاة الصعيدية التى شاركت فى احداث ثورة يناير والقى القبض عليها فى فض اعتصام 9 مارس وتعرضت لأقصى أنواع التعذيب والانتهاك فيما عرف بعد ذلك بفضيحة «كشوف العذرية»، ومع ذلك.. قررت استئناف الرحلة وقدمت دعوى قضائية ضد المشير وكبار مساعديه.

سميرة إبراهيم.. الفتاة القادمة إلينا من سوهاج، قلب الصعيد البعيد الذى يعيش فى ربيع دائم للفقر والمعاناة.. حملت أحلامها لوطنها المراد فى حقيبة السفر، ومزقت أوراق الهجرة والبعد وراحت تبحث عن نفسها من جديد بين الملايين المتدفقة فى لحظة العبور الكبري..

اختارت سميرة المشاركة فى الاعتصام الذى بدأ فى 25 فبراير وتم فضه بالقوة من قبل الشرطة العسكرية، وخرج البيان العسكرى الشهير «نعتذر ورصيدنا لديكم يسمح» وتم استئناف الاعتصام الذى أسقط حكومة شفيق حتى 9 مارس حين قررت الشرطة العسكرية بمشاركة البلطجية فض الاعتصام بالقوة والقاء القبض على 170 شابا و17 فتاة، وكانت كاتبة هذه السطور الفتاة رقم 18 فى قائمة البنات المقبوض عليهن فى هذا اليوم، والتقيت بسميرة داخل منطقة المتحف المصرى التى جمعوا فيها البنات والشباب المقبوض عليهم أثناء فض الاعتصام.

بعد تقييد أيادى كل البنات بعنف مفرط، بدأت حفلة السب والقذف بحق البنات وتعامل ضباط الجيش والشرطة العسكرية معهن وكأنهن خارجات للتو من بيوت الدعارة وليس من الاعتصام، وتم الاعتداء على بعضهن أثناء ركوب اتوبيس الجيش حتى وصلنا للمنطقة العسكرية المركزية فى مصر الجديدة، وخرجت من هناك مع الصحفيين المقبوض عليهم وبقى الـ17 فتاة ومن بينهن سميرة ابراهيم محمد واستكملن رحلة المعاناة القاسية.

نقلت المجموعة إلى النيابة العسكرية ثم إلى السجن الحربى، وتعرض الشباب إلى حفلة تعذيب واهانة، وتعرضت البنات إلى ما هو أبشع وهو ما عرف بعد ذلك بفحوص كشف العذرية.. روت سميرة ما حدث لها مع 6 بنات أخريات حين دخلن السجن الحربى وادخلتهن السجانة إلى غرفة مفتوحة النوافذ وتبين بعد ذلك أنها غرفة الطبيب العسكرى الموجود فى السجن الحربى، ثم طلبت منها السجانة خلع ملابسها للكشف عليها، ولم يدرك بعض البنات فى البداية حقيقة الكشف، لكن البنات طلبن من السجانة اغلاق نوافذ الغرفة وإخراج العساكر منها، لكنها رفضت وضربتها واستخدمت معها الكهرباء لإخضاعها للكشف الإجبارى على مرأى ومسمع من الموجودين فى انتهاك واضح وصريح للفتيات، ولم يكن هناك أى هدف من حفلة التحرش والانتهاك الجماعى التى جرت وقائعها فى السجن الحربى إلا إذلال الفتيات المشاركات فى الاعتصام وعدم خروجهن من بيوتهن مرة أخرى بعد هذه التجربة المرة القاسية..

بالطبع نجحت الطريقة التى استخدمتها الشرطة العسكرية فى اذلال الفتيات وكسر إرادة بعضهن، فبعد هذه التجربة دمرت حياة بعضهن واحتاجت إحداهن للتأهيل النفسي.. لكن بعضهن خرج أقوى ويعرفن طريقهن على نحو أفضل، وبالطبع اقصد بذلك سميرة محمد ابراهيم التى عادت إلى بيتها بعد أربعة ايام من الغياب وانقطاع الاتصال مع اهلها طوال مدة الاعتقال.. عادت ولم تخف شيئا عن ابيها واسرتها وقالت كل شىء..

لم تكن التجربة بسيطة، ولم تكن سميرة ضعيفة فى مواجهتها بل استمدت من أبيها طاقة جديدة جعلتها تخوض معركتها ضد الذين حاولوا كسر إرادتها بإهانة جسدها.. قال الاب الصعيدى لابنته الثائرة بعد هذه الرحلة..«التاريخ يعيد نفسه معاكى يا بنتي».. كان الاب يقصد بهذه الجملة أن ابنته التى خرجت من السجن الحربى بالحكم عليها بسنة سجن مع ايقاف التنفيذ فى القضية رقم 246 لسنة 2011 جنايات عسكرية شرق القاهرة بتهمة حمل زجاجات مولوتوف والاعتداء على ضباط الجيش أثناء تأدية وظائفهم وتكسير الرصيف، تعيد تجربته حين حوكم عسكريا هو الآخر فى تسعينيات القرن الماضى على خلفية قضية الشروع فى قتل اللواء زكى بدر وزير الداخلية الأسبق، ولما تأكدت براءته من القضية تم العفو عنه.. الاب حوكم عسكريا فى عصر المخلوع مبارك والابنة حوكمت عسكريا فى عهد المشير ومجلسه العسكرى .. والفروق بينهما لاتذكر فى جميع الاحوال.

لم تعلن سميرة إبراهيم انسحابها من الاحداث بعد هذه الوقعة المؤلمة، وقررت استئناف الرحلة من حيث انتهت، ووقف إلى جوارها الاب، حين قال لها «نحاول ناخد حقنا بالقانون» وحينها فكرت سميرة فى تقديم بلاغ ضد الانتهاكات التى تعرضت لها، اتصلت بى بعد تحويلى للنيابة العسكرية فى شهر يونيه الماضى إثر نشر ملف انتهاكات الجيش، وأكدت تضامنها معى، وحين ابلغتها أننى قدمت بلاغا ضد قيادات الجيش فى الانتهاكات التى تعرضنا لها فى 9 مارس، ابلغتنى قرارها هى الاخرى بأنها تنوى تقديم بلاغ فى النيابة العسكرية ضد قيادات الشرطة العسكرية الذين اشرفوا على عملية فحوص العذرية، وبالفعل قدم احمد راغب واحمد حسام المحاميان بمركز «هشام مبارك» للقانون بلاغا للمدعى العام العسكرى بشأن ما تعرضت له سميرة ابراهيم محمد وباقى المقبوض عليهن يحمل رقم 386 إدارى حصر تحقيق عسكرية شرق القاهرة، وقامت النيابة العسكرية بأخذ اقوال سميرة ابراهيم، كما استدعت النيابة العسكرية الطبيب الذى اشرف على عملية كشوف العذرية ومجند جيش لأخذ اقوالهما فى القضية، وحين حاول المحاميان تصوير اوراق القضية رفضت النيابة العسكرية وقالت إن التحقيقات العسكرية سرية!!

ومنذ هذا الوقت لم تتحرك قضية سميرة إبراهيم خطوة للأمام.. الامر الذى دفع ثلاثة مراكز حقوقية ( هشام مبارك- النديم- المبادرة المصرية للحقوق الشخصية) إلى تقديم طعن على الحكم الصادر بحق سميرة ابراهيم، وكذلك دعوى ضد كل من السيد رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع والمدعى العام العسكرى والسيد قائد المنطقة المركزية أمام محكمة القضاء الإدارى لوقف ما عرف إعلاميا بكشوف فحص العذرية التى تتعرض لها الفتيات المصريات عند إلقاء القبض عليهن وإيداعهن السجن الحربى، وطبقا لعريضة الدعوى التى قدمها احمد راغب المحامى مدير مركز هشام مبارك للقانون أن ما تعرضت له سميرة والفتيات فى السجن الحربى مخالف للإعلان الدستورى والقوانين وكذلك للمواثيق الدولية التى تنص على عدم التمييز ضد المرأة وكذلك مخالف لنص قانون القضاء العسكرى ذاته رقم 25 لسنة 1968 الذى يؤكد محاكمة المدنيين أمام قاضيهم الطبيعي..

كما اوردت صفيحة الدعوى المقدمة إلى محكمة القضاء الادارى أن قانون تنظيم السجون رقم 396 لسنة 1956 لم يتضمن اى اشارة من قريب اوبعيد باخضاع المودعين بالسجون إلى فحوص إجبارية وخصوصا كشوف للعذرية إلا فى حالة وحيدة وهى إصابته بمرض يهدد حياته بالخطر، ولا توجد أى تشريعات تبيح إخضاع المصريات لكشوف للتأكد من عذريتهن، ولذلك طالبت صحيفة الدعوى بوقف تنفيذ إجراء فحوص طبية إجبارية وعلى الاخص كشوف العذرية على الفتيات الخاضعات للاحتجاز بأماكن الاحتجاز التابعة للقوات المسلحة أو أى من ثكنات الجيش أو معسكراته.

خلال 3 جلسات مضت، قدم المحامون العرائض والاوراق والمستندات، وحددت محكمة القضاء الإدارى يوم 29 نوفمبر موعدا للنطق بالحكم فى قضية سميرة ابراهيم محمد ضد المشير وكبار مساعديه لوقف فضيحة كشوف العذرية.

ووسط خضم هذه المعركة التى تخوضها سميرة ابراهيم التى تعمل مدربة تنمية بشرية فى سوهاج، تعرضت لتهديدات عديدة لوقف قضيتها ومنها رسائل وصلت لها على تليفونها المحمول تحذرها من مصير خالد سعيد وأخرى تقول لها«الثورة مش هتنفعك».. لكنها ماضية قدما نحو طريق اختارته لنفسها بكل جرأة وتحد