مساء اليوم : فلسطين في الأمم المتحدة .. بداية دولة وغول الفيتو
تصل اليوم الجمعة الجهود التي تقوم بها القيادة الفلسطينية في الأمم المتحدة محطتها الى الأخيرة بتقديمها طلبا لمجلس الأمن للحصول على اعتراف بدولة مستقلة على حدود العام 1967، رغم 'الفيتو' الأمريكي. وعلمت 'القدس العربي' ان المبادرات التي قدمت خلال الساعات القليلة الماضية ومنها الفرنسية والهادفة لإطلاق المفاوضات لن توقف تقديم طلب العضوية حيث ستتتم دراستها من قبل القيادة عقب عودتها لرام الله.
وكافح دبلوماسيون غربيون لايجاد صيغة باللحظة الاخيرة لتجنب خلاف وازمة مع اقتراب موعد تقديم الطلب الى الامم المتحدة.
ومن المقرر أن يقدم اليوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعقب إلقائه خطابا أمام الجمعية العامة طلباً لمجلس الأمن، يطالبه بالتصويت لصالح منح فلسطين صفة دولة كاملة العضوية في المنظمة الدولية.
وسيقدم الطلب الفلسطيني رغم عدم تأكد حصول الفلسطينيين على موافقة تسع دول من الأعضاء في المجلس، وكذلك رغم تأكيد الولايات المتحدة أنها ستستخدم 'الفيتو' لإفشال الطلب.
وقال ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الموجود مع الوفد الفلسطيني في نيويورك ان الطلب سيقدم في موعده الجمعة، وانه لا يوجد اتفاق على أي مهلة تمنح لمجلس الأمن بخصوص الطلب الذي سيقدم إليه 'عدا المهلة القانونية التي تتطلبها عملية دراسة هذا الطلب'، ونفى عبد ربه وجود أية ترتيبات لعقد لقاء بين الرئيس ووزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، غير انه قال ان عقد لقاءات ثنائية بين الجانبين 'أمر لا ضير منه'.
وأكد عبد ربه في تصريحات نقلتها الإذاعة الفلسطينية أن الموقف الفلسطيني تم تحديده، وأبلغه الرئيس عباس للرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال لقائهما فجر الخميس، ومفاده أننا سنتوجه إلى مجلس الأمن ولا نرغب أن يكون هناك تعطيل للطلب الفلسطيني.
وكشف عريقات أن الرئيس عباس أبلغ أوباما رفضه لأي 'مناورات سياسية أو تلاعب' من شأنه تأجيل بحث الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن، مشدداً على رفض تأجيل الطلب.
وأعلن عن وجود تطور في موقف بعض الدول التي كان يقال إن موقفها سلبي أو ستمتنع عن التصويت مثل نيجيريا والغابون، مشيرا في الوقت ذاته إلى اتصالات من جانب العرب والأصدقاء مع البوسنة من أجل ضمان تصويتها لصالح الطلب الفلسطيني في مجلس الأمن.
واجتمع الرئيس عباس مع نظيره الأمريكي أوباما، غير أن اللقاء فشل في جسر الهوة بين مواقف الرجلين، بسبب استمرار معارضة الأخير للخطوة الفلسطينية، حيث أبلغ عباس مجدداً نية بلاده استخدام الفيتو.
وكان الرئيس باراك اوباما التقى رئيس كولومبيا امس الاول للتأكيد على ان كولومبيا لن تصوت لصالح الدولة الفلسطينية، والتقى بعد ذلك برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو سعيد بموقف كولومبيا. ووصفت صحف عبرية امس اوباما بأنه سفير اسرائيل بالامم المتحدة. وقالت الصحف ان اوباما اطلع الوفد الاسرائيلي على كلمته قبل القائها بالامم المتحدة، ونالت استحسان الوفد الاسرائيلي.
وندد الفلسطينيون خلال تظاهرات نظموها بالضفة الغربية وغزة الخميس بخطاب الرئيس الأمريكي أمام الجمعية الأمم المتحدة الخميس والذي جدد فيه معارضة بلاده لطلب عضوية لدولة فلسطين بالأمم المتحدة. واتهم الفلسطينيون خلال تظاهرة في مدينة رام الله، أوباما بـ'الانحياز' لصالح اسرائيل، معبرين عن رفضهم للضغوط الأمريكية لوقف التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة وإبداء الدعم للمواقف الإسرائيلية. وندد متظاهرون في مدينة نابلس بخطاب أوباما واعتبروا الرئيس الامريكي 'شريكا' لإسرائيل في استمرار احتلالها للأراضي الفلسطينية.
وفي غزة تظاهرت مئات النساء امام مقر الامم المتحدة في مدينة غزة الخميس للتعبير عن احتجاجهن على خطاب الرئيس الامريكي في الامم المتحدة وتأييدهن لتوجه الرئيس محمود عباس لطلب العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة الدولية.وشارك في هذه التظاهرة مئات من النساء من اتحاد المرأة الفلسطينية ومن فصائل مؤيده لمنظمة التحرير الفلسطينية.
إلى ذلك، أكد الدكتور صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هو الآخر على تقديم الطلب في موعده، وقال لـ 'القدس العربي' حين سألته إن كانت مبادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجديدة من شأنها إلغاء الطلب 'سيقدم الرئيس الطلب الجمعة (..) والتفويض الذي حصلنا عليه من القيادة الفلسطينية قبل سفرنا يقضي بتقديم الطلب فقط'.
وأشار إلى أن المبادرة الفرنسية سيتم تقييمها ودراستها من قبل القيادة الفلسطينية عند عودتها من نيويورك إلى رام الله، مؤكداً أن وفد القيادة الموجود في نيويورك الآن 'لا يستطيع إعطاء رأي في مبادرة ساركوزي'.
ولم يشأ عريقات إبداء رأيه في المبادرة، وقال الجهود منصبة على تقديم الطلب لمجلس الأمن.
وطالب عريقات الدول العربية باستخدام 'لغة المصالحة' في تعاملها مع الإدارة الأمريكية، للضغط عليها بسبب تحيزها لإسرائيل، وقال مخاطباً العرب 'تحدثوا مع الولايات المتحدة بلغة المصالح التي لا تفهم غيرها'.
وأكد المسؤول الفلسطيني على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بيده، لا أن يترك هذا الحق بيد إسرائيل.
ونفى عريقات خلال تصريحاته لـ'القدس العربي' ما ذكرته بعض وسائل الإعلام عن تراجع بعض الدول العربية عن دعمها للموقف الفلسطيني القاضي بالذهاب لمجلس الأمن، مشيراَ إلى وجود بيانات رسمية من كل الدول العربية بموافقتها على التوجه الفلسطيني، كما عبرت عنه في اجتماعات لجنة المتابعة العربية.
وكانت تقارير نقلت عن مصادر قولها ان بيانا للرباعية الدولية سيدعو لاستئناف المفاوضات في غضون شهر وسينص على ضرورة التوصل لاتفاق على قضيتي الحدود والأمن خلال نصف سنة، على أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام في غضون عام.
وإسرائيلياً قال وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان الموجود في نيويورك ان الخطاب الذي سيلقيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة 'لن يتضمن مفاجآت دراماتيكية'.
وأوضح في سياق مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية أن نتنياهو سيدعو مجددا إلى استئناف المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين دون شروط مسبقة.
من جهتها دعت شيلي يحيموفيتش التي انتخبت فجر الخميس رئيسة جديدة لحزب 'العمل' الإسرائيلي، نتنياهو إلى عدم الاكتفاء بإلقاء 'كلمة ممتازة'، بل الإعلان عن 'موافقة إسرائيل على الاعتراف بدولة فلسطينية ستقام إلى جانب إسرائيل من خلال المفاوضات'.
وقالت في كلمة الفوز أمام جمهورها 'يتعين على نتنياهو منع السيناريو الخطير المتمثل بإعلان أحادي الجانب عن إقامة الدولة الفلسطينية'.
الى ذلك قررت الشرطة الإسرائيلية رفع حالة التأهب في صفوفها اعتبارا من الجمعة تحسبا لوقوع تظاهرات وأعمال مخلة بالنظام في ظل التوجه الفلسطيني إلى الأمم المتحدة.
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الخميس أن الشرطة ستنتشر بقوات معززة في محيط الحرم القدسي الشريف وفي الأحياء الشرقية من القدس وعلى امتداد خط التماس والمعابر على أن تنتهي حالة التأهب صباح السبت وفقا للتطورات ميدانيا.