عاطف حسانين يكتب: عن بلال فضل مؤذن ثورة الانتقام!

مقالات الرأي


عاجل: سكان جهنم يرفضون استقبال معمر القذافى .. هكذا عبر كاتبنا عن مقتل القذافي من الزاوية التي يرى منها الحدث، لم ينظر أبدا إلى الوحشية والهمجية التي تعامل بها الثائرون مع رجل أصبح في حكم الأسير، وأن طغى وإن تجبر وإن ظلم وقتل.

وبنفس هذه الكلمات يفتتح مقاله في جريدة التحرير، مبديا سعادته بالتعليقات التي انهالت على تويتته العبقرية المتشفية السقيمة بداء انفلوانزا الغل قائلا:

تلقيت تعليقات كثيرة ردا على هذه التويتة أطرفها كان تعليقا من الصديق محمد الخازندار: والقذافى يرد على سكان جهنم: «أنا دافع ثمن بقائى هنا ..

بهذا اللون الأسود يلون سيدي بلال صوره من أسوأ صور الثورة الليبية بأبشع الوان التشفي.

كنت أنظر إليه باعتباره أحد رموز الثورة المصرية، كان مؤذنا بالحرية والعدالة الاجتماعية ورفع المظالم، وظل على دأبه حتى تنحى الرئيس السابق.

ثم رأيته بعد ذلك يبين عن ندبة غائرة في وجه الثورة الجميل. ندبة الانتقام والثأر والتشفي. حتى تبدل نداؤه: حي على الحياة، أثناء الثورة، إلى حي على الانتقام بعدها.

كنت أظنه أحد الذين سيبنون مصر بعد الثورة ويأخذونها للنور.. لكنه اختار أن يكون من دعاة الظلام، وأصحاب البحث عن الانتقام في ثوب العدل، والنبش في قبور الماضي بأشد مكن تطلعه للغد، لقد أخذ من تبعه معه في صلاة لا ركوع فيها ولا سجود، صلاة على جسد مصر الميت الذي كان ينتظر منهم أن يبثوا فيه روح الحب والإخاء والأمل كي يحيا من بعد موت وينهض من بعد رقود.

ومن فرط ما اعتبر أن محاكمة مبارك قضية أمن قومي، وأنه لا غد لمصر إلا بعد القصاص، أرسلت له رسالة أحثه فيها على النظر لأبعد من قدمي الثأر، وأن ليس القصاص دائما هو الذي يهب الحياة، وأن كثيرا ما كان العفو هو السبيل إلى الرشد والرشاد، فكتبت أقول له في 15/7/2011:

أخي الكريم بلال فضل:

قطارك يسير بسرعة شديدة، ولا تعطي لنفسك الفرصة لتهدأ وتهدئ من روعك وتعيد النظر من زوايا أخرى، ولا يمكن لقطار يسير بسرعة 200 كم /ساعة أن يدعي قائده أنه رأى تفاصيل شجرة على جانب الطريق!

إن مبارك ليس أسوأ من أبي سفيان يا عزيزي

هل تتذكر ماذا فعل النبي محمد.. الثائر الحق معه يوم فتح مكة

لم تعرف الدعوة الإسلامية في بقاع الأرض رجلا ناصب النبي العداء مثل ما فعل أبو سفيان، ذلك الرجل صاحب السلطة والسطوة والمال، ذلك الرجل الذي امتلأ قلبه بالحقد على النبي محمد، ذلك الرجل الذي كلما أطفأ الله نارا للحرب على نبينا الهادي أشعلها بكبره وتسلطه وعناده، وخوفه على جاهه وسلطانه..

لقد كان أحد أشراف مكة الذين قتلوا وعذبوا المسلمين الضعفاء في بداية الإسلام..

وكان سببا رئيسيا في أن يهجر هؤلاء المساكين له بيوتهم وأموالهم خوفا من بطشة ومن حوله من سادة قريش..



وكان أحد قادة مكة الذين سعوا لفرض الحصار على النبي الكريم، في شعاب أبي طالب، بعد أن كتبوا كتاب المقاطعة والحصار قد كتب على جلد مقدس كان جزءاً من ثياب الكعبة من قبل، وعلق على جدار مقدس هو جدار الكعبة، وينص الكتاب على وجوب مقاطعة محمد وأصحابه دينياً، وبأمر من الآلهة التي كانت آنذاك جاهزة لتنزل لعناتها وتصب جام غضبها على أولئك الذين يظهرون أي لون من التعاطف مع الدين الجديد!!

وبالفعل تم الحصار في شعب أبي طالب، ووقف في مقدمة أشرار مكة على تخوم شعب أبي طالب يمارسون أبشع أنواع القطيعة للأهل والرحم والقرابة والعترة ولا يبالون بما ينال النساء والأطفال والشيوخ على عكس عادة العرب.


ويذكر التاريخ أن الحصار اشتد وعانى المسلمون الأمرين من مرارة الجوع ومرارة الحصار، وواستبد بهم الجوع حتى أكلوا أوراق الشجر، وسمع بكاء الصبية خارج الشعب..


لقد كان أبو سفيان كان في مكة أحد رؤوس العداء، وربما تتذكرون أنه بعد معركة بدر وقتل جبابرة مكة من قبل علي وحمزة وبقية المسلمين، صار أبو سفيان رأس العداء، وقاد كل الحروب ضد النبي الخاتم صلوات الله عليه وآله وخاصة حربي أحد والخندق.


وأنه أول من نادى للقاء المسلمين في غزوة أحد، وأنه صعد الجبل حين انهزم المسلمون، بعد أن مكث وقتا يبحث عن جسد رسول الله بين القتلى فلم يجده، وظل ينادي يا محمد يا محمد، فأذن رسول الله لسيدنا عمر أن يجيبه، وسأل سيدنا عمر هل مات محمد، فأجابه بانه حي، ودار الحوار الشهير الذي قال فيه أبو سفيان لسيدنا عمر: يوم بيوم بدر، ألا إن الأيام دول، فقال عمر: لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، فقال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فأجابه سيدنا عمر: الله مولانا ولا مولى لكم!


فإذا كان هذا بعض ما فعل أبو سفيان برسول الله والضعفاء من المسلمين فماذا كان يستحق من رسول الله وقد قدَّره الله عليه، وأذله بقدرته؟


كان بإمكانه أن يصلبه على أبواب مكة


كان يستطيع إن أراد أن يقتله انتقاما للفقراء الذين سلبهم أموالهم، وقتل بجبروته بعضهم، وبحق البسطاء الذين عذبهم، وجعلهم يهجرون ديارهم ويهاجرون في سبيل الله سرا، هربا من بطشه عليهم.


كان يمكن أن يطالبه بدماء المسلمين وأموالهم وديارهم..


كان يمكن أن يفعل ذلك قصاصا، من منطلق الآية: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ..


لكنه اختار الرحمة. بل وأكرمه بأن من دخل داره فهو آمن.. أرأيتم عظمة النبي الخاتم.


سامحه وعفا عنه، ليضرب على مر التاريخ أروع الأمثال للثائر الحق..


ويعلم كل من في الأرض أنه حين ثار من أجل الحق والعدل.. ثار أيضا من أجل أن يؤسس لهذه الدولة، ويرفع قواعد الحق والعدل على أساس من الرحمة والعفو...


سامحه لتعلم البشرية على مر العصور أن الثائر الحق هو:


من يعفو حين يقدر


ويرحم حين يملك


ويعلم كل من له حق عنده من المسلمين، وكل مظلوم ظلمه أبو سفيان وقومه، أن ديننا الحنيف، ليس دين انتقام وتشف، وثأر وقصاص، بل هو دين رحمة وقيم، وشكر لله على أن نصرنا بأن نعفو عمن ظلمنا.

إنني أوجه حديثي إليك لعلمي مدى تأثيرك على قاعدة عريضة من الناس، فلماذا لا تنادي بالقيم الروحية، فإن كانت الثورة بلا رأس، فلا داعي أن نجعلها بلا رأس وبلا قيم نبيلة!

تخيل لو خرج بيان باسم الثورة الآن بأن الشعب المصري يعفو عن هذا الرجل الذي شارك في إذلال عدونا ونعفو عما فعله بنا ابتغاء مرضاة الله فيه

.. وأننا أردنا بذلك أن نطبق روح ديننا وإتن كان شرع ربنا يمكننا من القاص منه بحقوقنا ولا تثريب علينا...

أقول تخيل هذا فقط

أليس في هذا تعبير عن روح الإسلام وسماحته.. أليس هذا الموقف كفيلا بتصحيح صورة الإسلام في العالم التي لن يصلحها آلاف الأعوام وآلاف المواقف

..



لماذا لا يستغل الثوار هذه الفرصة ابتغاء مرضاة الله ودعوة إلى الله، أتدري ربما يدخل بسبب هذا الإسلام قوم يكانوا يجهلون، كما حدث في عهد النبي حين كان العفو منه بابا للدعوة إلى الله..

ما الذي يمنعنا.. روح فرد واحد وصل إلى أرزل العمر أمام صورةة الإسلام!!!

غير أنه قصر النظلر والغل الذي في الصدور!، وربما التمسك بحق شخصي لو تنازلنا عنه لله وفي سبيله لربح الدين ولربحنا جميعا..

ما رأيك أنت

تخيل وأجبني بالله عليك

عاطف حسانين



رد أخي الأستاذ بلال فضل:

أخي الكريم عاطف

أتمنى من الله أن يصيبك ظلم فيرميك قناص برصاصة لتطير عينك...

وساعتها أريدك أن تسأل نفسك ماذا فعل النبي بأبي سفيان

ياراجل اتق الله ولا تكن من الذين يلبسوا الحق بالباطل

مع تحياتي لك

بلال



وهكذا انتهت دعوتي إليه بتغليب الحب على الكراهية، إلى أن يدعو علي بالعمى! واليوم وبعد هذه الشهور التي مضت يأتي سيدي بلال مؤذن ثورة الانتقام ليدوس على جسد القذافي بكلماته ضاحكا معتبرا أن حتى جهنم خسارة فيه.. وكأنه يصر أن تكون الثورة.. أي ثورة.. بلا قيم.